التجاذب الأميركي الروسي حول سوريا وأبعاده الدولية

التأزم الروسي الأميركي في مؤتمر جنيف هو جزء من تأزم أوسع بين البلدين حول عدد من القضايا المتوترة.. تأزم يؤكد عزم الرئيس فلاديمير بوتين على ترسيخ دور روسيا في العالم ويبدو أن البوابة السورية هي الأهم حالياً لترسيخ هذا الدور..

حين وصل غينادي غاتيلوف إلى جنيف والتقى بوزير الخارجية السوري وليد المعلم قال له حرفياً "أنا جئت لأؤكد على الثوابت الروسية وعلى دعمنا لكم ونحن معكم في أولوية الإرهاب".

لم تفلح كل مناورات نظيرته الأميركية ويندي شيرمان في ثنيه عن التصلب، فذهبت إلى وفد الإئتلاف تقول "إن الإجتماع كان سيئاً وإن الروس لا يريدون الضغط".

يتبين بعد 3 أعوام من الحرب في سوريا أن بوتين أكثر صلابة في هذا الملف مما اعتقد الأميركيون وخصوم الرئيس السوري بشار الأسد، دمشق هي منبر اعتلاه سيد الكريملين ليقول للأميركيين لا خرق للشرعية الدولية بعد اليوم ولن نسمح بتكرار التجربة الليبية، هو نجح في ذلك حين ترنحت سوريا بنيران الحرب، فكيف لا يقول الشيء نفسه فيما الجيش السوري الحليف يتقدم، وفيما العالم يتبنى وجهة نظر موسكو لحل تفاوضي بين النظام الحالي والمعارضة.

هذا جزء من صراع نفوذ كبير بين واشنطن وموسكو، تجلى بعضه أيضاً في الساعات الماضية بالتأييد العلني من قبل بوتين لترشيح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر... لامته الخارجية الأميركية فلم ولن يتراجع.

علاقات البلدين توترت كثيراً عام 2007 في الولاية الثانية لجورج بوش اثناء حرب جورجيا، تتوتر مجدداً الآن بسبب التدخل الغربي في أوكرانيا، صحيح أن انتخاب أوباما غيّر المعادلة.. تقارب الرئيس الأميركي مع بوتين، لكن في الولاية الثانية لأوباما شهد العالم بؤر توتر كثيرة، بينها منع مسؤولين روس من الدخول إلى أميركا بسبب قضية "مانيتسكي" ثم حين فاجأ بوتين الأميركيين باستقباله الجاسوس سنودن، ثم بعد الخديعة الغربية لموسكو في ليبيا، ناهيك عن منظومة الدرع الصاروخي الأطلسي والقلق الروسي من تمدد الإرهاب صوب الجمهوريات السوفياتية السابقة.

تشعر روسيا بوتين اليوم أنها استعادت مكانة كبيرة في العالم، الدولة المتربعة على مساحة شاسعة وحقول طاقة وفيها 140 مليون نسمة وهي عضو في مجلس الأمن، تريد للمجلس والعالم أن يكون متعدد الأقطاب، لا تابعاً لأميركا، وسوريا بالنسبة لبوتين واحدة  من أبرز ساحات التنافس والصراع مع أميركا.. فكيف لا يتصلب غاتيلوف؟!!!!