ملخص الصحف العراقية 29- 04- 2014
القوات العراقية تعجز عن حماية أفرادها في يومها الإنتخابي الخاص، والانتخابات العراقية لا تزال تعكس الطبيعة العرقية والمذهبية للواقع الاجتماعي والسكاني، وآلاف العراقيين يمنعون من التصويت بسبب الوثائق التي حددتها المفوضية.
أربيل: محمد زنكنه - بغداد: «الشرق الأوسط»
عجزت القوات العراقية عن حماية أفرادها في يومها الانتخابي الخاص أمس، إذ تعرضت إلى سلسلة هجمات بينها سبعة تفجيرات انتحارية داخل مراكز انتخابية قتل فيها 23 شرطيا وجنديا، مما ألقى شكوكا إضافية حيال قدرة القوات العراقية على تأمين الحماية للناخبين خلال الاقتراع العام غدا.
وبعد يوم من بدء العراقيين المقيمين في الخارج التصويت في دولهم، توجه أفراد القوات المسلحة التي يبلغ عددها نحو 800 ألف عنصر منذ الساعة السابعة من صباح أمس إلى 534 مركز انتخاب تشمل 2670 محطة اقتراع في عموم البلاد. وأمام مركز تصويت في مدرسة في وسط بغداد، قال الشرطي أحمد لوكالة الصحافة الفرنسية «أتيت للمشاركة في الانتخابات من أجل العراق ومن أجل تغيير الوجوه التي لم تخدم العراق». وأضاف: «نريد أن نختار أناسا أفضل».
وفي النجف (150 كلم جنوب بغداد)، بدأ أفراد الشرطة والجيش التجمع عند أبواب مراكز الاقتراع قبل نصف ساعة من فتحها وسط إجراءات أمنية تشمل نشر 27 ألف عنصر أمني في المدينة. وقال الشرطي فلاح حسن عبود وهو ينتظر دخول مركز انتخابي في وسط النجف «جئنا نلبي نداء المرجعية وهي فرصة للتغيير. التغيير السياسي بأيدينا»، في إشارة إلى المرجعية الشيعية التي لم تدع للتصويت لطرف سياسي معين إنما للمشاركة سعيا وراء «التغيير».
وشملت عملية التصويت الخاص أمس أيضا المهجرين المسجلين، ونزلاء السجناء وموظفيها، إضافة إلى نزلاء المستشفيات والعاملين فيها. وفي سجن الرصافة الأولى في بغداد حيث يدلي 2500 سجين بأصواتهم، طلب عدد من السجناء الذي كانوا يصوتون من موظفي المحطة توجيهم حتى يصوتوا لصالح رئيس الوزراء نوري المالكي. وقال موظف في وزارة العدل لوكالة الصحافة الفرنسية رافضا الكشف عن اسمه «أنا مندهش من هؤلاء السجناء الذين يرزحون ظلما في السجون، وينتخبون الشخص الذي ظلمهم».
وسرعان ما تحولت مراكز الاقتراع الخاصة بقوات الجيش والشرطة إلى أهداف لهجمات انتحارية، رغم الإجراءات الأمنية المشددة. وقال ضابط برتبة عقيد قي الشرطة ومصدر طبي بأن انتحاريا فجر نفسه داخل مركز انتخابي في منطقة المنصور في غرب بغداد، ما أدى إلى مقتل ستة من الشرطة وإصابة 15 شخصا آخر بجروح. وقتل في مركز انتخابي في منطقة الأعظمية القريبة أربعة من الشرطة وأصيب 15 بجروح في تفجير انتحاري بحزام ناسف.
وفي هجوم مماثل، قتل أربعة من عناصر الشرطة وأصيب 11 بجروح عندما فجر انتحاري نفسه في مركز اقتراع في طوزخرماتو على بعد نحو 175 كلم شمال بغداد، بحسب ما أفاد قائمقام القضاء شلال عبدول. وقام انتحاري ثالث بتفجير نفسه في مركز انتخابي في جنوب كركوك (240 كلم شمال بغداد) ما أدى إلى مقتل ثمانية من عناصر الشرطة وإصابة تسعة آخرين بجروح. وفي مركز انتخابي غرب كركوك حاول جندي منع انتحاري من تفجير نفسه فاحتضنه، لكن الأخير فجر نفسه فقتلا معا.
وحاول انتحاري تفجير نفسه أمام مركز انتخابي في غرب الموصل (350 كلم شمال بغداد)، لكن القوات الأمنية قتلته قبل أن يقوم بذلك، إلا أن انتحاريا ثانيا تمكن من تفجير نفسه في المركز الانتخابي ذاته بعد وقت قصير من الحادثة الأولى، ليصيب ثلاثة شرطيين وجنديين بجروح. وفي الموصل أيضا، أصيب ستة صحافيين بجروح في تفجير عبوة ناسفة استهدفت باصا عسكريا كان ينقلهم إلى مركز انتخابي. واستهدفت عبوة ناسفة أيضا دورية للجيش في غرب كركوك، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين بجروح.
كما قتل جندي وأصيب خمسة جنود وعناصر شرطة بجروح في انفجار عبوة استهدفت موكبا مشتركا كان في طريقه إلى مركز انتخابي في الحبانية قرب مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد)، بحسب مصادر في الجيش والشرطة.
من ناحية ثانية، عد النائب المستقل في البرلمان العراقي والقيادي في ائتلاف «أوفياء للوطن» عزة الشابندر أن «الاتجاه العام للتصويت الخاص سواء كان لعراقيي الخارج أو لمنتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية يمثل إرباكا للمشهد الانتخابي سياسيا وأمنيا وذلك لجهة ما حصل من خروقات واختراقات على صعيد الكثير من المراكز الانتخابية بالإضافة إلى عمليات الضغط التي مورست باتجاه إجبار منتسبي في بعض الأجهزة للتصويت لجهة معينة وقد تم رصدها».
وقال الشابندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك استقتالا من قبل ائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي) في كسب المعركة الانتخابية من دون الحاجة إلى حلفاء لأن التعويل على الحلفاء يضعف فرصها في العودة إلى السلطة ولذلك فإنها تسعى للحصول على أعلى قدر من الأصوات مما يجعل حاجتها إلى حلفاء أقل وبالتالي تبدأ المساومات والضغوطات هناك وهناك». وانتقد الشابندر قيام المالكي وفي يوم التصويت الخاص بـ«توزيع أراض وتمليك شقق الأمر الذي يشكك في مصداقية النتائج التي يمكن أن تفرز عنها الانتخابات».
وفي وقت انهمك المالكي بتوزيع الأراضي السكنية في يوم التصويت الخاص فإن الأمور التي بدت أكثر لفتا للنظر هي إدلاء الرئيس العراقي جلال طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، بصوته على كرسي متحرك في ألمانيا في أول ظهور فيديو له منذ سنتين في وقت كانت قد غرقت البلاد في شائعات كثيرة كان من بينها فرضية موته أو خروجه من المستشفى الألماني إلى مكان مجهول. وبعد عرض مقطع الفيديو، ابتهج أنصار الاتحاد الوطني الكردستاني وعبروا عن فرحتهم بإطلاق النار، مما أدى إلى إصابة الكثير من المواطنين في السليمانية.
وفي السياق ذاته اختفاء السجل الانتخابي لأول رئيس وزراء للعراق بعد التغيير عام 2003 وهو الدكتور إياد علاوي الذي اضطر إلى شد الرحال إلى العاصمة الأردنية عمان للإدلاء بصوته هناك أول من أمس. وقال علاوي، الذي يترأس «ائتلاف الوطنية»، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) «اضطررت إلى السفر من بغداد إلى عمان لممارسة حقنا المكفول دستوريا بالتصويت، وإننا على عهدنا مع الشعب العراقي الكريم سنبقى نكافح من أجل عراق كريم». وأضاف علاوي «لقد قمت بالإدلاء بصوتي جنبا إلى جنب مع أبناء شعبنا (...) لعدم إمكانيتي التصويت داخل العراق».
الإنتخابات البرلمانية العراقية.. خرائط على رمال متحركة
رغم العدد الكبير لمرشحي الانتخابات العراقية (تسعة آلاف مرشح ومرشحة يتنافسون على 328 مقعدا) فإنها لا تزال تعكس الطبيعة العرقية والمذهبية للواقع الاجتماعي والسكاني في العراق، مع رغبة لا تزال خجولة باتجاه التغيير الذي لا تزال تمثله بدائل مدنية وديمقراطية سعت إلى الإفادة من قانون «سانت ليغو»، الذي التفت عليه القوى المتنفذة.
وفي وقت يرفع كل المرشحين من كل الكتل والقوائم شعار التغيير، فإن هذا التغيير يعكس هو الآخر رغبات تبدو شديدة التباين. ومن أكثر من 107 ائتلافات وكيانات سياسية قدمت أوراق ترشيحها للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وصودق عليها، فإن واقع الحال يشير إلى أن هناك ثلاثة اتجاهات في الانتخابات العراقية؛ الأول تمثله الكتل التي لا تزال تعكس خارطة القوى المهيمنة الرئيسة التي تسيدت المشهد السياسي، بعد سقوط حكم صدام حسين؛ أولها التحالف الوطني (الشيعي) الذي تمثله الآن ثلاث قوى رئيسة في الانتخابات، هي ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم.
القوى الرئيسة الثانية هي التي تمثل المكوّن السنّي، التي كانت قد دخلت انتخابات عام 2010 تحت اسم «القائمة العراقية» وحصلت آنذاك على أعلى الأصوات (91 مقعدا)، لكن منعها من تشكيل الحكومة أدى إلى تشرذمها، مما جعلها تدخل انتخابات عام 2014 عبر ثلاث كتل رئيسة، وهي «متحدون للإصلاح» بزعامة أسامة النجيفي، التي تعدّ نفسها الوريث الشرعي لـ«القائمة العراقية»، وكتلة «العربية»، بزعامة صالح المطلك، و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي. والقوة الرئيسة الثالثة هي التحالف الكردستاني الذي لا يزال يعكس موقفا يتسم بالثبات حيال العلاقة مع بغداد، على الرغم من الخلافات العميقة بين الأطراف الكردستانية في إقليم كردستان.
أما الاتجاه الثاني الذي بات يعكس الخارطة السياسية ذات الرمال المتحركة، فهي الكتل والقوى التي تناسلت مع الكتل الرئيسة لتمثل نوعا من الالتفاف على قانون «سانت ليغو» الانتخابي، وهي اتجاهات قد لا تمثل واقعا آيديولوجيا جديدا بقدر ما تعطي صورة مشوهة عن الديمقراطية العراقية. وثمة اتجاه الثالث يتمثل بالبديل الديمقراطي المدني الذي تعكسه مجموعة من القوى والائتلافات والكيانات الجديدة، وأبرزها التحالف المدني الديمقراطي الذي يضم الشيوعيين والليبراليين والتقدميين.
وفي سياق ما يراه كل طرف من هذه الأطراف، فإن القاسم المشترك للجميع هو المضي باتجاه تشكيل حكومة الأغلبية السياسية التي باتت تمثل همّا سياسيا للجميع. لكن مفهوم الأغلبية السياسية يختلف من طرف إلى آخر اختلافا يكاد يكون جذريا؛ فبالنسبة لائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، يقول عضو البرلمان عن هذا الائتلاف، صادق اللبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «دولة القانون ستحصل على أغلبية مقاعد البرلمان المقبل، وبالتالي فإن هذه الأغلبية داخل التحالف الوطني (الشيعي) تجعل أمر التحالفات مع الكتل الأخرى أمرا سهلا».
وردا على سؤال بشأن القوى التي يمكن أن يتحالف معها ائتلاف دولة القانون، في وقت ترفض ذلك بقوة الكتل الشيعية الرئيسة داخل التحالف الوطني، مثل الأحرار والمواطن، يقول اللبان إن «الصورة بعد الانتخابات ستختلف كثيرا عما يقال الآن»، مشيرا إلى أنه «حتى داخل هذه القوى فإن هناك حراكا آخر، بالإضافة إلى تحالفات أخرى تجعلنا مطمئنين إلى ذلك».
لكن محمد الخالدي، مقرر البرلمان العراقي والقيادي في كتلة «متحدون»، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «القوى المناوئة للمالكي هي الأكثر، وبالتالي ليس بوسعه أن يشكل حكومة جديدة، وهذا يعني أنه لا ولاية ثالثة».
ويضيف الخالدي أن «لدينا تفاهمات مع الصدريين والمجلس الأعلى والحزب الديمقراطي الكردستاني، بما يجعلنا نحقق الأغلبية الكاسحة داخل البرلمان المقبل». هذه الفرضية يعززها النائب المستقل والمرشح حاليا عن التيار الصدري حسن العلوي، لكن برؤيا مختلفة، يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة بالنسبة للمالكي ليست في عدد المقاعد التي سيحصل عليها، بل مع مَن يتحالف». ويرى العلوي أن «خصومات المالكي مع العرب السنّة ومع بيئته الشيعية ومع الأكراد جعلته غير قادر على تشكيل أغلبية لتشكيل الحكومة، حتى لو حصل على 120 مقعدا».
غير أن هناك إشكالية في منطق التحالفات نفسه داخل البيت الشيعي. وفي هذا السياق، يقول القيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي، إن التيار «لديه تفاهمات كبيرة مع مختلف الأطراف، وبالذات كتلة المواطن (المجلس الأعلى) ومتحدون والأكراد لمنع وصول المالكي إلى ولاية ثالثة»، مشيرا إلى «أننا سنطرح شخصية أكاديمية وليست مرشحة للانتخابات الحالية ليتولى رئاسة الحكومة»، غير أن هذه الرؤيا لا تزال غير واضحة المعالم لدى المجلس الأعلى، إذ يقول نائب رئيس كتلة المواطن عبد الحسين عبطان لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن تفاهمات في وقت لم تجرِ فيه الانتخابات أمر سابق لأوانه إلى حد كبير»، نافيا «وجود تفاهمات مع أحد بهذا الخصوص، مع التأكيد على أن لدينا حرصا في أن يكون التحالف الوطني هو المؤسسة التي تحدد رئيس الوزراء المقبل».
آلاف العراقيين منعوا من التصويت بسبب الوثائق التي حددتها المفوضية
عادوا بخفي حنين، بعد أن جاءوا بفرح يدفعهم أمل المساهمة في التغيير المنشود في الحالة السياسية العراقية المعقدة، للأسف خاب ظنهم رغم حرصهم على أن يعبروا عن رأيهم وليساهموا برسم صورة عراق الغد.
الآلاف رفضت المفوضية مشاركتهم في الانتخابات وفي جميع المراكز الانتخابية في الخارج، وكنت شاهدا عليها في السويد، فالوثائق المطلوبة تعتبر تعجيزية للعديد ممن هم في الخارج وغادروا الوطن منذ فترة طويلة ولم تتسن لهم الظروف من العودة وتجديد وثائقهم، وطالما أقترحنا ولعدة سنوات وعدة مرات، فتح ملحقيات لوزارة الداخلية في السفارات العراقية، لتقوم بمتابعة إصدار الوثائق العراقية وبالتنسيق مع الوطن، ووعدونا بذلك ولكن....، وكم من مرة تحدثنا مع المسؤولين الذين زاروا دول الشتات من أجل تسهيل إصدار الوثائق العراقية، وخصوصا لمكون أهلنا من الكرد الفيلية، ولكن يبدو أن هنالك موقفا سياسيا يعيق كل تلك المطالب العادلة، فالكثير فقد وثائقه أو سحبت منه، لكنهم جميعا عراقيون أصلاء ويحق لهم الإدلاء بأصواتهم، فبأي حق ترفض مساهمتهم؟؟؟ أسئلة عديدة يتوجب على المفوضية والمسؤولين الإجابة عليه وتحمل مسؤوليتهم حول هذا الاخفاق.
علما أن وثائق عديدة كانت سابقا مقبولة رفضت الآن، ناهيك عن رفض المستنسخ منها.
وبدون مبالغة أن نسبة الذين حضروا ورفضت مساهمتهم، ليست قليلة، ونسبة أكبر ممن لم يحضر لمعرفته مسبقا بأنهم سيمنعوه من الإدلاء بصوته.
وهكذا مرة أخرى تخيب السلطات العراقية أمل العراقيين في المهجر.
طوبى لكل من حضر بدافع حب الوطن والأمل بالتغيير نحو الأفضل، وعلينا عدم اليأس، والاستمرار بالمطالبة بحقوقنا.