"جورج خباز" يوبّخ أبناء الطوائف والمذاهب اللبنانية.. وطنياً

فعلها "جورج خباز". الفنان المتعدد الطاقات والمواهب، إعتمد في مسرحيته الجديدة "إلاّ إذا" راجمة إستهدافات لبنانية، حدّدها وسمّاها لا بل إقتحم عليها مربعاتها الأمنية والسياسية والإجتماعية، وخاطبها مباشرة، من خلال مبنىً آيل للسقوط ومع ذلك فإن سكانه من كل الأطياف اللبنانية لا يقومون بأي جهد إنقاذي لوقف هذا التداعي الموصل إلى الإنهيار الكامل.

لم يفوّت أحداً من التناول والإنتقاد، في وقت كان الجمهور يُشعل صالة مسرح "شاتو لو تريانو" تصفيقاً وضحكات عالية بمثل علو السقف الذي إعتمده، في تناول الوضع اللبناني بكل تداعياته والمخاطر المحدقة بأبنائه المتعددي المعتقدات والمشارب، مشيراً إلى أن هذا التنوع له صورة إيجابية تعني الغنى وليس أي ملمح سلبي آخر، دخل إلى الجوهر المحلي، من خلال مبنىً على وشك الإنهيار، سكانه من كل الطوائف التي تتوحد حين سماع النشيد الوطني، أو أي أغنية وطنية مؤثرة، ثم وبسرعة البرق يعود كل منهم إلى جماعته، ولونه، وأفكاره البالية في التعاطي مع الآخر، ليبقى الحذر قائماً من أي فتنة تشتعل هنا أو هناك، وأتاح لكل الحاضرين على الساحة فرصة قول ماعندهم، تماماً مثل الذي نسمعه غالباً في وسائل الإعلام ، أو اللقاءات الخاصة، بل وأكثر.

إلتزم "خباز" ميزان الجوهرجية في توزيع الإنتقادات المباشرة، وكذلك في قول قولة الحق عن كل مكوّن لبناني، في وقت جسد فيه شخصية "حسين" الشيعي المتزوج من "زينب"(مي سحاب) ولهما تسعة أبناء، والعاشر على الطريق، وكلما شعر بتجاهله من قبل الأطراف الأخرى يعمد إلى إطلاق رشقات من رشاشه في الهواء كإنذار بأنه غاضب فتعود الأمور وتستوي كما يريحه، ويظل يردد شعارات عن المقاومة إلى أن يعلم أن أصله ماروني فينقلب إلى الجهة الأخرى، وهذا ماحصل مع باقي الشخصيات التي جسدت الطوائف فالسني (غسان عطية) والدرزي (وسيم التوم)، الماروني (جوزيف أصاف) الأرثوذوكسي ( جوزيف سلامة) والكاثوليكية (سينثيا كرم)، والأرمني (أسبيد كاجادوريان) كلهم كانوا أوفياء مع إنتماءاتهم، إلى أن ثبت العكس فتحوّلوا إلى الأصل النقيض الذي لطالما إنتقدوه وباتوا لسان حال هذا الآخر في فرقعة فنية مدهشة لها تداعياتها ولمعانها الرائع على الخشبة، خصوصاً عندما علم الماروني أن أصله شيعي فردد شهادة أن "لاإله إلا الله"، ودوت الصالة بالضحك والتصفيق عندما علم الأرثوذوكسي بأن أصله ماروني فسقط مغمىً عليه، وكذلك تلاشت قوى الكاثوليكية عندما علمت بأصولها الشيعية.. وهكذا تتالت الصدمات وإمتزجت الكوميديا بالدراما في أمتع كوكتيل فني على الإطلاق، حوّل الصالة والحضور إلى سوق عكاظ تمتزج فيه أصوات وأهازيج متعددة فيها ملامح فرح ورضى. 

خرجنا من المسرحية مسكونين بتفاصيل التفاصيل منها، وأبلغنا الفنان "خباز" أن النص أخذ معه عدة أشهر كتابة، وكان بدأه في شباط/فبراير الماضي، ولفتنا إندفاع الفريق بكامله ومهما قصُرت أو طالت فترة الظهور على الخشبة لأي ممثل ، أشعرنا بأنه بطل في الإطار المرسوم له، هذه الروح مهمة وتمثلت بشكل مؤثر وله وزنه مع المخضرمين"عمر ميقاتي"و"بطرس فرح"، اللذين حضرا كضيفي شرف فاعلين.

اخترنا لك