داليدا.. التي أسعدت المحبين وانتحرت بسبب الحب
في ذكرى رحيلها الـ 33، لا زال الفرنسيون يستذكرون داليدا التي أسعدت العشاق والمحبين، واليوم تجمع بعضهم وكسروا قواعد التباعد للاستماع إلى إحدى أغانيها.
"سامحوني الحياة لم تعد تُحتمل" هذا نص الرسالة التي تركتها المطربة داليدا إلى جانب جثتها داخل شقتها الباريسية، في الثالث من أيار/ مايو عام 1987، بعدما أخذت جرعة زائدة من الأقراص المهدئة واضعة حداً لحياة الوحدة القاتلة التي عاشتها بعد إنتحار حبيبين لها تباعاً فقررت اللحاق بهما بالطريقة إياها.
هذا حدث قبل 33 عاماً.
الصوت الذي منح المحبين أحلى أغنيات الشوق والوله والوفاء، إحتاجت صاحبته دائماً إلى توأم لروحها، لكنها لم تعثر على أحد بعد: لوسيان موريس، والمغني لويجي تانغو، اللذين إنتحرا بسببها، لذا إعتبرت أن القدر لن يمنحها غيرهما لإكمال حياتها العاطفية بشكل سليم، فقررت يولاندا كريستينا جيجليوتي الإنسحاب من الحياة بهدوء عن 54 عاماً فقط، و500 أغنية بـ 8 لغات (العربية، التركية، الفرنسية، اليابانية، الأسبانية، الهولندية، الإيطالية، والألمانية) منها (عندما لا يكون عندنا سوى الحب، قصة حب، تكلم بصوت أخفض، سأنتظرك، الموت على المسرح، رجل صغير، رومانتيكا، فلامنكو، النهار حين جاء المطر، زمن الورود، وجه الحب، وداعاً يا حب – ciao amore ciao، gi gi ei amoroso، وparoles).
داليدا التي قدمت أكثر من حفلة على خشبة قصر البيكاديللي في بيروت، عرفتها أهم المسارح العالمية ولكنها على الدوام لم تنس حي شبرا في القاهرة حيث ترعرعت في عائلة إيطالية، قبل أن تحظى بفرصة السفر والغناء في باريس التي حملت صوتها إلى أرجاء المعمورة، ومتى في عز عصر إديث بياف، لكنها لم تعاصرها كثيراً بل واكبت ونافست ميراي ماتيو التي إعتزلت لاحقاً تاركة الساحة لـ داليدا كي تصدح وتهيمن على معالم الأغنية الفرنسية مع النجم الأرمني الذي إنطلق من مرسيليا شارل أزنافور، ومع كل أغنية تطلقها صاحبة الصوت الساحر، كانت الأغنية الفرنسية تتمدد عالمياً في مواجهة الحضور الإنكليزي (فريق البيتلز) والأميركي مع سيد تلك الحقبة فرانك سيناترا، ومعه بربارا سترايسند، وتجد لها مكاناً رحباً في العالم.
عام 1986 حاول صديقها المخرج يوسف شاهين مساعدتها على إستعادة توازنها العاطفي حيث خاضت محاولتيْ إنتحار فاشلتين، وطلبها لبطولة فيلمه: اليوم السادس، على أن تتحدث بالعربية، رفضت عدة مرات، لكن شاهين واصل الإلحاح حتى إقتنعت، وزارت القاهرة وبكت كثيراً حين زارت بيت طفولتها في شبرا، ووافقت على التصويريشاركها البطولة محسن محيي الدين. وتحدث العاملون في الفيلم عن مقدار الجهد الذي بذله شاهين لجعلها مرتاحة ومطمئنة، فكان يلاطفها ويجاملها ويُسمعها أحلى الكلام لكي يفوز منها بأفضل أداء يريده، فأخذ الأداء من دون القدرة على التحدث بعربية مقبولة. وأكثر من تأثر بإنتحارها كان شاهين لأنه حاول دائماً التخفيف عنها وطمأنتها إلى أن كل شيء سيتحسن لكن مع بعض الصبر.