محاكمة الربيع العربي من مصر إلى سورية
مقال للكاتب عثمان ميرغني في صحيفة الشرق الأوسط.
عامان مرا على الربيع العربي. إحساس عارم بالخوف من مستقبل غامض. إضطرابات تمتد من تونس إلى اليمن، ومن ليبيا إلى مصر. أما سوريا فهي قصة أشد إيلاما.
محاكمة الربيع العربي، أمر لا مفر منه، لكن الجزم بأنه كان خطأ هو المشكلة، لأن هذا يعني القبول بأنظمةٍ مستبدة، فشلت في معالجة مشاكل الناس ومحاربة الفساد. هي أنظمة لا يمكن التحسر على رحيلها.
الثورات لم تكشف فقط فشل الأنظمة السابقة وفسادها، بل عرت النخب العربية التي تتحدث كثيراً عن الحرية، لكنها عجزت عن قيادة الجماهير. هكذا عم الإحباط وانتشر العنف والفوضى، حتى ساد الخوف من أن يسير الربيع العربي نحو إنتاج أنظمة إستبدادية ولكن دينية هذه المرة.
"الإخوان" الذين خرجوا من السجون إلى كراسي الحكم وركبوا ثورة الشباب في دول الربيع، كشفوا عن نهم للسلطة. تجربة مصر ستكون الأهم، لأن "الإخوان" هناك هم منبع غالبية حركات الإسلام السياسي، منذ الثورة حتى اليوم لم نر منهم سوى المناورات والنكوص عن الوعود للإنفراد بالحكم. مصر لن تعود إلى مسار التهدئة إلا إذا توافق الجميع على أن التوصل إلى حوار ينقذ البلد. لتحقيق ذلك، على "الإخوان" العدول عن نهجهم والقبول بإعادة النظر في الدستور ليكون وثيقة وطنية لا حزبية.