"صبحية" مع شاب و3 نساء: أرملة، عانس، وعزباء
تنشط منذ أسابيع قليلة الحركة المسرحية في لبنان حيث إستعادت ألقها وحضورها الجماهيري بعد حالة التذبذب التي عاشتها بفعل الأوضاع التي سادت البلاد بدءاً من 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وجديدها "صبحية" إنتاج ونص وتمثيل "جوزيان بولس" مع المخرجة الأكثر حضوراً على الخشبات "لينا أبيض" تدير(ماغي بدوي، يارا زخور، وهادي أبو عياش)، على خشبة مسرح "مونو"- الأشرفية (بيروت).
أجواء العمل الحميم والشفاف وخفيف الظل، تدور في إحدى القرى الكسروانية (شمال لبنان) وتولى الممثل "جوزيف أصاف" تدريب الممثلين على اللهجة المحلية، حيث نتعرف على الشقيقتين: الأرملة "جميلة" (جوزيان) التي توفي زوجها وترك لها إبناً وحيداً يدعى "سامر" (هادي) يعمل مصوراً، والعانس "هدى" (ماغي) الحالمة دائماً بالعريس المناسب الذي يحبها، يضاف إليم الصبية العازبة "ميريام" (يارا) التي قصدت القرية في غياب ذويها المسافرين، بعدما إعتادت مرافقتهما تمضية فصل الصيف فيها، وهي نسجت علاقة ود مع الخالة "هدى" خدمتها في التطورات اللاحقة التي تمثلت في عودة "سامر" وبروز نوستالجيا أعادت الشابين إلى ذكريات الطفولة أيام كانا صغيرين لا يفترقان.
نتعرف على هذه العائلة من خلال حوارات مطولة بين الأختين اللتين تعانيان من غياب الرجل: الأولى بحكم وفاة الزوج، والثانية بسبب عدم زواجها أصلاً بفعل رفضها معظم من تقدموا للإرتباط بها، مراهنة دائماً على الأفضل الذي لم يتوفر أبداً، لذا ذابت الإمرأتان في حب "سامر" الذي كسر الطوق من حوله وإسترجع ماضيه مع "ميريام" وحوّل صداقة الطفولة، إلى حب عاصف هزم أنانية الأم، وإستغل مودة الخالة التي مررت العلاقة بين الشابين وإقتنعت "جميلة" أخيراً بأن الحب الحاضر بينهما مستحيل قهره أو وقفه، وبالتالي فإن دعمه هو أفضل الممكن، وواكبنا لقاءات عاطفية حارة بين الحبيبين على الخشبة تعبيراً صادقاً وطبيعياً عن المشاعر الفياضة بالشوق والود والهيام.
تمر الحوارات على موضوعات مختلفة تشكل حديث اللبنانيين في الغالب، وإستطاعت المخرجة "أبيض" بخبرتها الطويلة إعطاء الممثلين الأربعة مساحات رحبة لكنها مميزة في سياق المعادلة المتوازنة بينهم. "جوزيان" التي وضعت روحها في النص لذا كان سهلاً عليها النجاح في تقمص دور الأم التي لا تترك منفذاً لوحيدها كي تهتم به وترعاه وتخاف عليه من كل شيء ثم تنصاع لإرادته وخياره في أن يكون مع "ميريام" التي كانت منسجمة مع الدور، وأثبت "هادي" (وقف بطلاً أمام كاميرا فيليب عرقتنجي في فيلم: إسمعي) بوضوح موهبته في التمثيل، تماماً كما كانت "ماغي" متمكنة من الشخصية التي جسدتها وأكدت معها على قدرة لافتة في لعب الكاراكتيرات، وقد كان الإنسجام واضحاً في التواصل مع "جوزيان" الجريئة والكريمة في الصرف على إنتاجها للفوز بنتيجة إيجابية عند عرضها للجمهور.