موسكو تراهن على فرصة نجاح الحوار في سورية

مسؤول روسي كبير يقول للميادين إن الاميركيّين أيقنوا أنهم لا يستطيعون فرض أجندتهم على بلدان الشرق الأوسط، وباتوا يرون أن الوضع السوري يهدد بتفجير صراع لاينتهي، لايخرج منه رابح، لذا فروسيا تراهن على نجاح الحوار وتنظر إلى مبادرة معاذ الخطيب على أنها "شجاعة".

مسؤول روسي للميادين: فرص الحوار قائمة

يعتقد الإتحاد الروسي أن الأميركيين أيقنوا أنهم لا يستطيعون فرض أجندتهم وحدها على بلدان الشرق الأوسط. وأن اللعبة خرجت عن السيطرة من أفغانستان وإيران إلى مالي. وبات الأميركيون يرون، حسب مسؤول روسي رفيع، أن الوضع السوري يهدد بتفجير صراع لا ينتهي. صراع لا يخرج منه رابح. وخسارتهم قد تفوق كل تصّور. وعليه ينظرون إلى مبادرة رئيس الإئتلاف السوري معاذ الخطيب للحوار بشكل مختلف عن الدول الإقليمية الممعنة في عسكرة سورية ولم تسقط الرهان على إسقاط الحكم فيها.

في حديث لمسؤول روسي رفيع في نيويورك مع مجموعة من المراسلين بينهم مراسل الميادين، قال:"المتابع بدقّة للوضع السوري  يبصر بصيصاً  يخترق عتمة الأزمة السورية. وإن كان أعرب عن الأسف من الشروط الصعبة التي وضعها رئيس الإئتلاف السوري المعارض، إلا أنه شبّه موقف معاذ الخطيب بـ"الخطوة الشجاعة" التي أقدم عليها الرئيس المصري محمد أنور السادات بذهابه إلى القدس. وقال إن الوضع "في غاية الخطورة، ويقتضي الشجاعة" لأن الفشل في رأيه يفتح الباب أمام كل الإحتمالات، بما فيها نشوب حرب لا تنتهي.وانتقد دولاً إقليمية وأخرى خارجية تزعم حيادها وسلميتها تعمل على عرقلة الحوار بدلا من تشجيعه. دول خليجية وأخرى أوروبية، مثل سويسرا التي أذعنت للضغوط الخارجية، ولم تمنح تأشيرات دخول لـ٦٧ معارضا سورياً من الداخل. ووصفه بأنه "خطأ جسيم ولا يساعد على تحقيق السلام". يضيف

يضيف المسؤول الروسي إن " موسكو ستواصل الحوار مع كافة الأطراف. ومعاذ الخطيب وغيره من قادة المعارضة في الداخل والخارج قد يزورون موسكو قريباً. لكن هناك حاجة لإلغاء الشروط من الجانبين والحوار بهدف واضح هو وقف العنف والإنتقال إلى دولة ديموقراطية بناء على ما ورد في وثيقة جنيف.

وكشف المسؤول الروسي عن ثلاثة إجتماعات تمّت مع الولايات المتحدة والإبراهيمي بهدف حلّ الأزمة السورية ضمّت الثلاثي "ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير خارجية روسيا والأخضرالإبراهيمي، الممثل الدولي ـ العربي الخاص بسورية، ووليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأميركي" وليس إجتماعين كما ورد في الإعلام.

ورأى أنها إجتماعات مهمة للغاية كونها تعبّر عن خشية الأطراف، لا سيما الأميركيين من تدهور الأمور وانزلاقها نحو الأسوأ.

وأضاف، "إذا تمتع الخطيب بشجاعة ودخل إلى الحوار متجاهلا الإنتقادات التي ترد من هنا وهناك، فإن أطرافا أخرى في المعارضة ستنضم إليها أيضاً." هذا الرهان يعود إلى إقتناع الدول الكبرى، بما فيها واشنطن بضرورة الحوار بعيداً عن لغة التهديد بالإلغاء الذي لم يعد ممكنا بعد قرابة عامين من الصراع الدامي، "ولا يجوز للصراع أن يتصاعد أكثر مما هو عليه."

"الميادين" إستوضحت من المسؤول الروسي إن كانت الغارة الإسرائيلية الأخيرة على المواقع العسكرية السورية في "جمرايا " كانت موضوع حوار بين الروس والأميركيين لمنع تحوّلها إلى محطة تفجير إقليمي شامل. ردّ بإدانة للغارة وأكدّ أن المشاورات بين موسكو وواشنطن دائمة حول هذه الأمور بهدف الحدّ من تداعياتها. وهناك مشاورات أخرى لا تتوقف بين المندوبين في الأمم المتحدة، الروسي فيتالي تشوركين ونظيرته الأميركية سوزان رايس. وأضاف، "نحن وقفنا بقوة ضد تلك الغارة، لكن للأسف أن الأميركيين لم يتخذوا موقفا مماثلا."

الروس ينتظرون من الطرفين التنازل والتلاقي في منتصف الطريق. لكن المعارضة مقسّمة وخياراتها ليست داخلية تماماً حسب رأيه. فيما الحكومة السورية تضع شروطها قبل الحوار، كما فعل الخطيب. لكن الرهان يبقى على أن يؤدي جمع الأطراف إلى تقريب وجهات النظر والخروج بحلول وسط. والروس ليسوا راضين عن مقاربة الممثل الدولي العربي الخاص إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي بشأن إعادة تفسير مضمون وثيقة جنيف. طلب أن ينص الشقّ المتعلق بالحكومة الإنتقالية على صلاحيات تنفيذية كاملة ضمن قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي. وقال المسؤول الروسي إن هذا التفسير سيعقد الأمور ويجعل ترتيب المباحثات أكثر صعوبة.

لا يرى المسؤول الروسي أن عقد قمة بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي باراك أوباما، مفيد لحل الأزمة في سورية لأن القوى المتصارعة ليست تحت سيطرة موسكو أو واشنطن خاصة وأن فيها ما لا يقل عن ١٥ ألف مقاتل من المتشدّدين الموالين للقاعدة. قال، "لن تكون فعّالة. نستطيع تشجيع ما ينبغي عمله، لكن مع الأسف هذا ما لا نراه مناسبا. دورنا يقضي جمع الأطراف. وللأسف هناك طرف يريد الإطاحة بالنظام وحسب. وإذا رفضوا الحوار فإن القتل سيستمر إلى ما لا نهاية. وليس هناك من وسيلة أخرى لردم الهوة بين الطرفين. هذا جنون سيؤدي إلى تدمير سورية وما بعد سورية."

المسؤول الروسي رفض القول إن النظام هو من حوّل التظاهرات السلمية إلى حرب أهلية مسلّحة. وأوضح، "في البداية كانت هناك تظاهرات سلمية ومن خلفها عملت عناصر على تخريب البلاد. شنّوا هجمات مسلحة على مبان حكومية. عندها ضغطنا وطلبنا من الحكومة إجراء حوار مع المعارضة وتغيير الدستور. وفعلوا، لكن ليس بما يكفي لتبديد مخاوف المعارضة. " وأضاف إنه في المرحلة اللاحقة تراجع الحراك السلمي إلى الخلف وتقدّم المسلحون إلى الواجهة.

اخترنا لك