أميركا في ذكرى الاستقلال: مكابرة وارتباك وتصدع في بنى مؤسسات الدولة

يعتقد الأميركيون ان نظام بلادهم السياسي هو الأمثل والأفضل في العالم، لكن تبرز مؤشرات تدل على تصدع آليات الحكم والأجهزة المتعددة وتوارث التوازنات فيما بينها، وهناك حالة إحباط عام من القادة والمؤسسات السياسية.

مؤشرات تدل على تصدع آليات الحكم والاجهزة المتعددة في الولايات المتحدة
 يشب الفرد الأميركي منذ نعومة اظفاره متشبعاً بنموذجية واستثنائية نظام بلاده السياسي، ويزّج به بإتجاه أنه النظام الأمثل والأفضل في العالم مرجعيته نصوص الدستور وفصل السلطات فيما بينها، من ناحية، وبين السلطة الدينية، بل لما يتميز عن نظام أسلافه في الإمبراطورية البريطانية؛ واحتكاره الميزات والخصوصيات والتحكم بمقدرات الشعوب البشرية.في ذكرى احتفال الولايات المتحدة "باستقلالها" عن أصولها الامبراطورية وزهوها بنص دستوري يعطي مواطنيها الحقّ في اسقاط الحكومة التي تنتهك حرياتهم، برزت حديثاً مؤشرات تدل على تصدع آليات الحكم والأجهزة المتعددة وتوارث التوازنات فيما بينها، بالتوازي مع تنامي مشاعر جماعية ضد استغلال الحكومة لنفوذها للحد من الحريات المدنية المصانة بدلاً من تعزيزها وحمايتها.
مؤشرات استطلاعات الرأي، التي إبتكرتها القوى النافذة في السلطة لتشريع تدخلها في الوقت الأنسب لخدمة مصالحها، تشير مؤخراً بوتيرة ثابتة إلى حالة الإحباط العامة من القادة والمؤسسات السياسية، وانحراف مؤسسة المحكمة العليا عن رسالتها في الإنتصار لأولوية النصوص الدستورية على الممارسات المُخِلّة بالتوازن والإصطفاف إلى جانب فريق ضد آخر، مما استدعى قوى كبيرة وشرائح متضررة إلى الاحتجاج والتظاهر باستمرار ضد توجهاتها المقيّدة للحريات.
 في الجانب التقني البحت، أصدرت المحكمة العليا قرارات أربعة متتالية، الأسبوع الماضي، أرضيتها المشتركة أن ادارة الرئيس اوباما "تجاوزت نطاق صلاحياتها الدستورية" وقوّضت مساحة الحرية، ليس صونا لنصوص الدستور كما تفترض مهمتها ومبرر وجودها، بل اصطفافا لجانب القوى المناهضة لسياسات الإدارة الداخلية، أبرزها برنامج الرعاية الصحية الشامل – اوباما كير، ومصالح الشركات والمصالح الاقتصادية الضخمة. أيضا، عززت قرارات المحكمة العليا جنوح القوى الإجتماعية المحافظة توجيه غضبها واحباطها السياسي نحو ما تصر على تسميته "الهجرة غير الشرعية" لمواطني دول أميركا الوسطى واللاتينية إلى الأراضي الأميركية، واحتجاز الناجين من عذاب الرحلة، صغاراً وكباراً من الجنسين، في معسكرات اعتقال لاذلالهم قبل اعادتهم قسراً الى المناطق الحدودية المشتركة مع المكسيك.
بالمقابل، سارع الرئيس اوباما، في ذكرى الاستقلال، إلى ترويج "تاريخ البلاد الغني كدولة مكونة من المهاجرين تمتثل لسلطة القانون"، التي تشكل إحدى ثوابت الخطاب الرسمي الأميركي، داخلياً وعالمياً.
الاحتجاجات الشعبية تدل على تنامي الشرخ الإجتماعي، بجذوره السياسية والإقتصادية، مما يستدعي التساؤل إن كان المجتمع الأميركي على أبواب انشقاق أوسع وتصاعد موجات الإحتجاج.
المرجح الأكبر أن المشهد الأميركي مقبل على تنامي وتيرة الاحتجاجات والتظاهرات يعززها تفاقم الفروقات الإجتماعية والإقتصادية وتراجع مساحة الحريات وتنامي المعارضة للمتضررين من سطوة الأجهزة الأمنية التي لا زالت أسرار تدخلاتها في صغائر الحياة اليومية للمواطنين تتوارد باضطراد.
أوضاع وصفها استاذ القانون في جامعة هارفارد، لورنس لَسيغ، بالقول "يعتقد الأميركيون من كافة انتماءات الطيف السياسي أن النظام السياسي الأميركي محطم ومعطل. ما ينوف عن 90% منا (كمواطنين) يرجّح جذر الفشل إلى دور المال الطاغي على السياسة" والسياسيين.
واضاف محرضا المواطنين على التحرك أن مراكز القوى في "واشنطن معطوبة ولن تبادر لإصلاح نفسها – يتعيّن على المواطنين القيام باتخاذ مبادرات" لوضح حد لفساد رأس المال والسياسيين. وتنوعت المساهمات والتحقيقات الساعية لإماطة اللثام عن آليات نظام الحكم الأميركي، قلة منها لامست جوهر النظام وتركيبته والغوص في القوانين الإجتماعية والتاريخية الناظمة، ولجأ الجزء الأكبر منها إلى اطلاق الأحكام الجاهزة والمعلبة طمعاً في التغني بمحاسن النظام مقارنة بالنظم الأخرى، لا سيما في عدد من الدول النامية ومن ضمنها الدول العربية، في حين تنعدم أرضية المقارنة العلمية بين نظم معظمها جيء به لتأدية وظيفة أو جملة وظائف محددة خدمة للنظام السائد ومفاضلة النمط الغربي والاميركي تحديداً.
بجرعة واقعية وموضوعية تدعمهما دقة السرد والتحليل سنسلط الضوء للتعرف النقدي على كنه الآليات والعلاقات الناظمة بين المواطنين الأميركيين والسلطة السياسية وتقديمه للجمهور بمقاربات واقعية  لما اضحى ملموس لديه من اتضاح الشرخ الفاصل بين الدعاية والواقع.سلطات حكومية محدودة، فصل بين السلطات وسيادة مشتركة.

سلطات حكومية محدودة، فصل بين السلطات وسيادة مشتركة

  تركيبة النظام الأميركي تقف على دعامة فصل السلطات عن بعضها وتعزيز مبدأ الحكم بالتوافق والشراكة بين المكونات الثلاث: التنفيذية أي الرئاسة، والتشريعية وهو الكونغرس بمجلسيه، والقضاء ممثلاً بالمحكمة العليا، درءاً لإحتكار السلطة من قبل إحداهن على حساب الأخريتين.
مسألة السيادة "الوطنية والقومية" هي ايضاً مسألة مشتركة بين الحكومة المركزية وسلطات الولايات المحلية والشعب، تم التوصل إلى صيغتها بعد صراع التجربة والخطأ استمر لنحو 15 عاماً قبل رسوّ الإختيار على الصيغة الراهنة. صيغة الحكم الأولى أضحت تعرف بمجلس "الكونغرس القارّي" الذي التأم يوم 5 أيلول/سبتمبر 1774 وانتخب "بيتون راندولف" رئيساً له الذي بات الرئيس الأول للإتحاد الأميركي.
ورغم اضطلاعه بالسياسة الخارجية وصلاحيات شن الحروب، إلا إن سلطته الحقيقية كانت محدودة الطابع، نظراً لطبيعة تكوين المجلس كإطار جامع "لدول أو ولايات سيادية" تحد من سلطاته إلاّ اذا توصلت إلى اجماع فيما بينها.
مع نشوب الحروب وامتدادها في تلك الفترة اثبتت صيغة "الكونغرس القارّي" عن قصورها وعمق مواطن ضعفها، مما استدعى "المسؤولين" استبدالها بنظام يحتكم إلى إعلان مواد كونفدرالية، الذي رسم حدود السلطات المتاحة في أيدي الحكومة المركزية، مقابل اقراره بمبدأ السيادة التامة للولايات المحلية على أراضيها، واستمر العمل بتلك الصيغة نحو عقد من الزمن 1779 الى 1788.
وعقب اكتشاف مواطن ضعف بنيوية في تلك الصيغة تم التوصل إلى طرح مشروع دستور، الذي بعد المصادقة عليه أضحى دستوراً معتمداً لغاية الزمن الراهن. بيد أن ذلك لم يبدد مخاوف الولايات المحلية من تمركز السلطات الحقيقية بيد الحكومة الفيدرالية، إلى أن تم التوصل إلى وضع بعض الكوابح القانونية في النص، والتي بمجموعها أرست أرضية التوترات وتعارض الصلاحيات التي نشهدها حالياً بين السلطات المركزية والمحلية. ومن بين تلك الكوابح تم اضافة بند على الدستور يقر بسيادة المواطنين المحكومين مقارنة مع الصيغ السابقة التي أرست مبدأ السيادة لسلطات الولايات المحلية، عززها فقرة افتتاحية الدستور التي تنص على "نحن افراد الشعب الأميركي" أثارت جدلاً في مراكز القوى إذ اعتبرت بأنها تقوّض نطاق نفوذها، وللدلالة قال أحد الآباء المؤسسين "باتريك هنري" تندراً بتلك الإفتتاحية "ماذا تعني نحن الشعب في الديباجة؟ الصيغة التي نحن بصددها هي اتحاد كونفدرالي بين الولايات"، شاطره الرئيس المقبل للبلاد، صموئيل آدامز، قائلاً "اجد نفسي أمام عثرة منذ البداية فنحن عبارة عن اتحاد كونفدرالي بين ولايات". وعليه، أرسيت قواعد النظام السياسي على اركان توافقية بين سلطات توزعت على عدة هيئات على خلفية الاعتقاد السائد آنذاك بانها الصيغة الامثل لحماية حقوق الشعب والولايات، مع الأخذ بالاعتبار انه لا يشكل صيغة كفؤة وفعالة لنظام الحكم، بل يحجم نفوذ السلطات المركزية من مراكمة سلطات اخرى.

أثبتت صيغة "الكونغرس القارّي" قصورها وعمق مواطن ضعفها مما استدعى استبدالها

الحكومة الفيدرالية تستمد سلطاتها من الدستور

جدل في واشنطن حول حق الشعب باقتناء السلاح كاحد عناصر الدستور الهامة
الرئيس يطبق القوانين الناظمة ويمارس السياسة الخارجية الى جانب موقعه كقائد اعلى للقوات المسلحة؛ مجلس النواب يتحكم بإقرار الميزانيات ومنوط به التقدّم بميزانية مقترحة وفرض الضرائب؛ مجلس الشيوخ الذي يعد الممثل الاول للولايات اضحى يمارس دوره كمجلس تشريعي، اعلى صلاحياته تتضمن اقرار القوانين والمصادقة عليها، أمّا المحكمة العليا وظيفتها تقتصر على اضفاء التفسير الدستوري على القرارات والاجراءات والتيقن من امتثالها لنصوصه.
سلطة الولايات المحلية منصوص عليها دستورياً عززتها مادتي التعديل العاشرة والحادية عشر.
صلاحيات الشعب: تشمل الصلاحيات الفردية ممارسة حق الإنتخابات لإختيار ممثليهم في مستويات الحكم المختلفة: قومياً ومحلياً ومناطقياً، ورد ذكرها نصاً صريحاً بالدستور واعلان حقوق المواطنين مواد التعديل الدستورية 1 إلى 10، تشمل حريات العبادة والتجمهر والتعبير واقتناء الاسلحة، وتحرم ايواء الجنود الهاربين إبّان زمن السلم، والحصانة ضد التفتيش الشخصي، وحقوق المتهمين لإجراءات محاكمة عادلة بحضور وكيل قانوني ومحاكمة امام هيئة محلفين، وحظر العقوبات المفرطة، والإقرار بأن كافة الصلاحيات الأخرى غير المنصوص عليها لصالح الحكومة الفيدرالية أو مجالس الولايات المحلية هي ملك الشعب.
تجدر الإشارة إلى أن اعلان الإستقلال ونصوص الدستور الأميركي بهما إقرار أن "السيادة هي بيد الشعب في نهاية المطاف وأن الحكومات تستمد سلطاتها من موافقة المحكومين وأينما نجد أن نظام الحكم  أصبح يهدد الغايات المقصودة، فمن حق الشعب النهوض لتغييره أو ازاحته، وتنصيب حكومة جديدة."أعيدت المصادقة على هذا النص من قبل المحكمة العليا عام 2008 أثناء البت في قضية مرفوعة ضد السلطات المحلية في واشنطن العاصمة، إذّ اكدّت "العليا "على "حق الشعب اقتناء السلاح كأحد عناصر الدستور الهامة بحكم أنه أوفر قدرة لمقاومة الإستبداد". 
نظريا، توفر النصوص الحقوقية للشعب الأميركي التمتع بصلاحيات غير متوفرة في عدد من الدول والنظم الأخرى، ويتم استحداث وإدخال النص في الخطاب اليومي كوسيلة تذكّر الأميركيين "بتفوق" نظامهم السياسي ودلالة على فشل المساعي المتتالية للهيئات الحكومية الحد من انتشار السلاح الفردي في المواطنين الأميركيين.
في هذا السياق، تنبغي الاشارة إلى سعي الحكومة المركزية، وخاصة السلطة التنفيذية ممثلة بالرئاسة، بثبات وإصرار على تركيز السلطات بيدها، ومضت قدما دون استشارة السلطة التشريعية، بل حاولت الإستيلاء على صلاحيات تخص الحكومات المحلية حصراً، إلى جانب جهودها لتقييد مجال الحريات العامة. الأمر الذي أثار غضب قواعد شعبية متعددة.
الرئيس أوباما في مواجهة المحكمة العلياتلجأ السلطات التنفيذية، المركزية والمحلية في الولايات، للاحتكام للمحكمة العليا للبت في مسألة استقواء السلطة المركزية وتعديها على صلاحيات الآخرين، اتساقا مع نصوص الدستور المركزي. يشار إلى أن تسليم الحزب الديموقراطي بسطوة اليمين واقطابه من المحافظين الجدد على السلطة التشريعية، إبّان فترة الرئيس جورج بوش الإبن بشكل خاص، أخل بمعادلة التوازن المرجوة وأدى لاحقاً إلى اصدار العليا عدد من القوانين بعيدة المدى المناهضة للرئيس اوباما وحزبه، على الرغم من دعمه وترشيحه لقاضيين من أعضائها خلال ولايته الرئاسية. ومنذ مطلع عام 2009، تعرضت ادارة الرئيس اوباما إلى ما لا يقل عن عشرين قرار هزيمة على ايدي "العليا "، وفقا لما ذكره السيناتور عن تيار "حزب الشاي"، تيد كروز.وقال كروز "إن صافي خسارة الرئيس اوباما من معدل قرارات العليا بالاجماع هو ضعف المعدل تقريبا لما تكبده سلفه الرئيس بوش وما يعادل 25% مما لحق بالرئيس الأسبق بيل كلينتون".
امتدادا لهذا السياق، اصدرت المحكمة العليا قرارا بالإجماع، 9 مقابل 0، اعتبرت أن الرئيس اوباما تجاوز حدود صلاحياته الدستورية عند لجوئه لتعيين ثلاثة مسؤولين خلال فترة إجازة الكونغرس ليتفادى خضوعه للابتزاز السياسي.
 أهمية القرار تكمن أيضا في تأييده لحق مجلس الشيوخ الدستوري التصويت على مرشحين لمناصب حكومية رفيعة.
واتبعت قرارها بصدمة أخرى للحكومة والأجهزة الأمنية إذ صوتت بالإجماع أيضا على قرار يحد من صلاحيات الحكومة وأجهزتها تفتيش الهواتف الشخصية دون توفر أمر قضائي مسبق يسمح بذلك نصاً، وفشل ادارة الرئيس اوباما انقاذ مشروعها للسطو على صلاحيات اضافية تقيد الحريات الفردية.  واستندت المحكمة إلى نص مادة التعديل الدستوري الرابعة التي تحصن المواطنين من تلك الممارسات – التفتيش دون اجازة قضائية.كما قضت المحكمة العليا ببطلان جهود الإدارة الأميركية الزام العمال بعضوية نقابتهم وتسديد رسوم العضوية عند اعتراضهم على توجهاتها السياسية؛ وقضت ايضا بحق المواطنين المناوئين للاجهاض التجمهر والاحتجاج على مقربة من المستوصفات الطبية التي يتم الإجهاض تحت سقفها بذريعة التمتع بحرية الرأي. ومن بين القرارات المثيرة للجدل صادقت المحكمة العليا على حق الشركات والمؤسسات الخاصة برفض ضم وسائل منع الحمل كجزء من برنامج الرعاية الصحية، كما ينص عليه "اوباما كير،" بدافع انها تتناقض مع المعتقدات الدينية لاصحاب تلك المصالح.في المسائل الداخلية الصرفة، اصطفت العليا بقراراتها الى جانب السلطات المحلية في الولايات تعزيزا لسيادتها على قراراتها عند تعارضها مع القرارات المركزية، مما اعاد عقارب الساعة إلى الوراء بضعة عقود في مسألة صلاحيات الدولة المركزية لتطبيق بعض مواد قانون التصويت، مثلاً، واقرت بمعارضته للنصوص الدستورية.انحسار هيبة الحكومة المركزيةتسارع وتيرة قرارات المحكمة العليا ومناهضتها لتوجهات الادارة الاميركية الراهنة قوّض مقام ووقار الاداء الحكومي والحق أضراراً جمة بسمعة الرئيس اوباما تحديدا، مما أسهم في انخفاض معدلات شعبيته في استطلاعات الرأي التي اجريت مؤخراً واعتبره أحدها "اسوأ رئيس أميركي على مدى 70 عاما".
وتتالت الأخبار السيئة تباعا للرئيس أوباما مع اصدار يومية "انفستر بيزنس ديلي" نتائج استطلاع اشرفت عليه يفيد بأن 59% من الاميركيين يحملون الرئيس اوباما مسؤولية أزمة تفاقم "الهجرة غير الشرعية" للاراضي الاميركية، و 56% يحملونه مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في العراق نتيجة قراره بالانسحاب؛ و 65% منهم يعتقدون ان ادارته تجهد لاخفاء الممارسات والتدابير الخاطئة التي اقدمت عليها مصلحة الضرائب باستهدافها منظمات سياسية مناوئة لها في الرأي.
وامعانا في احراج الرئيس اوباما والأداء الحكومي العام، أصدر معهد غالوب الشهير نتائج استطلاعات للرأي منتصف الأسبوع  مشيرة إلى أن 79% من الشعب الأميركي أعربوا عن اعتقادهم بأن الفساد يستشري في عموم الأجهزة الحكومية، مسجلا ارتفاعا بنحو 20 نقطة عن ذات الآراء المستطلعة عام 2006، مما يحيل الولايات الى احتلال مرتبة مرتفعة بين الدول المشهورة بالفساد.
 بالمقارنة، افادت الاستطلاعات أن نسبة المؤيدين للرئيس لم تتعد 29%، بينما بلغت 36% في مطلع ولاية الرئيس اوباما. أما الكونغرس فلم يحظى إلاّ على نسبة 7% من الرضى الشعبي، بينما حصدت المحكمة العليا نسبة 30% من الرضى، هي الأعلى من بين كافة المؤسسات الرسمية.
ترافقت نتائج الإستطلاعات مع انخفاض نسبة الأميركين الذين يقرون بمركزية بلادهم في مجال الحريات الفردية المتاحة بين الشعوب الاخرى، وانخفض معدل الزهو بالإمتيازات بينهم الى نسبة 79% عام 2013 مقارنة مع 91% عام 2006 وفق إحصائيات معهد غالوب سالف الذكر.
تداعيات الانحسار على المشهد الاميركي
النظرة الموضوعية لما يمور تحت سطح التحولات الاميركية تؤشر على هشاشة النسيج الاجتماعي بمعدلات مقلقة تفوق توقعات الكثيرين. تتمثل عوارضها في: انخفاض حاد في معدلات مستوى المعيشة؛ تنامي القلق من تقلص مساحة الحريات؛ فضلا عن تصاعد معدلات الاحساس الشعبي بفساد الاجهزة الحكومية التي تتآكل مكانتها باضطراد.في هذا السياق لا بد من الاشارة الى تصاعد موجة الاحتجاجات سيما التي شهدتها ولاية كاليفورنيا حديثا باقدام نحو 200 مواطن على التعرض باجسادهم لمنع سير ثلاث حافلات كانت تنقل "مهاجرين غير شرعيين" والالقاء بهم على الجانب الآخر من الحدود المشتركة مع المكسيك، تعبيرا عن مشاعر الاحباط التي تنتاب الطبقة الوسطى في المجتمع من الاولويات المقلوبة للشريحة السياسية؛ مذكرا بحادثة مربي البقر "بندي" في ولاية نيفادا وتصدي مسلحين من مؤيديه الى ممثلين الحكومة المركزية؛ فضلا عن توالي معلومات تفيد بتشكيل ميليشيات خاصة من سكان الولايات الجنوبية، تكساس واريزونا، تجوب المناطق الحدودية المشتركة بحثا عن الموجات البشرية من"المهاجرين غير الشرعيين."تصدع النسيج الاجتماعي، كما تدل التجارب التاريخية، لا يوقف تدهوره الا خطوات وتدابير تراجعية تبادر اليها الحكومات المركزية؛ اما تجاهل الامر فسيؤدي الى تصاعد الاحتجاجات وانزلاق الاوضاع من سيء الى اسوأ – كما دلت تجربة القيصر الروسي نيقولاس الثاني وغيره.
السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو هل سيقدم الرئيس اوباما بالابتعاد عن بعض الممارسات التي حصدت توبيخاً له من قبل المحكمة العليا وانهيار معدلات شعبيته بين المواطنين؛ الاجابة بالنفي هي الاكثر ترجيحا سيما وانه اعلن عن نيته الاقدام على تعديل قانون الهجرة من جانب احادي، بموازاة تدابير اخرى وعد بها مع ادراكه بعدم تقبل الشعب لها. الأمر الذي سوف يؤدي الى تغذية مسببات الاحتجاج.من العسير الجزم بالمدى المرئي الذي يمكن الرئيس اوباما الذهاب به، بيد ان الثابت هو عقم المضي في المسار الراهن دون المجازفة بتداعيات سلبية تدهم البنية الحكومية والمجتمع بشكل عام.

تداعيات الإنحسار على المشهد الاميركي

النظرة الموضوعية لما يمور تحت سطح التحولات الأميركية تؤشر على هشاشة النسيج الإجتماعي بمعدلات مقلقة تفوق توقعات الكثيرين. تتمثل عوارضها في: انخفاض حاد في معدلات مستوى المعيشة، تنامي القلق من تقلص مساحة الحريات، فضلا عن تصاعد معدلات الإحساس الشعبي بفساد الأجهزة الحكومية التي تتآكل مكانتها باضطراد.في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى تصاعد موجة الإحتجاجات سيما التي شهدتها ولاية كاليفورنيا حديثا بإقدام نحو 200 مواطن على التعرّض باجسادهم لمنع سير ثلاث حافلات كانت تنقل "مهاجرين غير شرعيين" والإلقاء بهم على الجانب الآخر من الحدود المشتركة مع المكسيك، تعبيراً عن مشاعر الإحباط التي تنتاب الطبقة الوسطى في المجتمع من الأولويات المقلوبة للشريحة السياسية؛ مذكّراً بحادثة مربي البقر "بندي" في ولاية نيفادا وتصدي مسلحين من مؤيديه إلى ممثلين الحكومة المركزية؛ فضلا عن توالي معلومات تفيد بتشكيل ميليشيات خاصة من سكان الولايات الجنوبية، تكساس واريزونا، تجوب المناطق الحدودية المشتركة بحثا عن الموجات البشرية من"المهاجرين غير الشرعيين."تصدع النسيج الاجتماعي، كما تدل التجارب التاريخية، لا يوقف تدهوره الا خطوات وتدابير تراجعية تبادر اليها الحكومات المركزية؛ أما تجاهل الأمر فسيؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات وانزلاق الأوضاع من سيء إلى اسوأ – كما دلت تجربة القيصر الروسي نيقولاس الثاني وغيره.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو:  هل سيقوم الرئيس اوباما بالابتعاد عن بعض الممارسات التي حصدت توبيخاً له من قبل المحكمة العليا وانهيار معدلات شعبيته بين المواطنين؟ الاجابة بالنفي هي الاكثر ترجيحا سيما وأنه أعلن عن نيته الإقدام على تعديل قانون الهجرة من جانب احادي، بموازاة تدابير أخرى وعد بها مع ادراكه بعدم تقبّل الشعب لها، الأمر الذي سوف يؤدي إلى تغذية مسببات الإحتجاج.
من العسير الجزم بالمدى المرئي الذي يمكن الرئيس اوباما الذهاب به، بيد ان الثابت هو عقم المضي في المسار الراهن دون المجازفة بتداعيات سلبية تدهم البنية الحكومية والمجتمع بشكل عام.

تتحدث التقارير عن انخفاض حاد في معدلات مستوى المعيشة

اخترنا لك