مجلس الأمن: التفاهم مع روسيا يمر بتنازلات غربية بداعي "ضعف الأوراق"

الأمم المتحدة تشعر بأن الدول الخليجية خذلتها، فتعهداتها في مؤتمر المانحين جاءت دون المستوى المطلوب ولم يدفع منها سوى ١١ في المئة حتى الآن. هذا الواقع إضافة إلى غيره من العوامل وضع المحور العربي - الغربي في موقف حرج إزاء الملف الإنساني في سوريا.

الدول الغربية التي قالت انها تفضل عدم صدور أي قرار عوضا عن صدور قرر ضعيف باتت أكثر استعداد لتقديم تنازلات

علمت الميادين أن الإجتماع الذي كان مقررا عقده في الجمعية العامة لمناقشة الوضع الإنساني في سوريا بطلب من السعودية تأجل إلى الثلاثاء المقبل بناء على طلب الدول الغربية. فهذه الدول تسعى إلى تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بتفاهم مع موسكو وقد قطعت المباحثات بين الطرفين شوطا طويلا ويتم تذليل العقد الواردة في مشروع القرار الغربي الذي وضع الأربعاء بالحبر الأزرق.

ومن المحتمل التصويت على المشروع إما الجمعة أو السبت بعد أن تسحب منه كافة الفقرات التي تخرج عن روح ومضمون بيان مجلس الأمن الدولي الرئاسي الذي صدر عن المجلس بالإجماع في ٢ تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وعلى رأس هذه الفقرات تلك المتعلقة بوضع سوريا تحت المادة ٤١ من الفصل السابع من ميثاق المنظمة، وهي الفقرة التي تقل بدرجة فقط عن السماح باستخدام العنف العسكري لفرض قرارات مجلس الأمن الدولي، لكنها تفرض وصاية علىسوريا تتجواز شروط السيادة.

كما سحبت من القرار أي إشارة إلى المحاسبة عبر محكمة الجنايات الدولية، ويجري العمل على حذف التنديد أو مجرد الإشارة إلى إستخدام البراميل المتفجرة.

الدول الغربية التي قالت إنها تفضل عدم صدور أي قرار عوضاً عن صدور قرار ضعيف بمعاييرها، وهو ما ورد صراحة على لسان سمانثا باور الإثنين الماضي، باتت أكثر إستعدادا  لتقديم المزيد من التنازلات على غرار ما جرى في القرارات السابقة إنسجاما مع كافة القرارات التي صدرت سابقا.

مردّ ذلك إلى أن هذه الدول تشعر بضعف الأوراق التي تحملها. فالمجموعات والتنظيمات المسلحة ليست في وضع ميداني يساعدها على فرض شروط، وهي محرجة كثيرا من المصالحات التي تتم في غير منطقة في محيط العاصمة وخارجها هذا بالإضافة إلى التناحر الدائر في صفوفها والإنشقاقات وإعادة صياغة تركيباتها. مخاض لا يمنحها قدرة على إنتزاع مكاسب سياسية بأية حالة من الأحوال. من هنا يُستبعد طرح مشروع قرار غربي تضطر موسكو لممارسة حق النقض ضده.

من جهة أخرى من المنتظر أن يصل المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي إلى نيويورك الإثنين المقبل، بتأخير أسبوع عن الموعد الذي حددته الأمانة العامة للأمم المتحدة سابقا. الإبراهيمي سيبحث مع الأمين العام نتائج مباحثات جنيف ٢.

وعزت مصادر مطلعة هذا التأخير إلى الخلاف الذي نشأ أثناء جنيف ٢ بين الإبراهيمي من جهة والوفد الرسمي السوري من جهة أخرى. إذ اتهمه الوفد علانية بأنه بات يتصرف كطرف وليس كوسيط. فهو كان يتدخل عندما تصل المعارضة إلى وضع محرج مساعدة للوفد المعارض. أمر خفف من فعالية المبعوث المشترك وأفقده الكثير من الثقة.

 وأراد الإبراهيمي تأخير حضوره كي لا يظهر مجددا بأنه جزء من جوقة الضغط على سوريا التي نظمت في المنظمة الدولية منذ مطلع الأسبوع الحالي. سيما وأن إجتماع الجمعية العامة كان مقررا بشكل متزامن مع مفاوضات مجلس الأمن الدولي حول مشروع القرار المتعلق بسوريا وما رافقها من تصريحات غربية متشددة.

وفيما ينتظر أن يقدم مسؤولون دوليون صورة قاتمة عن الحالة الإنسانية في سوريا خلال نقاشات الجمعية العامة التي ستتم الثلاثاء المقبل، رجح دبلوماسيون أن تتسم لهجة الإبراهيمي بالتوازن والتركيز على أن عملية جنيف طويلة ومعقدة ولم يكن في الأساس مؤمولا أن تصل إلى نتيجة من جولة أو جولتين.

وتشعر الأمم المتحدة بأن الدول الخليجية العربية تحديدا خذلتها في مؤتمر المانحين الذي عقد في الكويت. فالتعهدات كانت أقل من ثلث النداء المطلوب وقدره ٦،٥ مليار دولار. حيث لم تتجاوز ٢,٣ مليار لم يدفع منها سوى نسبة ١١ في المئة حتى الآن.

ولوحظ تقاعس من الدولتين الخليجيتين الأغنى في المنطقة وهما السعودية وقطر حيث إقتصرت تعهدات كل منهما على ٦٠ مليون دولار. هذا التقاعس جاء في وقت يزداد النزوح السوري بشكل مطّرد، ويكاد فصل الشتاء يمر قبل وصول المساعدات الملحّة للمحتاجين.

هذه العوامل مجتمعة وضعت الجزء الغربي ـ العربي من المجتمع الدولي في مأزق وضعف حيال تحمل المسؤوليات الإنسانية. وفي المقابل سحبت سوريا الكثير من الذرائع الإنسانية بحل عقد مثل  حمص ومخيم اليرموك والغوطة وسرّعت وتيرة المصالحات إلا في المناطق التي تسيطر عليها تنظيمات إرهابية مرتبطة بالقاعدة. فهذه التنظيمات لا تستطيع بحكم أفكارها الإنتحارية المتحجرة المساومة أو التراجع عندما تصل إلى مأزق عسكري أو سياسي. وغالبا ما تنتحر سياسيا فضلا عن نحر أعضائها في عمليات "جهادية" عقيمة.

اخترنا لك