مراكز الأبحاث الأميركية: للإستفادة من أخطاء الماضي في التعامل مع أزمة أوكرانيا
روسيا وأوكرانيا تتصدران اهتمامات مراكز الأبحاث الأميركية، ويتوغل بعضها في تجارب التاريخ القريب مطالباً صناع القرار بإجراء مراجعة للسياسات الراهنة وتلافي الفشل السابق. كما يتناول بعضها الأزمة السورية في ذكراها الثالثة وتفاقم الأوضاع الأمنية في مصر.
في الذكرى الثالثة للأزمة السورية اعتبر معهد هدسون أن امتدادها يتوّج سلسلة من الخطوات الخاطئة التي انتهجها "الرئيس أوباما في حملة تتسم بالكذب وانصاف الحقائق، وهو مدرك لمشاعر القلق والتوجس التي تنتابه."
وأضاف أن أشدّ ما يخشاه الرئيس أوباما في سوريا خسارتها "والانزلاق إلى كارثة لها أبعاد استراتيجية قد تصيب حلفاء أميركا وترتد على الولايات المتحدة نفسها .. إذ ارتكزت حملته التعبوية على استغلال مكانة البيت الأبيض للتهرب من الصراحة وممارسة التضليل الإعلامي بحق الشعب الأميركي، وعليه أن "يقلق بحق إذ إنها ستبقى نقطة سوداء تلوث إرثه السياسي".
مصر
إستعرض معهد كارنيغي حال الأحزاب السياسية التي "أظهرت ضعفاً مزمناً ما إن ابتعدت عن الارتباط بالقوى الاسلامية المصرية" ويستعاد طرح أهليتها "ودورها المرتقب في العملية الانتخابية القادمة.
وأعرب عن اعتقاده أن القوى غير إسلامية الطابع "لا تزال تواجه بعض التحديات، وقد تتوفر لها الفرصة لنيل أصوات الناخبين المستقلين وهم الذين وقفوا خلف نجاح تيار الإخوان المسلمين وقدومه الى السلطة".
مصرياً أيضاً، لفت معهد واشنطن النظر إلى "تنامي قوى التمرد غير المرئية" التي ترتبط بتنظيم الإخوان المسلمين وتستخدم وسائط التواصل الاجتماعي لترويج نشاطاتها ومعتقداتها.
وقال إن "حركة الإعدام"، على سبيل المثال، انطلقت على الشبكة العنكبوتية "للترويج لقتل ضباط كبار في جهاز الأمن المصري، وحث اتباعها البالغ عددهم نحو 3 آلاف عنصر إضرام النار في سيارات الشرطة" لا سيما وأن الحركة المذكورة تزعم أن "لدى مصر طاقماً من الشرطة يتكون من 34750 عنصر يتمتع زهاء 80% منهم بسيارات" توضع تحت تصرفه. وختم بالقول إن استهداف "سيارات الشرطة يبدو هدفاً دائماً لتلك المجموعات".
الجزيرة العربية
أوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية التطورات التي طرأت على أولويات السياسة الخارجية الأميركية والتي ينبغي عليها "بناء نمط جديد من التحالفات" في أعقاب ذلك "تسترشد بالحقائق الجديدة في الشرق الأوسط، والإقلاع عن ترميم الصدع في تحالفها مع الحكومة السعودية". كما لا يتعين "التغني بعدم بروز خلافات معها سيما في ظل تسيد قيم وأولويات مختلفة معها".
وأوضح أن أسلوب الحكم المتبع ينطوي على تباينات جوهرية بينهما.." فالأسرة الملكية تضع في رأس سلم اولوياتها مسألة أمنها الذاتي وأمن المملكة، والتي ترى العالم من منظار رؤيتها لماهية المصالح الإسلامية والعربية".
في سياق متصل، استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية مسألة "الفقه الإسلامي وتأثيره على آلية تصرف الحكومات في الشرق الأوسط" سيما وأن "المؤسسات الرسمية فقدت مصداقيتها بين الناشئة". ورجح أسباب الفشل الاجتماعي، لجوء السلطات الرسمية الى "تعزيز التفسير الرسمي للدين الذي يقتضي نزع طابع السياسة عن الدين، وتوجس الدعاة الموظفين في أجهزة الدولة من التطرق للتحديات اليومية والتي لها أبعاد سياسية: سوء أسلوب الحكم، الإقصاء الاقتصادي، والفساد".
وأضاف أن التغاضي عن معالجة تلك المسائل يدفع بالجيل الناشيء إلى أحضان التطرف والعنف، وعليه "يشكل ذلك الصراع الايديولوجي تحديات عميقة للساسة الأميركيين نظراً لانعدام رؤية دور واضح لأميركا كي تلعبه". ووجه انتقاده للحكومات المحلية "لسعيها الدائم التخلص من التطرف بين أوساط مواطنيها عبر ترسيخ المفاهيم الدينية، بدلاً من تقليصها .. على أمل أن تسفر تلك الإجراءات عن نشوء أجيال تبتعد عن نزعة التمرد".
الأزمة الأوكرانية في المنظار الأميركي
سعى معهد المشروع الأميركي إلى تسطيح الفشل الأميركي في التعامل مع الرئيس الروسي إلى "توجهات أميركية وقناعات سابقة مترسبة كما جرى نحو قادة تركيا وإيران" حاثاً المسؤولين في الخارجية الأميركية مراجعة "سلسلة الأخطاء الماضية" والاقتداء بنقيضها.
وقال المعهد "إن الطاقم الديبلوماسي الأميركي "رفض الإقرار بأخطاء" تتعلق بالحكومة التركية منذ عقد ونيف من الزمن خاصة فيما يتعلق بتورط رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في تبييض الأموال وصناديق الرشاوى. وصدق السفير الأميركي آنذاك مزاعم أن أردوغان ينتمي إلى جيل الاصلاحيين".
كما نال المعهد من طاقم الخارجية ممثلاً بالوزير جون كيري والمفاوضة ويندي شيرمان الموفدة إلى المحادثات مع إيران "اللذين انطلقا من فرضية خلو العقود الماضية منذ الرئيس جيمي كارتر وصولاً إلى أوباما من مفاوضات أجريت مع إيران وأن الوفد المفاوض (الإيراني) المقابل لا يختلف عن سابقه الذي امتهن الكذب والخداع".
وفي صلب الأزمة الأوكرانية، حثت مؤسسة "هاريتاج" صناع القرار على اتخاذ إجراءات فعالة "لتحرير أسواق الطاقة" وتقليص النفوذ الروسي "الذي يستند إلى حدّ بعيد على مخزون احتياطه الهائل من الطاقة"، مناشدة الحكومة الأميركية "الحد من النظم والضوابط التي تقيد حرية الولايات المتحدة في ممارسة نفوذ أعلى على أسواق الطاقة العالمية ومضاعفة الإنتاج المحلي من وسائل الطاقة ورفع الحظر عن تصديرها للخارج مما يفيد الإقتصاد الأميركي وأوكرانيا" سوياً. كما طالبت المؤسسة نواب الكونغرس "بتسريع إجراءات الوصول إلى منابع الطاقة في الأراضي الأميركية واستخراجها ورفع القيود عن الإتجار بها" في الأسواق العالمية.