إلياس الرحباني: وداعا لبنان
إتصل بنا وكان مستنفراً. بادرنا: بدي تسمع هالكلمتين ناوي وصّلهن لوين ما كان. وإذا بنا أمام بيان إنقلابي يهاجم فيه الفنان المخضرم إلياس الرحباني الوضع السائد في البلد، في الفن، في العلاقات السائدة والأخلاق الحميدة، قال كلامه بقسوة وثبات تعبيراً عن عدم رضاه على ما تشهده الساحتان الفنية والسياسية والعامة، مشيراً إلى أن هذه هي البداية، في إقتحامه المباشر الوضع غير الطبيعي الذي نتعايش معه.
وداعاً لبنان. وداعاً للعذاب فينا. وداعاً للشرف والأخلاق. وداعاً للمقدرين والمؤلفين وعمالقة الموسيقى. وداعاً للشعراء. وداعاً لقلعة بعلبك وقصر بيت الدين وأرز الرب. وداعاً للكبار من الممثلين والشعراء. وداعاً للشعب النبيل الذي كان يقدر ما يجمع من الصفات الرائعة والمسرحيات العظيمة خلال سنين وسنين. إنما اليوم لا صوت يصدح، ولا قلم ، ولا شعب يقرّب بيننا واحد، والعدد بات لا يحصى. وداعاً أيتها الإذاعات والتلفزيونات لأنكم قررتم قتل الأطفال في أحشاء أمهاتهم، لأن الطفل في أحشاء أمه وعتدما يبلغ يومه الخامس عشر يبدأ بسماع الموسيقى، وهنا خراب عقل الطفل لأن الأم تسمع الأغاني والموسيقى الهابطة. وداعاً يا لبنان لأنك هابط فنياً وهابط سياسياً وهابط أخلاقياً. فالفرق خارق بين الغرق والعوم وصعب عليك العوم في لبنان".هذا نص البيان الذي قرأه لنا الفنان الرحباني هاتفياً، وعندما سألناه لماذا تقول هذا الكلام اليوم وليس قبل ذلك فرد: لقد فاضت روحي وما عدت أحتمل كل التجاوزت التي تتكرر يومياً من دون رادع، وكانت زوجتي ( نينا ) أول من إعترض علي لأن لا نتيجة ترتجى من علاج الوضع القائم.
الفنان الرحباني( أصغر شقيقيه عاصي ومنصور) بلغ ال78 من العمر، له 3000 لحن دعائي، ويمتلك منذ العام 1990 أستوديو يحمل إسمه في أنطلياس، ووضع الموسيقى التصويرية لعدة أفلام منها إثنان للمخرج هنري بركات: حبيبتي، أجمل أيام حياتي، وصدر له كتاب شعر عام 1996 بعنوان: نافذة القمر.
إلياس الرحباني يتهم الدولة على الدوام بأنها لا تلتفت إلى الكبار المعطائين في لبنان، والذين يحظون في الخارج دائماً بأرفع الأوسمة، وأرقى التقديرات.