هوت سنديانة المسرح اللبناني.. مات منير أبو دبس
يستحيل تخيل الإنطلاقة الكبيرة للمسرح اللبناني الحديث في الستينات من دون الجهد الجبار الذي بذله منير أبودبس، مخرجاً وممثلاً وكاتباً، مترجماً رؤى كبار المسرحيين في أوروبا والعالم إلى أعمال تجريبية متقنة، جذبت إليها كبار النقاد وعموم الجمهور، لكن الحرب على لبنان، قصمت ضهر أفكاره فوزّع وقته بين باريس وبيروت،ثمّ إنكفأ إلى مسقط رأسه الفريكة، حتى مات.
سنديانة المسرح اللبناني. هذا لقبه. هو واحد من الرواد
الذين بذلوا كل ما عندهم في سبيل المسرح، ترك الفن التشكيلي وجعله هواية بعدما
درسه في باريس التي عرفت إسهاماته المسرحية متعاوناً مع وزارة الثقافة الفرنسية
بين عامي 1977 و1998، حيث غلبه الشوق إلى لبنان فوزّع وقته بين باريس وبيروت
وحيداً يتنقل بينما عائلته بقيت طوال هذه الفترة في فرنسا.
مسرحيته: الطوفان، كانت سبباً في شهرة كبيرة له رافقته
إلى باريس لأن منير كان عرضها في ألمانيا ووصل صداها إلى المنابر الثقافية في
أوروبا، كما كانت سبباً في إنفصال الفنانين الزوجين والكبيرين أنطوان ولطيفة
ملتقى، عنه، لأنه أعطى الدور الأول في المسرحية للوجه الجديد وأحد تلاميذ: مدرسة
بيروت للمسرح الحديث( كليمنصو) الشاب أنطوان كرباج.
أراد منير الذي يعتبر واحداً من أهم الأكاديميين
المسرحيين أن تكون له عدة فروع لمدرسة مسرحية واحدة تأخذ من العالم ولا تلغي
الهوية اللبنانية، لكن شدة شغفه بالمسرح حوّلته إلى عاشق متيّم لا يرى إلاّ هذه
الحبيبة الغالية وحدها.وبدا أحياناً مغرقاً في الأفكار السوداوية أو المبهمةأو
التي تتضمن ملامح لا يتم إلتقاطها من المشاهدين سريعاً وحصل جانب من هذا المناخ في
عرض شاهدناه له أوائل العام ألفين وحصل إستغراب منا ومن الزملاء للغموض الزائد في
وسائل التعبير المشهدية في المسرحية . وقد إلتزم أبو دبس على مدى ال 17 عاماً
الأخيرة تنظيم مهرجان الفريكة، ورعاية ورش عمل لفنانين شباب، إلى أن فاضت روعه عن
84 عاماً وهو القائل:
يعنيني من الدنيا أنني مارست المسرح أعظم منبر فني في
الدنيا، ولو خيّرت في حياة ثانية فإنني سأختار المسرح. إنه عالمي وكياني وهويتي.
نعم إلى هذا الحد أحب الفنان الكبير منير أبو دبس
المسرح، ونعتقد أنه رحل وفي نفسه شيء من المسرح لم ينله بعد.