مصر: دار الإفتاء تدق ناقوس خطر "فتاوى التكفير"
"المرصد الإعلامي لفتاوى التكفير" التابع لدار الإفتاء في مصر يصدر أول تقرير حول "تأثير السياسة على فتاوى التكفير"، عارضاً لهذه الظاهرة، ويؤكد أن الفتاوى صارت إحدى أكثر القضايا التي تحتاج إلى الضبط في ظل "فوضى الفتاوى" وانتقالها من الاجتماعي إلى السياسي.
أصدر "المرصد الإعلامي لفتاوى التكفير" التابع لدار الإفتاء المصرية، أول تقرير له حول "تأثير السياسة على فتاوى التكفير"، حيث عرض التقرير لتلك الظاهرة ورصد بعضاً من الفتاوى السياسية الصادرة بعد ثورة 25 يناير حتى اليوم. وأكد التقرير الذي صدر الثلاثاء أن الفتاوى أصبحت إحدى أكثر القضايا التي تحتاج إلى الضبط والتأصيل في ظل "فوضى الفتاوى" وانتقالها من الاجتماعي إلى السياسي.
وأوضح التقرير "تصاعد حدة الفتاوى السياسية الصادرة من غير المتخصصين منذ ثورة 25 يناير 2011 خاصة مع صعود التيارات الإسلامية"، مؤكداً "ظهور فتوى دينية مصاحبة لأي بيان أو تصريح سياسي بالتأييد أو المعارضة، بما يكشف يقيناً توجيه هذه الفتاوى لخدمة أهداف سياسية حزبية معينة، وتوظيف الدين لاستقطاب الأتباع".
وأكد تقرير "المرصد الإعلامي لفتاوى التكفير"، أنه ثبت أن من يطلقون هذه الفتاوى غير مؤهلين علمياً ولا عقلياً لافتقادهم أدنى المعايير العلمية المعتمدة في إصدار الفتاوى الشرعية، ولعدم إدراكهم خطورة ما يطلقونه من أحكام تؤدي إلى خراب المجتمعات وإحداث الفتن بين أبناء الوطن الواحد، فضلاً عن جعلهم التكفير مدخلاً شرعيا للقتل واستباحة الدماء والأعراض".
وعرض التقرير عدداً من الفتاوى السياسية التي أسهمت في تعزيز حالة الانقسام المجتمعي في مصر والتحريض على الاقتتال وتخريب البيوت ومنها على سبيل المثال: الفتوى بإهدار دم المتظاهرين الذين خرجوا في مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد حكم الرئيس السابق محمد مرسي، وأخرى تحرم الخروج عليه قبل مظاهرات 30 يونيو، والإفتاء ببطلان محاكمته مقابل أخرى تعطي المسوغ الشرعي لقتل أنصار الإخوان، مروراً بتحريم المشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية وفتاوى تبيح قتل المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع باعتباره مرتداً عن الإسلام انتهاء بفتوى تطليق "الزوجة الإخوانية" وآخرها فتوى تبيح حرق سيارات ومقرات الشرطة والاعتداء على بيوت الضباط وممتلكاتهم.
مستشار مفتي الجمهورية والمشرف على إصدار التقرير الدكتور إبراهيم نجم، خلص إلى أن "فتاوى التكفير تلقي بآلاف الشباب في أتون التطرف والقتل والانفجار طلباً لما يزعمون من الشهادة فيسارعون إلى سفك دماء الأبرياء وترويع المواطنين داخل البلاد وخارجها"، إضافة إلى "أنها تمزق النسيج المجتمعي وتشيع الكراهية والحقد بين أبناء المجتمع الواحد بعد أن تقسم المواطنين إلى مؤمنين وكفار وتصادر حق المواطنين في أن يكون لهم وطن يحتضنهم ويأويهم".
وشدد التقرير على "أن التكفيريين لا يتركون خياراً أمام بقية المواطنين سوى القتل أو الفرار خارج الوطن، الذي جعله المتطرفون لا يتسع لعموم المواطنين على اختلاف قناعاتهم السياسية والفكرية".
وانتهى إلى عدة نتائج وتوصيات أهمها أن الإفتاء له طبيعة خاصة في المجتمع المصري، فهو ذو تأثير وتأثر بجميع جوانب الحياة ويجب على الأمة أن تعنى بشأنه وتنتبه إلى خطورة ممارسته.
وأوصى بضرورة قيام مؤسسات الإفتاء الرسمية بمهمة إصلاح ظواهر الانقسام المجتمعي والخلل الاجتماعي الناتج عن فوضى الفتاوى، وكذلك التشديد على أن دار الإفتاء بمرجعيتها الوسطية ومنهاجها المعتدل تعيد التوازن إلى الساحة السياسية في المجتمع المصري.