ولادة التلغراف ووفاة زوجة صمويل

شهدت شبكة الاتّصالات موجة من التطوّرات التقنيّة قبل أن تبلغ هذه المرحلة المتقدّمة من التواصل السّمعي-البصري. تواصلٌ حقّق حلم التغلّب على المسافات واختصار الوقت في انجاز التّعاملات الإنسانيّة، حتّى أصبحت العلاقات تتجاوز الحدود الزّمانيّة والمكانيّة وتنتصر عليها.

التلغراف مهّد لنظام إتصالات على مستوى عالمي
لأن الاتصال ضرورة حتميّة، ولا يمكن للجماعات البشريّة الاستغناء عنها أو بلوغ التقدّم الحضاري بمنأىً عن مواكبة أحدث التّطوّرات التكنولوجيّة، لم يقف طموح الانسان عند هذا الحدّ من الاتّصال عن بُعد، بل كان السعي الحثيث لتطوير شبكة الاتصالات واكتشاف التّقنيات الحديثة والمتطوّرة التي تُمكّن من جعل العالم قرية صغيرة، بعيدةٌ من حيث المسافات، وقريبةٌ من حيث امكانية تحقيق الاتصال المباشر والفوري.
في مثل هذا اليوم، ومنذ أكثر من مئة عام، أحدث العالم الأميركي صمويل مورس ثورة في مجال الاتصالات، وذلك بعد أن أخترع أوّل نموذج عملي للتلغراف في عام 1835. و ارتبطت نشأة التلغراف بإسم مورس الذي نجح في ارسال أوّل تلغراف في تاريخ البشرية، علماً أنه كان رساماً، وتعذّر عليه رؤية زوجته قبل موتها، بسبب تأخر وصول رجل البريد إليها، الأمر الذي جعل منه مخترعا كبيراً، وكان لاختراعه تأثيراً ثقافياً وفكريّاً في الفترة الفكتوريانيّة.
والتلغراف الذي مهّد لنظام إتصالات على مستوى عالمي، هو أوّل إتصال سلكي، استخدم في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، لإرسال البرقيات والنصوص، معتمداً على ترميز الحروف بنبضات كهربائية. وكان التلغراف ثمرة عدة اختراعات وتجارب حتى وصل إلى هاتفٍ محمول، بات مستخدماً من كافة أطياف المجتمع، إلا أن هذا الهاتف مرّ بعدة مراحل إلى أن وصل ما هو عليه الآن، ومن هذه المراحل:

عام 1973 تم اختراع الهاتف الذي يحوي الأزرار لطلب الرقم بدلاً من دولاب الأرقام
في عام 1876، تم اختراع أوّل للهاتف من قبل العالم غراهام بل، حيث حاول ايجاد وسيلة لمساعدة الصم في حياتهم، وكان عبارة عن جهاز ارسال واستقبال بسيط.وفي عام 1882 تم اختراع الهاتف الذي يعلق على الحائط، حيث كان يتكوّن من حامل لسماعة المستقبِل وعمود، ويتم من خلال العمود الاتصال مع مزوّد الخدمة الذي يحول المكالمة إلى الجهة المطلوبة.
عام 1919 تم اختراع الهاتف الذي يقوم بالاتصال بالرقم المطلوب مباشرة دون الحاجة لوجود محوّل المكالمات.
وجاء بعده في العام 1982 الهاتف الذي يمكن حمله كاملاً بيد واحدة، وتلاه في العام 1937 هاتف تم تزويده بقرص يصدر صوت الجرس عند قدوم أي مكالمة.

مارتن كوبر قام باختراع الهواتف النقالة التي تعمل عن بعد
في عام 1973 تم اختراع الهاتف الذي يحوي الأزرار لطلب الرقم بدلاً من دولاب الأرقام، وفي العام عيْنه، قام العالم الأمريكي مارتن كوبر باختراع الهواتف النقالة التي تعمل عن بعد دون الحاجة إلى الأسلاك فيما بينها، ومنذ ذلك الوقت تطورت الهواتف النقالة بشكل كبير حيث تم ربطها مع الشبكة العنكبوتية وأصبح يمكن من خلالها تصفح مواقع الأخبار، والدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي والتواصل مع كافة الناس، كما زوّدت تلك الهواتف بكاميرات يتم من خلالها إلتقاط الصور وإرسالها مباشرة عبر الإنترنت، ووصل تطوّر الهواتف النقالة إلى القدرة على التواصل بالصوت والصورة وبشكل مباشر من خلال استخدام الإنترنت. ولا يزال التطور قائماً، فلا نعلم كيف سيكون شكل الهاتف وما هي مواصفاته وما هي الخدمات التي سيحتويها في المستقبل القريب.

إذاً، أضحت وسائل الاتصال اليوم رمزاً للحداثة، مستبيحةً اهتمامات الناس، ومغيرةً بشكل جذري الحياة اليومية للأفراد. ومع بداية القرن العشرين، وفر الهاتف للمستخدم خدمات عدة، وعلى سبيل المثال، بات باستطاعة الفرد متابعة آخر التطورات والمجريات في أي بقعة من هذا العالم وهو مستلقي على فراشه، ليحدث هذا التغيّر نقلة نوعية في الاتصال ما بين الناس، إذ فرض الهاتف نفسه لاعباً أساسياً في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية، وصار ضرورة حتمية لا تستغني عنها المجتمعات البشرية.

اخترنا لك