توقيع اتفاق بين الرئيس الأوكراني والمعارضة لإنهاء الأزمة

اتفاقية خاصة بتسوية الأزمة في أوكرانيا تقضي بحسب وزير الخارجية الألماني بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة العمل بدستور 2004، وذلك بعد مفاوضات صعبة استمرت طوال الليل وتوقفت صباح الجمعة.

بعد ثلاثة أشهر على الأزمة وسقوط عشرات القتلى والجرحى في ساحات كييف جاء الاتفاق بين الرئيس الأوكراني فكتور يانكوفيتش ومعارضيه لإنهاء الأزمة. 

جلس الرئيس الأوكراني مع زعماء المعارضة إلى طاولة التسوية لتوقيع الأحرف الأولى لتسوية الأزمة. وقع فيكتور يانوكوفيتش في حضور وزيري خارجية ألمانيا وبولندا والمبعوث الروسي كوسطاء لوحظ عبوسه الملموس أثناء جلسة التسوية مع زعماء المعارضة التي تمثلت بحزب الضربة وحزب الوطن الذي ترأسه رئيسة الوزراء السابقة المسجونة يوليا تميوشينكو وحزب الحرية

اتفاق التسوية يقضي بعودة أوكرانيا إلى دستور عام 2004 ينص هذا الدستور على اقامة نظام برلماني رئاسي وتقييد صلاحيات رئيس البلاد. وأعلن الديوان الرئاسي أن الاتفاق ينص كذلك على اجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد اقرار دستور جديد وذلك قبل كانون الأول ديسمبر من العام الجاري، بالاضافة إلى تغيير قانون الانتخابات، واعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية على أساس القوائم وفقاً لقواعد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ولجنة البندقية.

وأقرّ البرلمان الأوكراني في جلسته عودة البلاد إلى دستور عام 2004، وصوت أكثر من ثلاثمائة نائب لصالح اقالة وزير الداخلية. وتعهدت الحكومة بعدم اعلان حالة الطوارىء في البلاد. كل تلك التطورات جاءت عقب اعلان سابق ليانوكوفيتش بالمبادرة لاجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة وفاق وطني، واجراء اصلاح دستوري من أجل وقف إراقة الدماء في البلاد.

وعلى خط مواز لقطار التسوية تجددت الاشتباكات في كييف السلطات، حيث أكدت السلطات الأوكرانية سقوط ثمانين قتيلاً منذ مطلع الأسبوع. بينما تجاوز هذا الرقم لدى المعارضة المئة كحصيلة يوم واحد.

وكان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير قال في وقت سابق إن "أوكرانيا ستجري انتخابات رئاسية مبكرة وتشكل حكومة وحدة وطنية وتعود للعمل بدستور 2004 بموجب اتفاق وقعه الرئيس مع زعماء المعارضة اليوم الجمعة. وسرد شتاينماير النقاط الرئيسية للاتفاق الذي توسط فيه مع وزيرين آخرين من الاتحاد الأوروبي بعد توقيعه في كييف.

وأمهلت إتفاقية الحل السلمي كل من يحمل السلاح 24 ساعة لتسليمه للداخلية. وقرر البرلمان الأوكراني اقالة وزير الداخلية. كما قرر الإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو وإسقاط التهم الجنائية عنها.

ورحبت واشنطن بالاتفاق في اوكرانيا ودعت الى تطبيقه فورا، كما رحبت رئاسة الاتحاد الاوروبي بتوقيع اتفاقية التسوية السياسية بين الرئيس والمعارضة في اوكرانيا.

أما روسيا فقد أعربت وزارة خارجيتها عن استغرابها من القرار المتسرع لإعادة العمل بدستور عام ٢٠١٤ في اوكرانيا. وجاء في بيان نشر على موقعها الرسمي مساء الجمعة ان المفوض الروسي لحقوق الانسان فلاديمير لوكين استدعي الى كييف للمشاركة في صياغة اتفاقية التسوية السياسية في البلاد. وأضاف البيان ان نص الاتفاقية لحظة انخراط المسؤول الروسي في العملية كان شبه جاهز لذا لم يوقع عليه خلافا لم فعله وزيرا خارجية كل من ألمانيا وبولندا اللذان شاركا في صياغته بفاعلية.

الخارجية الروسية أعربت ايضا عن قناعتها العميقة بان العمليات المصيرية بالنسبة لاوكرانيا مثل الإصلاح الدستوري يجب ان تجري بمشاركة تامة لكل القوى السياسية والأقاليم وان تقر في استفتاء شعبي عام. وأكدت الوثيقة ايضا على ان الخطوات العملية لتطبيع الأوضاع في البلاد يجب ان تحمل طابعا متبادلا وتؤدي الى مصالحة وطنية فعلية.

وشددت موسكو أيضاً على ضرورة احترام الوسطاء الخارجيين لسيادة ووحدة الاراضي الأوكرانية وعلى تنصل المعارضة السياسية في اوكرانيا من المتطرفين والتصدي بحزم لممارساتهم غير القانونية.

وأعلن وزير المالية الروسي عن إيقاف القرض الروسي لاوكرانيا لحين استقرار الأوضاع في البلاد. كما أعلن رئيس بنك التوفير الروسي إيقاف منح القروض لعملائه في اوكرانيا.

وأفاد مراسل الميادين أن حالة من الفوضى كانت سادت كييف بعد انسحاب الشرطة والأمن من الشوارع، وأن سكان المدينة يغادرون العاصمة بشكل جماعي هربا من "الفوضى الثورية"، وأفاد عن اكتظاظ المطارات ومحطات القطارات بالمسافرين الذين يغادرون العاصمة الأوكرانية، وسط قطع مجموعات من المتطرفين الطرق في كييف لإيقاف السيارات والتحقيق في هويات الركاب.

ووصف مصدر دبلوماسي في تصريح لوكالة "رويترز" المفاوضات بأنها كانت صعبة للغاية. وانتهى اللقاء، بعد أن استمر نحو 9 ساعات.

وكان المفوّض الروسي لحقوق الإنسان فلاديمير لوكين الذي كلفه الرئيس فلاديمير بوتين بالوساطة من أجل تسوية الأزمة في أوكرانيا، قد انضم الى المفاوضات الجارية بين الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش وزعماء المعارضة بحضور وزيري خارجية بولندا وألمانيا.

وأكدت آنا غيرمان مستشارة الرئيس الأوكراني مشاركة لوكين في المفاوضات، معربة عن أملها في أن تسفر المفاوضات عن توصل الطرفين الى حل وسط ينهي المواجهة.

وكان لوكين قد رفض بعد وصوله الى كييف الكشف للصحفيين عن مضمون الاقتراحات التي سيطرحها في المفاوضات.

وأعلن دميتري بيسكوف المتحدث الصحفي باسم الرئيس الروسي، أن الرئيس بوتين بعث المفوض الروسي لحقوق الإنسان إلى كييف استجابة لطلب الرئيس الأوكراني.

وشارك في المفاوضات عن المعارضة زعيم حزب "الضربة" فيتالي كليتشكو (بطل العالم السابق في الملاكمة)  وزعيم الكتلة البرلمانية لحزب "الوطن" أرسيني ياتسينيوك (تترأس هذا الحزب رئيسة الوزراء السابقة المسجونة حاليا يوليا تيموشينكو)، وزعيم حزب "الحرية" أوليغ تياغنيبوك. كما حضر المفاوضات وزيرا خارجية بولندا رادوسلاف سيكورسكي وألمانيا فرانك فالتر شتاينماير اللذان وصلا إلى كييف بجانب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس صباح الخميس، بالتزامن مع تجدد الاشتباكات الدموية في العاصمة الأوكرانية، لكن فابيوس غادر كييف مساء الخميس، متوجها الى الصين.

وفي الوقت نفسه، قدمت السلطات وحزب الأقاليم الحاكم مزيداً من التنازلات للمعارضة، إذ وافق البرلمان على بحث موضوع الإصلاح الدستوري، وأمر بإيقاف عملية مكافحة الإرهاب التي أعلنتها السلطات سابقا، وأمرت أيضا بسحب وحدات القوات المسلحة التي تم نشرها في كييف وإعادتها الى الثكنات.

وأكدت السلطات الأوكرانية سقوط 77 قتيلا في المواجهات المستمرة منذ الثلاثاء، بينما تصر المعارضة على أن عدد الضحايا بلغ نحو مئة قتيل خلال يوم أمس وحده.