عوزي عيلام: نتنياهو يستخدم النووي الإيراني لأغراض سياسية

أحد كبار مسؤولي المشروع النووي الإسرائيلي يتهم نتنياهو باستخدام التهديد الإيراني لتحقيق مجموعة من الأهداف السياسية، ويشير إلى أن المشروع النووي الإيراني لن يدخل حيّز التنفيذ قبل عشر سنوات أخرى.

عوزي عيلام

"لن يدخل المشروع النووي الإيراني حيّز التنفيذ قبل عشر سنوات أخرى"، يقول العميد احتياط عوزي عيلام، أحد كبار مسؤولي المشروع النووي الإسرائيلي، ويضيف "وعلى الرغم من ذلك، أنا لست واثقاً من أن إيران تريد فعلاً قنبلة نووية".

"التصريحات والتهديدات في موضوع الهجوم على إيران لم تساعد"، يقول عيلام. ويتابع "لا نستطيع أن نقف على رأس هذه الجبهة. من ناحية عملية، الوضع هو أن المنشآت النووية الإيرانية منتشرة ومدفونة ومخفية تحت أطنان من أمتار التراب والاسمنت والفولاذ. وهذا يتطلب أكثر بكثير من مجرد ضربة واحدة، كما حصل عند قصف المفاعلين في العراق أو في سوريا. الهجوم على منشآت إيران النووية سيفجّر حرباً شاملة"، يضيف عيلام.

"كوني كنت مشاركاً في جملة من المشاريع التكنولوجية، فقد تعلّمت بالطريقة الصعبة أن الأمور تستغرق وقتاً"، يشرح عيلام، ويقول إن "نتنياهو وسياسيون آخرون أدخلوا الجمهور الاسرائيلي في خوف فظيع وغير ضروري، ولفرحي، فإن حدّة الخطاب الملتهب حول النووي الإيراني قد خفّت في الوقت الحاضر".

صحيح أن رئيس الوزراء شجب الاتفاق بين الغرب وإيران، ولكن لعيلام رأياً مختلفاً عن الوضع. "بحسب التقارير، فإن الخطوات التي أخذتها إيران على عاتقها وتنفذها هي ذات مغزى بالغ للغاية، وعلى رأسها تخفيف أكثر من نصف مخزون الوقود المخصب"، يقول عيلام في إشارة إلى قرار إيران خفض مخزونها من اليورانيوم المخصّب مما نسبته 20 في المئة، إلى مستوى 5 بالمائة"، على حد قوله. ويضيف عيلام أن "الأمور الأساسية ما تزال أمامنا، ولكن يمكننا بالتأكيد أن نتفاءل. أعتقد أنه يجب منح الخطوة الدبلوماسية فرصة جدية، إلى جانب استمرار العقوبات، ولست واثقا من أن إيران تريد قنبلة على الاطلاق – يمكن أن يكتفوا بأن يكونوا على عتبة الدولة النووية كي يكونوا قوة عظمى إقليمية ويخيفوا جيرانهم. إلى جانب ذلك، أي خير سيخرج من ضرب إيران؟ هذا سيوحد كل الشعب الإيراني خلف النظام، وسيحفزه على مواصلة المشروع بمقدرات أكبر بكثير. ضرب إيران سيحقق عكس ما نبتغيه تماماً".

ويوجه عيلام إصبع الاتهام مباشرة نحو رئيس الوزراء، "نتنياهو يستخدم التهديد الإيراني كي يحقق مجموعة متنوعة من الأهداف السياسية"، ويضيف أن "هذه التصريحات غير الضرورية تخيف الإسرائيليين بالنظر إلى أن إسرائيل ليست شريكاً في المفاوضات التي ستحدد ما إذا كانت إيران ستفكك برنامجها النووي أم لا".

لكن عيلام لم يرغب في طرح نظريته حول سبب اتخاذ نتنياهو مثل هذا المنحى، فقال " أنا درست الهندسة وعملت في البحث والتطوير. لا فكرة لدي عن وضعه النفسي، أو عن وضعنا نحن النفسي". 

ويأتي عيلام من قلب الجهاز الأمني السري الإسرائيلي، بعد أن شغل سلسلة مناصب رفيعة في المؤسسة العسكرية، كانت ذروتها في عشر سنوات ترؤسه الوكالة الذرية الإسرائيلية. وتعد المقابلة معه في "يديعوت أحرونوت" المرة الأولى التي تنتقد فيها شخصية إسرائيلية على هذا المستوى الرفيع، وبشكل حاد، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على سياسته تجاه إيران.

كما يعدّ عيلام إحدى الشخصيات المركزية في تطوير برامج الصواريخ والمشروع النووي الإسرائيلي في النصف الثاني من القرن الماضي. فقبل توليه منصب رئيس لجنة الطاقة الذرية على مدى عقد من الزمن، شغل عيلام منصب رئيس مديرية الأبحاث وتطوير الأسلحة والبنى التحتية التكنولوجية في الجيش الإسرائيلي (وهي معروفة بالعبرية باسم مافات). ومنذ ذلك الحين، عمل مستشاراً لوزارة الدفاع وهو مطّلع بشكل كبير على المشروع النووي الإسرائيلي ويتابع عن قرب المشروع النووي الإيراني – وهو مقتنع بأن السبيل إلى القنبلة الإيرانية لا يزال طويلاً جداً.

كلام عيلام ينسف إستراتيجية نتنياهو في مقاربته للملف النووي الإيراني

وكان لرئيس قسم الشؤون الإسرائيلية في قناة الميادين الدكتور عباس إسماعيل تعليق على مقابلة عيلام مع "يديعوت أحرونوت".

ويقول إسماعيل للميادين نت إن التصريح الذي أدلى به عيلام "ينسف إستراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقاربته للملف النووي الإيراني".

ويترتب على كلام عيلام أنه "لم يعد للبروباغندا الإسرائيلية حول النووي الإيراني أي حاجة"، ويكتسب حديث عيلام أهميته بصدوره عن شخص آت من قلب الجهاز الأمني السري الإسرائيلي.

ويستبعد رئيس قسم الشؤون الإسرائيلية في قناة الميادين أن يغير ما بدر عن عيلام وجهة الرأي العام الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه "بصرف النظر عن وجود أو عدم وجود اعتبارات شخصية او سياسية، إلا أن كلام عيلام يندرج حكماً ضمن السياق المهني".

أما كيف سيتعامل نتنياهو مع الأمر، فيرى إسماعيل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يتوقف عند هذا الموضوع، قائلاً إن "نتنياهو لن يغير استراتيجيته تجاه إيران، وسبق أن واجه مواقف مماثلة حول نفس الموضوع بعد تصريحات صدرت عن شخصيات كبيرة في إسرائيل".

اخترنا لك