الحكومة اللبنانية تنال ثقة "الدول".. قبل "دولتها"!
صحيفة السفير تقول إن صعوبة إيجاد تسوية خاصة بالبيان الوزاري للحكومة اللبنانية قابلة للتعويض عبر الإعلان الذي سيصدر عن اجتماع باريس، وفيه تركيز على ضمان استمرارية المؤسسات، وتكشف عن نقل مكان الإجتماع إلى قصر الإليزيه لتوجيه رسالة دعم قوية للبنان.
صحيفة "السفير" اللبنانية: لم تعد الحكومة مهتمة لا ببيانها الوزاري ولا بثقة المجلس النيابي، ما دامت "الأمم" المجتمعة في باريس، الأربعاء، ستمنحها "ثقة حارة" وتمدّ يدها للتعاون معها، وتحثها على "معالجة التحديات العاجلة التي تواجه لبنان بشكل فعال.. ومن دون تأخير".
وإذا كان البيان الوزاري شكليا أكثر مما هو ملزم للحكومة نفسها، فان صعوبة إيجاد تسوية لما تبقى من فقراته، قابلة للتعويض أيضا بالبيان ـ الإعلان الذي سيصدر عن اجتماع باريس، وفيه تركيز على "ضمان استمرارية مؤسسات الدولة (اللبنانية)"، سواء من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وفي إطارها الدستوري، أو الدعوة إلى "اتخاذ خطوات من أجل ضمان إجراء الانتخابات النيابية المقبلة من دون تأجيل".
وإذا تمكن الرئيس اللبناني ميشال سليمان، فانه سيفوز بتعديل الفقرة الدولية التي كانت تشكره، بعدما اعتبرها مقربون منه بمثابة "تحية وداعية له"، وهو سعى لمحاولة تعديلها، لكي تتحول إلى فقرة داعمة له ولدوره في الحفاظ "على سيادة لبنان ووحدته واستقراره واستمرار عمل مؤسساته، وكذلك سعيه لتعزيز الحوار وحماية لبنان من تداعيات الصراع في سوريا".
وبين تلك الإشارات الدالّة إلى أهمية دور المؤسسات الدستورية والاستقرار اللبناني، فان بيان باريس الذي نشرته "السفير"، في السادس والعشرين من شباط/ فبراير الماضي، بنصه الحرفي الكامل، سيتطرق بطبيعة الحال إلى عنوانين بارزين، أولهما تداعيات الأزمة السورية على لبنان في شتى المجالات، وثانيهما قضية تسليح الجيش اللبناني، غير أن التعويل اللبناني الأكبر هو على زيادة رأس مال الصندوق الائتماني، خاصة بعد بروز مؤشرات سلبية من جانب الدول التي كان يعول عليها، ومنها فرنسا التي تستضيف المؤتمر.
ووفق مراسل الصحيفة في باريس محمد بلوط، فان الوفد اللبناني لا يحمل ورقة عمل رسمية بل مجموعة أفكار حول سبل تنفيذ مقررات المؤتمر الأول الذي عقدته المجموعة الدولية من أجل لبنان في الخامس والعشرين من أيلول /سبتمبرالمنصرم في نيويورك، بحضور الدول والمنظمات نفسها، تضاف إليها دول جديدة أبرزها السعودية وبعض الدول الأوروبية الصغيرة مثل أسوج بعدما قررت أن تعوض عن مشاركة شقيقاتها الأوروبيات في دعم الصندوق الائتماني.
وكان لافتا للانتباه أنه بعد نجاح فرنسا في استدراج حضور دولي إلى المؤتمر وخاصة وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا، قررت دوائر الاليزيه نقل كل فعاليات المؤتمر واللقاءات التي تعقد على هامشه إلى قصر الرئاسة الفرنسية، بدلا من وزارة الخارجية، وهي أرادت من ذلك "توجيه رسالة دعم قوية للبنان"، على حد تعبير مصدر فرنسي.
و"إذا كان هذا المؤتمر ليس مؤتمر جمع أموال بل توفير الدعم السياسي للبنان"، كما قال وزير الخارجية جبران باسيل للصحيفة، فان الفرنسيين يحاولون تعويض "قصورهم المادي"(سيساهمون بمبلغ رمزي)، بالتباهي بموضوع دعم الجيش اللبناني بأسلحة ومعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار، ستصل إلى خزينتهم مباشرة من السعوديين، "ولو كان الثمن العسكري الذي سيحصل عليه الجيش اللبناني متواضعا"، على حد تعبير أحد أعضاء الوفد الحكومي اللبناني.
وعلم أن قضية إدارة الأموال المخصصة للبنان، قد أثارت زوبعة سياسية لبنانية ـ دولية، برغم تواضع المبلغ التأسيسي (بين مليون50 و100 مليون دولار) إذ أصر البنك الدولي على إدارة مشتركة له وللحكومة (هيئة مشتركة خاصة)، بينما رفض فريق لبناني أية إدارة خارج سلطة الدولة اللبنانية، وبالتالي، اشترط أن يتم الصرف من خلال الحكومة (لجنة وزارية مثلا)، وهي النقطة التي يفترض أن تكون حسمت عشية بدء أعمال المؤتمر.
وإلى جانب اللقاءات التي عقدها الرئيس ميشال سليمان، فور وصوله إلى باريس، اجتمع الوزير باسيل، في أول اطلالة خارجية له، مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس على مدى 45 دقيقة، في "الكي دورسيه"، واتفقا على اهمية الاستقرار في لبنان و"ضرورة بناء جيش قوي ومحاربة الإرهاب"، وشدد فابيوس على "التزام فرنسا بحرية وسيادة واستقرار ووحدة لبنان ودعم الحكومة اللبنانية".
وتركز النقاش حول قضية النازحين السوريين، وقال باسيل لفابيوس ان هذه القضية وجودية بالنسبة الى لبنان "واذا كان استقرار لبنان يهم فرنسا والأسرة الدولية، فعليكم أن تأخذوا في الاعتبار أن هذه القضية تهدد استقرار لبنان ومعالمه الكيانية ونسيجه السياسي والاجتماعي".
وشدد باسيل على وجوب أن يقترن الحديث الدولي عن دعم لبنان بدعم جيشه، وقال لنظيره الفرنسي: "لا يوجد لبناني واحد يقول انه يرفض مقاومة اسرائيل أو أنه لا يريد جيشا قويا".
وشدد على أهمية تبدّل النظرة السياسية الدولية في مقاربة قضية النازحين السوريين والتأسيس لدعم متواصل ومستديم للبنان ومنع امتداد النيران السورية الى لبنان، وقال إن الصندوق الائتماني هو طريقة لمساعدة لبنان، لكنها ليست طريقة حصرية، بل هناك طرق متعددة لترجمة الدعم الدولي في شتى المجالات.