عمالة الأطفال... ظاهرة تنتشر بشكل كبير في موريتانيا
إنتشار عمالة الأطفال في موريتانيا يدفع ببعض المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى المطالبة بضرورة تطبيق القوانين والتشريعات المحرّمة لهذه الظاهرة.
بعيداً من مقاعد الدراسة، يتابع الطفل "عثمان" ذو العشر سنوات حياة لا تعد بالسنين بل بعدد السيارات التي يساعد رب المعمل على إعادة تأهيلها. بيديه المتسختين، ووجهه المغطى ببقع الزيت الأسود، يجسد "عثمان" جزءا من عذابات الطفولة البريئة في موريتانيا.
يقول "انا أعمل هنا منذ 2010 وأتقاضى راتباً يومياً هو 400 أوقية (دولار واحد). استخدم مائتين منها للنقل ومئة أدخرها حتى نهاية الشهر لأشتري بها بعضاً من حاجاياتي والمئة الأخرى أعطيها لأمي".
بحسب بعض المنظمات الحقوقية فإن 16% من عمال موريتانيا هم أطفال. وحيثما يممت وجهك ثمة صبي منهمك في العمل، أحياناً لأكثر من عشر ساعات في اليوم. إنها واحدة من أكثر الظواهر الاجتماعية المقلقة في البلد. فهي تشهد نمواً كبيراً منذ سنوات مع تزايد حالات الفقر والتفكك الأسري في المجتمع.
وحول هذه المسألة يتحدث الأستاذ الجامعي والباحث الاجتماعي محمد محمود ولد أعل أنها "ظاهرة موجودة في المجتمعات التقليدية، وفي الدول الفقيرة السائرة في طريق النمو. من أهم اسبابها هو الفقر والجهل، وبالتالي فإنها ظاهرة سيئة ورغم ذلك ورغم أنها محرمة من جانب القوانين الدولية والوطنية إلا أنها تستفحل يوماً بعد يوم".
ككل صبية العالم جاؤوا إلى الدنيا في ظروف لم يكن لهم فيها أي دخل. لم يجد بعضهم في هذه الحياة أمامه أبا فكان لزاماً عليه أن يلعب دور الأب صبياً، وولد البعض الآخر لأب أجبرته هموم الحياة القاسية على الدفع بفلذات كبده الى سوق العمل.
وهو ما يجعل من الحديث عن الدراسة ضرباً من الترف الفكري، خاصة عندما تغدو الحياة تجربة قاسية تجبر تلميذ المرحلة الابتدائية على لملمة أوراقه والسعي في بلاد الله، ليعود بعد غروب الشمس بدولار يتيم، لكنه فاصل بين حياتين.