تونس: اغتيال المعارض البارز بلعيد
دخلت تونس اليوم في واحدٍ من أبرز تحدياتِ ما بعدَ الثورة. أولُ عملية اغتيال سياسي منذ استقلال هذا البلد تستهدفُ القياديَّ المعارضَ شكري بلعيد الأمين العام لـحزب الوطنيين الديمقراطيين.
حدثُ اغتيال بعيد ألقى بظلالِه على تونس. رئيسُ الجمهورية منصف المرزوقي ألغى مشاركتَـه في القمة الاسلامية في القاهرة وعادَ سريعا من فرنسا. قيادة حزب النهضة سارعت الى الاجتماع في مكان سري وأعلنت إدانتَـها لحادثة الاغتيال، وزعيمُها راشد الغنوشي دعا الى اليقظة والتضامن وتوفير الحماية للسياسيين. لكنّ هذهِ الدعَواتِ لم تمنعْ خروجَ العديدِ من المسيراتِ ووقوعَ العديدِ من الصداماتِ والجرحى ومهاجمة عدد من المراكز الرسمية ومقار حزب النهضة.
,أصدرت رئاسة الحكومة بيانا رسميا على إثر عمليّة الاغتيال عبرت فيه عن "إدانتها القصوى لهذه الجريمة النكراء التي تستهدف تونس وسياسيّيها وأمنها واستقرارها والتي تتجاوز كل حدود وضوابط التعامل السياسي والمدني"، واعتبرت رئاسة الحكومة "أن عملية الاغتيال هي اعتداء صارخ على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس وتهديد صريح له".
وأطلقت الشرطة التونسية النار في الهواء واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين في بلدة سيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة انتفاضات الربيع العربي.
وقال راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة التونسي الإسلامي الحاكم إن الحزب ليس له صلة بقتل المعارض السياسي العلماني البارز شكري بلعيد الذي أدى إلى الهجوم على مكاتب للحزب.
وأضاف لرويترز "النهضة بريئة تماما من اغتيال بلعيد.. هل من المعقول أن الحزب الحاكم ينفذ اغتيال مثل هذا يعطل الاستثمار والسياحة. ما هي مصلحته؟".
وألقى باللوم في ذلك على من يسعون إلى اخراج تونس عن مسار الانتقال الديمقراطي بعد الانتفاضة الشعبية عام 2011 .
وقال "تونس اليوم في أكبر مأزق سياسي منذ الثورة. يجب أن يسود الهدوء وألا تسقط تونس في دوامة من العنف ستجهض الثورة. تونس في حاجة للوحدة أكثر من أي وقت مضى."
واتهم الغنوشي معارضيه العلمانيين بإثارة المشاعر ضد حزب النهضة بعد مقتل بلعيد. وقال دون أن يقدم تفاصيل "هناك تجييش ضدنا بعد مقتل شكري بلعيد. والنتيجة حرق ومهاجمة مقرات لحزبنا في العديد من المناطق."
وقال شهود لرويترز إن حشودا هاجمت مكاتب لحزب النهضة في بلدات سوسة والمنتسير والمهدية وصفاقس.
المعارضة تهدد بالانتقام
وكان بلعيد الذي لفظ أنفاسه الاخيرة في المستشفى بعد ان اطلق عليه الرصاص امام بيته عضوا بارزا في حزب الجبهة الشعبية المعارض. وكان وهو محام وناشط مدافع عن حقوق الانسان منتقدا للحكومة التونسية ويتهمها بانها لعبة في أيدي حكام قطر وهو ما تنفيه حكومة الجبالي.
وقال زياد لخضر القيادي البارز في حزب الجبهة الشعبية لرويترز ان بلعيد قتل باطلاق أربع رصاصات على الرأس والصدر وان الاطباء أبلغوا رفاقه بأنه مات واستطرد "هذا يوم حزين لتونس". وأكدت مصادر اخرى في الحزب موته.
وسارع على الفور رئيس الوزراء حمادي الجبالي الذي قال ان هوية قاتل شكري بلعيد لم تعرف بعد الى ادانة الحادث ووصفه بانه اغتيال سياسي وجه ضربة لثورة "الربيع العربي".
وقال الجبالي "مقتل بلعيد هو اغتيال سياسي واغتيال للثورة التونسية.. من قتله يريد اسكات صوته وقتل امال التونسيين."
وقطع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي زيارته لفرنسا وألغى زيارته لمصر للمشاركة في قمة منظمة التعاون الاسلامي عقب قتل بلعيد ودعا الى الحذر من الفتنة والعنف.
ومع انتشار نبأ مقتل بلعيد تدفق أكثر من الف تونسي على الشارع الرئيسي بالعاصمة قرب وزارة الداخلية احتجاجا على مقتل المعارض العلماني البارز واطلقوا شعارات ضد الحكومة التي يقودها اسلاميون. وهتف المتظاهرون "عار عار شكري مات بالنار" و"اين انت يا حكومة" ورددوا شعار "الحكومة يجب ان تسقط و "ارحلوا".
وهددت المعارضة بالانتقام لمقتل بلعيد وان لم تحدد ما تعنيه بذلك وقالت مايا جريبي الامين العام للحزب الجمهوري العلماني ان المعارضة ستتخذ قرارات تاريخية ردا على هذا العمل الجبان.