"صاحب المقام" تصل بركاته إلى المحتاجين عبر وسطاء
خطوة سينمائية نوعية جديدة سجلتها مصر من خلال فيلم :صاحب المقام، للمخرج الشاب محمد العدل، عن نص ثان (بعد: مولانا) للكاتب إبراهيم عيسى، أكد معه أن بالإمكان تحقيق توازن بين النوعية النخبوية، والجماهيرية الشعبية على الشاشة.
شريط :صاحب المقام، بشّرنا بنموذج قريب جداً من التيار السينمائي الجديد الذي عرفته مصر أوائل الثمانينات مع فريق من المخرجين (محمد خان، علي عبد الخالق، عاطف الطيب، على سبيل الحصر) وهو ما يؤكد أننا على مشارف الإعلان عن ولادة لتيار مماثل سيغلق الباب على تجارب سلبية عرفناها مع أفلام ظهرت خلال فترة التحولات في مصر وما بعدها.
والأهم في السياق، هو الإنسجام بين كتاب شباب ومخرجين في مثل سنهم يفكرون بأسلوب مختلف هو نفسه الذي يروق للمشاهدين، بحيث يجمع بين العمق والمعرفة والمستوى الحضاري وصولاً إلى إستنتاجات حديثة تبدّل من المعالم التقليدية التي بنت صروحاً متشابهة من المبادىء في ذاكرتنا الخصبة.
الفيلم مختلف تماماً عن السائد، ويكفي أنه يحمل في صياغته وتنفيذه ملامح جاذبة، إلى موضوعات لم تطرقها السينما بعد. نحن أمام موضوع دقيق عن الأئمة الصالحين من خلال شاب ثري يدعى يحيى (آسر ياسين) متزوج من راندا (أمينة خليل) وله إبن في التاسعة من عمره (عمر حسن)، يقرر يحيى إزالة مقام من أرض إستملكها لبناء مجمّع سياحي بعدما دفع رشوة لمنع الإعتراضات، وما إن حصل الهدم حتى سقطت زوجته مغشياً عليها بسبب نزيف في المخ، تركها في غيبوبة طويلة، من دون أن يتمكن الطب من إعادتها إلى اليقظة، ووجد من لفته إلى أنه أخطأ في هدم المقام وعليه التعويض من خلال الذهاب إلى مقام الإمام الحسين عليه السلام وأخذ عينات من طلبات الناس الفقراء التي يتوسلون فيها مساعدة من الإمام الشافعي رضي الله عنه.
نفذ يحيى الميسور مادياً النصيحة وأخذ رسائل من الناس الغلابة وقصد أصحابها في منازلهم أو أماكن عملهم، وساعدهم في تلبية كامل طلباتهم، في وقت لم يتركه وجه روح (يسرا) وهي تثني على توجهه في خدمة المحتاجين، لقد ظهرت في كل الأماكن التي قصدها، وأخيراً كانت في جناح زوجته راندا التي أفاقت من غيبوبتها وقامت من سريرها وهي بكامل عافيتها، وأتم يحيى المطلوب منه بالإشراف على بناء مقام بديل حمل إسم "مقام سيدي هلال" وعادت الإبتسامة إلى وجهه وتبدلت حياته.
في الشريط أسماء كثيرة للممثلين بينهم 17 فناناً حضروا تحت صفة : ضيف شرف، فيما أمتعنا الفيلم في سياقه وعفويته وحسن تصويره (سامح سليم) وتأثير موسيقاه (خالد الكمار).