النساء في عهدة "سلمى بكار" ضامنات حقوقهن

إكتملت ثلاثية المخرجة التونسية الكبيرة "سلمى بكار" بفيلمها الرابع "الجايدة". إنه إستكمال لفيلميها "فاطمة 75"(1976)و"حبيبة مسيكة"(1994). أما فيلمها "خشخاش" فكان خارج هذا الثالوث السينمائي. والموضوع المرأة بكل حيثياتها وتفاصيل حياتها، وما إستطاعته من إنجازات في يومياتها إنطلاقاً من مبدأ أن الحقوق يستحيل أن تضيع طالما أن النساء في إثر حقوقهن لا يتراجعن أبداً، خصوصاً وأن العنف ضدهن يتمادى ويستوجب حسماً واضحاً في مواجهته.

النساء الأربع في الجايدة

"الجايدة" هي المرأة القاسية التي تدير "دار جواد" الذي يستقبل نساء من أعمار متفاوتة أخطأن في حياتهن، وعليهن تصويب أدائهن بحيث يعدن إلى المجتمع بعد 6 أشهر وكأنهن ولدن من جديد، لكن معظم الحالات التي عرفناها من خلال الفيلم كانت لنساء مظلومات ذهب رجالهن إلى القاضي الشرعي وأبلغنه إما بخيانتهن، أو بالتقصير في واجباتهن الزوجية أو المنزلية، وهنا لا تكون أسئلة كثيرة للمرأة حتى تُدان وتحاكم، وبالتالي يجري إستقبالها في هذه الدار مهما إعترضت أو تمنّعت.

نحن إزاء 4 حالات نسائية ميلودرامية. واحدة ظل جسمها يتحرق شوقاً للقاء أي رجل، فإشتكى زوجها عليها، لكي يبعدها عن بوادر إرتكابها أي معصية لا أحد يرضى عنها، والثلاث الباقيات مظلومات من الرجال، من الذين يفترض بهم أن يحفظوهن، لكن الواقع مغاير ودخلت النساء في متاهة طويلة وفائقة الإظلام " لست ممن تلعب لعبة المرأة التي تضرب ضربتها القاضية ثم تهرب محملةً الرجل كامل المسؤولية، لا أنا لم أقلل في فيلمي من قدر ودور الرجل الإيجابي في مكافحة العنف ضد النساء في مجتمعاتنا العربية" هذا الكلام ردّت به علينا المخرجة الرائعة "بكار" حين إعترضنا خلال جلسة النقاش في ختام الفيلم على صور الرجل في "الجايدة" التي تحمّله وزر عذابات النساء في كل وقت.

"فاطمة بن سعدان" الممثلة المخضرمة تجسد شخصية "الجايدة" ببراعة، معتمدة على القسوة في تعابيرها وعلى خبرتها في أداء الكاراكتيرات العديدة عبر سنوات غير قليلة من تمثيل شخصيات صعبة لا يدركها سوى قلة من الفنانات. ومعها وجيهة الجندوبي، سهير بن عمارة، وسامي محجوبي، في إنتاج لـ "سامي بن ملوكة". في 110 دقائق، إستطاعت "بكار" طرح قضايا نسائية عديدة في تونس ومن خلالها إلى عموم الوطن العربي.

اخترنا لك