ملخص الصحف العراقية 09-04-2014

الصحف العراقية تواصل تغطيتها للانتخابات العراقية مع بدء العد العكسي لتوجه العراقيين إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في البرلمان. في ما يلي مقتطفات من مقالات في الصحف العراقية لليوم الأربعاء.

الاستحقاق الانتخابي يتصدر الصحف المحلية في العراق

تحت عنوان "هل من مستقبل لمسيحيي الشرق في بلادهم الأصلية" كتب كوهر يوحنان عوديش في صحيفة الزمان:

بمجرد القاء نظرة، حتى ولو خاطفة وسريعة، على اوضاع المسيحيين في الشرق الاوسط يتبين لنا الحجم المخيف والمروع للمعاناة والمآسي والمذابح التي تعرض ويتعرض لها أبناء هذه الطائفة بسبب انتمائهم الديني ومعتقداتهم ومبادئهم السلمية التي تختلف عن مبادئ وتعاليم المتخلفين والاميين الذين جعلوا من هذا الاختلاف ذريعة لخطفهم وتعذيبهم وقتلهم وتدمير اماكن عبادتهم وتهجيرهم من بلادهم الاصلية تحت مرأى ومسمع العالم اجمع دون اسف، فما يحدث لمسيحيي الشرق عموماً ومسيحيي العراق ومصر وسوريا خصوصاً من مظالم وتهجير وتهميش وقتل وخطف وذبح وتدمير الكنائس وكبت للحريات وفرض للجزية

... معاناة مسيحيي الشرق الأوسط لم تكن من الأنظمة الإسلامية المتسلطة على رقابهم ومع الإرهابيين الذين جاؤوا من وراء الحدود أو مع من تعاون مع هؤلاء الارهابين لارضاء شهوة القتل والعدوان التي يؤمن بها ورضعها منذ لحظة ولادته او لكسب بضعة دولارات.. لم تكن من هؤلاء فقط بل كانت مع الغرب المسيحيي أيضاً، الذي تغاضى وسكت عن كل الجرائم والمذابح والمظالم التي تعرض ويتعرض لها مسيحيي الشرق، الغرب الذي دعم الإرهابيين بالمال والسلاح لتنفيذ مصالحه الذاتية دون التفكير بحياة الملايين من البشر الابرياء، أيا كان دينهم أو لونهم أو عرقهم (هناك دول معروفة تمد الميليشيات الإرهابية بالمال والسلاح على مرأى ومسمع المجتمع الدولي دون أن نسمع حتى إدانة أو نتلمس أي تحرك لوقف هذه المساعدات التي تدمر بيوت الملايين وتزهق أرواح آلاف الأبرياء بشكل يومي)، التي تذهب هدراً وظلماً على يد هؤلاء وبالأسلحة الغربية، الغرب الذي جعل حياة المسيحيين وممتلكاتهم وأعراضهم كبش فداء على مذابح مصالحهم وتفكيرهم الانتهازي".

من دون شك وبعد معاينة واقع المسيحيين في الشرق يتضح للجميع أن مستقبل المسيحيين سيكون مظلماً ومصيرهم سيكون أسوداً في عالم لا يبالي لما يتعرضون له من ظلم وتطهير عرقي بأيد إرهابية وبمساعدة دولية، لذلك على كل هيئة، مؤسسة، جمعية، وكل مسيحيي شرقي العمل للضغط على الحكومات الغربية لفرض حماية دولية على المسيحيين في مناطق النزاع وفي الدول التي تثور فيها النزاعات الطائفة، خصوصاً عندما يكون المسيحيين طرفاً محايداً في هذا النزاع، وذلك لمساعدتهم في البقاء والاستمرار في العيش في أوطان هم أصلاؤها.

آخر الكلام: ليكن الرب في عون خراف تحاصرها الذئاب وتتلذذ بعذاباتها الأسود.

أيها النواب.. إعلموا أنه العراق

كتب علي حميد حبيب في صحيفة "الزمان":

إن شعباً تحدى كل مخاطر وإرهاب القاعدة المجرمة وتوجه الى المراكز الانتخابية وادلي وانتخب اعضاء مجلس النواب الحالي الذي سنتنهي دورته الحالية عندما يتحدى شعبنا العريق الشهم والوطني من جديد حيث سيتوجه مرة اخرى في 30 نيسان 2014 لينتخب هذه المرة اعضاء مجلس النواب القادم وفي هذه الايام العصيبة وشدتها وياللاسف يتجاهله ممــــثلي الشعب السادة الاعضاء من خلال مماطلاتهم المستمرة بعدم حضورهم الى قبة المجلس لمناقشة واقرار الموازنة الاتحادية لعام 2014 وبذلك يعاقبون الشعب باجمعه وهذا الامر غير مقبول اطلاقا.

إن عدم التزامهم بالحضور المستمر الى الاجتماعات هو خير دليل على عدم اهتمامهم الجدي بقضايا الشـــــعب وهنا لابد لنا ان نقول لكم ايها النواب الذين لم تحضروا الجلسات لمجلس العراق الاول سوف لن ينتخبكم الشعب من جديد لانكم تستلمون رواتب ومخصصات لا تستحقونها قانونا ولا شرعا وفيها اشكال شرعي لانكم اخلفتم القسم عندما اصبحتم نوابا للشعب وليس لانفسكم او لطائفة معينة.

عضو مجلس النواب هو ممثل لعموم الشعب والسؤال الذي يطرحه المواطنون ما هي الأسباب التي تدعوكم الى عدم حضوركم الى مجلس النواب في ايامه الاخيرة كي تقروا خبز الشعب وتفعلوا قانون اقرار الموازنة لماذا تعاقبون الشعب لماذا تتسببون بتاخير المشاريع الخدمية واسئلة كثيرة يريد الشعب ان يحصل على أجوبة لها.

نعـم أيها النواب المتغيبون والمنسحبون انكم بحق لا تستحقون أن تكونوا حتى بمنصب مدراء عاديين في مؤسسات الدولة والسبب بسيط جداً هو لا يهمكم الشعب وعليكم أيها المتغيبون والمنسحبون أن تتوقعوا فشلكم بالانتخابات المقبلة وهو عقاب بحقكم من أبناء هذا الشعب المظلوم منكم أولاً من الزمن، وثانياً من الجوع والفقر والمرض والعوز.. الخ والأيام حبلى بالمفاجآت التي هي من العيار الثقيل التي ستهز كل خائني القسم والمتخلفين عن العهود وأن الشعب لن ينسى أبداً من خدمه وسهر على راحته وكان عوناً له رغم كل الظروف القاسية التي مر بها عراقنا العزيز الأشم وغداً لناظره قريب والله أكبر وعاش العراق أرضاً وشعباً.

التصدي للإرهاب مسؤولية الجميع

كتب كاظم مهدي النجار في صحيفة "البيان":  

باستمرار يؤكد العراق على ضرورة ان تتكاتف جميع الشعوب والبلدان من اجل تحقيق مبدأ السلام والأمن والاستقرار، والتعاون لمواجهة آفة الإرهاب التي بدأت تستشري في المنطقة بشكل كبير جدا، التي سلبت الامن واضرّت بالسلام الدولي، وتأكيدات العراق تأتي إنطلاقا من حرصه على أمن وإستقرار المنطقة ، خاصة وإن القوى الإرهابية تستهدف الحياة والتنمية بكل أشكالها.

وبالتأكيد فإن أحد أهم أهداف القوى الإرهابية ليس في العراق فقط بل في عموم المنطقة تتمثل بتفكيك المجتمعات ونسيجها المتجانس وتحويلها إلى أقليات متصارعة متناحرة وإنهاء حالة التعايش السلمي التي اعتادتها هذه الشعوب منذ فجر التاريخ.

ونحن في العراق نحتاج كثيرا للسلام والأمن والذي يتطلب ان يسعى الجميع من اجل إرساء السلام واستقرار المواطنين في العراق، ودعم العملية السياسية والديمقراطية فيه، خاصة وإن منظومة السلم الاجتماعي في العراق تتعرض لتهديد حقيقي من قبل الخارجين عن القانون وامراء الحرب وقادة الجماعات المسلحة والقاعدة والميليشيات والمنتفعين من الاحتراب المجتمعي.

ونشير هنا لما أكده السيد رئيس الوزراء نوري المالكي من إن ظاهرة الإرهاب الخطيرة انتشرت بسبب ما تمر به الدول والشعوب والآثار السلبية التي خلفها ما سمّي بالربيع العربي وما تركه من اوضاع سياسية واجتماعية وامنية هشّة في الكثير من الدول التي حصل فيها.

خاصة وإن هنالك فوضى في الكثير من الدول سمحت بشكل كبير جدا بتوفر السلاح بكميات كبيرة ونوعيات متطورة نتيجة الاحتكاكات والخلافات والانقسامات بين الدول التي وفرت السلاح للمنظمات الإرهابية لمواجهة كيانات وانظمة سياسية على خلفية الخلافات وتجلى ذلك بوضوح في القضية السورية ودعوات التسليح المستمرة.

لهذا فإن مكافحة آفة الإرهاب لا تقتصر على دولة لوحدها بل تحتاج لتعاون إقليمي ودولي على مستوى عال خاصة وإن الإرهاب بات اليوم مافيا تتحكم بالكثير من القضايا والأمور وتجد من يدعمها بشكل أو بآخر.

وان تجربة العراق بالتصدي للإرهاب تعطي مثالا قويا على أهمية وحدة الكلمة ووحدة الصف الداخلي لمواجهة قوى التطرف المتسترة بغطاء الدين، وهنا كما أشرنا يتطلب الأمر تعاون دولي في هذا المجال من أجل تجفيف منابع الإرهاب وموارده وحواضنه الإقليمية.

أما الجانب الآخر المهم جدا فيتمثل بخلق الوعي الأمني لدى المواطن وهو الأمر الذي يقلل من فرص قيام الإرهابيين بعملياتهم الوحشية ضد الأبرياء ، ولعلنا في العراق قد وصلنا لمرحلة مهمة من مراحل بناء الحس الأمني لدى المواطن وإن الكثير من السيارات المفخخة والعبوات يتم تفكيكها بعد اكتشافها من قبل المواطنين وهو ما يمثل حالة متقدمة في الوعي والحس الأمني.

نحن في العراق وفي حربنا ضد الإرهاب نحتاج إلى جهود الجميع دون استثناء وإرادة موحدة لا تستثني مكونا أو قومية أو طائفة لنكون كتلة واحدة في مواجهة الإرهاب وأن لا نترك للقوى الإرهابية فرصة تنفذ منها لتحقق أهدافها الدنيئة.

الولاية الأولى

كتب خليل الطيار في صحيفة "البيان":

مع اقتراب العد التنازلي للذهاب الى صناديق الاقتراع دخلت الكثير من الكتل السياسية بهوس التصريحات الموتورة المعبرة عن رغبتها للحيلولة دون تولي رئيس الوزراء ولاية ثالثة عادّين ذلك خطا احمر لا يمكن قبوله بل راح البعض يضعه هدفا لبرنامجه الانتخابي !

هؤلاء استعجلوا إعطاء نتائج الانتخابات القادمة التي بدأت كل مؤشرات قراءتها الداخلية والخارجية تثبت بان رئيس الوزراء ذاهب لا محال الى ولاية جديدة رغم الزعيق المشوش ورفع الخطوط الحمراء والصفراء والرمادية سرا وجهارا .

والهوس المحموم في هذا الاتجاه ضيع على هؤلاء فرصة الاصفاء لهدف واضح بدأت تصريحات الرجل تعبر عنه بوضوح في خطابات حملاته الاتخابية، والتي قلبت الطاولة على الكثير من مشاريع البرامج الانتخابية المطالبة بحتمية “التغيير”

وظهر الرجل في اول حملاته الانتخابية ليعلن بملاء فمه وبلسان عربي فصيح انه مع التغيير الذي بداه قبل غيره وهو اليوم اول المنادين بالتغيير الجذري للعملية السياسية، التي من دون احداث صدمة في موازينها ستبقى عرجاء مشلولة لا تحدث اثرا في مسار ركودها، بعد ان تغلبت فيها سياسات التوافق المعطل والمحاصصات العقيمة وتغليب المصالح القومية والمذهبية.

هم يطالبون بالتغيير الشكلي لازاحة رجل من موقعه وهو يطالبهم لاحداث تغيير جذري لمجمل مسار العملية السياسية وتحريرها من تبعية التقييد المعطل لقرار من يستلم دفة رئاسة الحكومة. وهذا يعني ان الرجل لم يعد تفكيره منصبا في الحصول على ولاية ثالثة التي هي مضمونة ومؤكدة بـل يريدها ولاية اولى تتغير فيها نمطية ادارة الدولة باسلوب الشراكة المعطلة، ويسعى الى تغيير يتمكن فيه من ان يتسلم منصب رئيس الوزراء الى تشكيل اغلبية سياسية قادرة ان تنتج حكومة فاعلة ومؤثرة في عملية بناء مؤسساتها وتحتاج من البرلمان عونه في اقرار قوانينها الضامنة لحقوق المواطنين ويشرع ما يلبي تطلعاتهم وحاجاتهم.

ومن خلال ذلك يمكن الاجابة عن غاية ما يراد تذكير المواطن به عن التغيير، بلا شك المواطن يريد ان يغير لينتج حكومة اغلبية فاعلة لا حكومة تتشكل بالتوافقات والمساومات.

والمواطن يريد برلمان يعمل منسجما بمهنية وارادة وطنية صادقة يعمل لتشريع قوانين تهتم بمصالح الشعب وتحقق اهدافه لا ان يعطلها، ويريد برلمان يذهب لمناصرة الحكومة في سياستها الداخلية والخارجية لتعيد للوطن مكانته وموقعه الذي يستحق.

ويريد كتل وساسة ان يقفوا صفا واحدا في مواقفهم لمؤازرة قواتهم الامنية وهي تخوض معارك شرف لمحاربة الارهاب والتطرف والميليشيات.

والمواطن يريد شخصيات وطنية تدافع بحق عن ثروات البلاد ومكتسباتها لا ان تفرط بها وفقا لسياسة “عدو عدوي صديقي” هذا هو التغيير الذي بات المواطن ينشده اليوم ويقف مؤازرا لمن يطالب به، وليس التغيير المبدل للوجوه والعناوين لنعود الى مربع التوافقات المقسمة للحصص والمنافع.

اذن خطأ كبير يرتكبه هؤلاء بتسويق فكرة منع الولاية الثالثة عن رجل صار لا يطلبها منة من احد بل، هي ولاية اولى يمنحها الشعب لرجل خبروا تجربته وصلابة مواقفه وشجاعته وبات يعترف له العدو قبل الصديق بالنزاهة والحنكة والمقدرة في اكمال مسيرة البلاد في ولاية تتحقق فيها اغلبية سياسية لن يقبل فيها ايقاع التعطيل للقوانين والمساومات، ولن يسكت فيها على منهج الدفاع عن مرتكبي الجرائم بحق ابنائه ولمن لا يفهم طبيعة وتاريخ الشعب العراقي الأبيّ سيجد الاجابة في ما تؤشره اختياراتهم المصيرية الصائبة في صناديق الاقتراع غدا والواقع ليس ببعيد. 

ديمقراطية العصاب الجماعي

كتب اسماعيل نوري الربيعي في صحيفة "العالم":

"الهور مرك والزور خواشيك" مثل عراقي..

كم من المرشحين الذي انتصبت صورهم الملونة على الأعمدة والجدران والقمصان والفانيلات والفيس بوك والسيارات وعلب المناديل الصحية، فكروا أو يفكرون في العراق. تعالوا معي سادتي نضع نسبة مئوية لهم 1% من هذا الحشد المهول العرمرم، 1,5% في أحسن تقدير، انطلاقا من تبني شعار (لو خليت قلبت).

وبإزاء هذه الديمقراطية العالية التكلفة، يكون السؤال أو التساؤل عن مجموع القيمة المالية لمجمل الحملات الانتخابية، كم يقّدر لها ما صرف من المال؟ الحسبة الأولية وفي ضوء الاختناق الذي تشهده الشوارع يشير من دون لبس أو مواربة إلى أن هذه الأموال يمكنها أن تُشبع فقراء العراق ومعدميه لمدة تزيد على الستة أشهر. هذا بأبسط الحسابات تواضعا، فيما الجميع يتنادى بأنه خادم العراق والساعي نحو إخراج البلاد من وهدتها ونكستها ونكوصها. الجميع يقول: أنا الحل، فيما البلاد تئن، والعباد تتوجع، في هذا المزاد الصاخب اللاهي بعصاب السلطة والجاه والمنصب والامتيازات، تلك الأخيرة التي تمثل أس الداء والبلاء. وإيه أيتها الامتيازات، كم من الجرائم ترتكب من أجلك، حيث الرغبة الجامحة التي تعن على المتسلقين والوصوليين، الذين تقمصتهم أحوال (أنا ومن بعدي الطوفان).

طوفان الانتخابات المخيف والمريع والمخجل في الكثير من الأحيان، جعل الكثير من المرشحين يقعون في أخطاء إملائية، تكشف عن النوازع الكامنة والمضمرة في نفوسهم، حتى صارت اللوحة الانتخابية بمثابة الكشف والفضح للنوايا الدفينة التي تعن على السيد النائب المرتقب. وهكذا يأتيك إعلان مرشح ومن فرط السرعة و(اللفلفة) وقلة الاكتراث بالمواطن الذي يخاطبه، ليقع في تصحيف كارثي، يتعلق بحقل المقدس، فبدلا من أن تتم عبارة "المرشح سين: نبني العراق"، تحولت إلى "نبي العراق". والمرشح هذا يشير تاريخه النيابي إلى حادثة في منتهى الطرافة، والتي جعلت منه مثار تندر المنتديات وسخرية العامة. لكنها الروح الطامحة، المستعدة لابتلاع أي شيء من أجل عيون الامتيازات ولا شيء سواها. إنه المرشح الذي لم يكلف نفسه عناء مراجعة الإعلان الانتخابي، أو حتى النظر فيه، ما دام كل شيء يقوم اللهاث والتسابق والتناحر و(إلك يا شديد البأس)، كما يقول المثل العامي الشائع، فيما يتصدر المشهد مرشح آخر، ترك جميع الشعارات المتاحة والممكنة، وراح يصر على استخدام شعار يتقاطع مع مسيرته المهنية التي كشفتها السنوات العشر الماضية، والقائم على (حامي ثروات العراق)، حتى صار الناس ومن دون مزيد من التفكير، يتساءلون عن سر غياب حرف الراء في وسط كلمة (حامي)، التي جاءت كبيرة بشكل لافت ومميز، كبيرة بحجم الكوارث التي حققها بجسد العراق المسجى على دكة أطماعه، وأطماع من يناصره.

وما بين النبي والحامي، يأتيك مرشح يعلو إعلانه قسم مفرط في الوضوح، يقول فيه وبسذاجة ورثاثة بالغة تبعث على السأم، أنه مرشح بناء على أمر أتاه من النبي الكريم (ص). حاشا نبي الرحمة أن يتم زج اسمه الشريف الطاهر في هذه اللعبة الماجنة الهزيلة، لكنها الجرأة، تلك التي تخطت كل الحدود، وراحت تتناهب الواقع خبط عشواء، من دون إدراك للعواقب.

العراق اليوم يعيش أوضاع الصورة الإعلانية الإشهارية، التي تجلي وتفصح وتفضح كل شيء، من خلال لعبة الألوان والعلامات والدلالات والشفرات والملامح والملابس واللغة المستخدمة، والدال والمدلول. فضاء سيميولوجي قابل لللاستنطاق والتحليل والقراءة والفرجة والاستمتاع، لمَ لا، بكل هذه التناقضات والتداخلات والمفارقات التي تضحك الثكلى.

وتعالوا سوية للنظر في الشعار الانتخابي الذي وضعه أحد رؤساء الكتل الانتخابية والذي يقول فيه: "تجتاح العالم اليوم أزمة فكر تعبر عن فراغ فكري وهي خطر، وفكرُ أزمة ينظر لها ويبررها من موقع التجريد، وهو أخطر". وبإزاء هذه الكلمات الثماني عشرة، أتحداكم أيها العراقيون، بل أيها الناطقون باللغة العربية طرا، إن استطعتم أن تجدوا تفسيرا لهذه المعضلة الفكرية العويصة. إعلان انتخابي يخاطب عموم الجمهور، بكل أطيافه، بائع الخضروات والحلاق وسائق التكسي والأرملة المسكينة والعامل البسيط. وما أجملك أيها النحرير وأنت تتحدث بهذه اللغة إلى الحاج صالح وزاير سوادي وأم حسن. وعلينا أن نتوقع أنه من فرط الدهشة التي ستنزل على رؤوس هؤلاء، أنهم سيعمدون إلى التهليل والتكبير. وإلا، نسألكم يا نخبة العراق المثقفة بكل أطيافكم أن تقفوا على تفسير لهذا القول. ونرجوكم ونتوسل لكم ألا تفسروها من موقع التجريد رحمة بنا، رعاكم الله ووفقكم و هداكم حسن السبيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

للمرأة حضورها اللافت في هذا المهرجان والكرنفال العجائبي، حيث لم تتردد إحداهن من استخدام نسختين إعلانيتين، الأولى تظهر فيها سافرة، وفي الأخرى تظهر مرتدية الحجاب. اللافت في الأمر أن الصورتين التقطتا خلال فترة زمنية واحدة من دون فاصل، بدليل أن النسخين تظهر فيها هذه المرشحة البراغماتية، بذات المكياج والملابس. المرشحة المصون هذه قادمة بكل ثقة للعب على الحبال والضحك على الذقون والاستخفاف بالعقول، جاهزة للركض مع الجميع ضد الجميع، فيما انتشرت صور الأزواج (المحرم) لتغيب صورة المرشحة (العورة)، وفي بعض الأحيان يغيب اسمها ويتم استخدام كنيتها (أم فلان) مضافا لها زوجها الذي يتصدر الصورة، في تمثّل موغل بالفضاضة وانعدام الثقة بالجمهور. وإذا كنت أيتها السيدة المصون حريصة على الحشمة، وتجنب الاختلاط، فما الذي يجبرك على اقتحام هذا المركب المعقد العسير (اللهم لا يحير عبده) وتعمدين إلى منافسة من لهم القابلية على مخاطبة الجمهور بشفافية وثقة ومسؤولية. قري واستكيني ببيتك هداك الله، وإلا (عليمن هذي الشدّة، يا بعد عيني).

تتواصل أزمة المرشحات مجهولات الملامح، ما بين من تضع النقاب الكامل، حتى يعسر عليك، بل يستحيل، تبيان شيء منها، أو من تكتفي بوضع صورة لجسدها الكامل مع إخفاء ملامح وجهها في تشبه هزيل وبائس، للصور التي تتداول موضوع الشخصيات النسائية ذات المكانة الدينية.

ويبقى السؤال الأهم متعلقا بهذا التناقض المفجع، في طريقة فهم وإدراك الحقل الديمقراطي المستند إلى الوضوح و التعامل المباشر.

ومن دون ليّ عنق النص، نقول للمعترضين: لا نعترض على التصرف الشخصي، ولا نريد من أي أحد أن يكشف لنا ما لا يريد كشفه، ولكن من يقتحم ميدان الخدمة العامة، عليه أن يتجشم عناء التضحية والبذل والعطاء والمواجهة والمنافسة. لكم التزاماتكم ورؤاكم وتصوراتكم، فسّروها وطبقوها في منازلكم، من دون أن تتوجهوا نحو احتكار الفضاء العام، و محاولة السيطرة عليه والهيمنة على مدركاته وموجهاته. 

اخترنا لك