"حسين قاووق" أول إطلالة توّجته جماهيرياً بـ 90 دقيقة تصفيق وضحك
"شوووو ها" (أو ما هذا) عنوان العمل المسرحي الجديد الذي إفتتحه الكاتب والمخرج والمنتج "يحيى جابر" على خشبة "تياترو فردان" ليل السبت في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2018 مُقدماً موهبة تمثيلية لم يسبق لنا أن عرفنا صاحبها الممثل الشاب "حسين قاووق" من قبل، ولبينا الدعوة بدافع الفضول المهني، فكيف تتم المغامرة بإسم مغمور يقف لوحده على المسرح، وإذا بالصورة تنقلب رأساً على عقب في الفصل الأول من المسرحية، وتتحول في الثاني إلى نوبات ضحك وتصفيق وبرافو و رائع، لـ "قاووق" الذي بدا واثقاً من سيطرته على الشخصيات المتداخلة التي يجسّدها بعدما إستسلم الحضور إلى كاريسماه كممثل يتمتع بنباهة عالية وحضور كاسح.
رهان "جابر" كان رابحاً، مع رابع ممثل (بعد تجربته البكر مع الفنان أحمد الزين في: إبتسم أنت لبناني) يتبنّى موهبته ويوفق في خدمته ككاتب ومخرج، بدءاً بـ "زياد عيتاني" (بيروت طريق الجديدة، بيروت فوق الشجرة) "أنجو ريحان" (إسمي جوليا، مجدرة حمرا، وتتحضر حالياً لعملهما الثالث) و"ناتالي نعوم" (من كفرشيما للمدفون). الآن دور "حسين قاووق"، من الوهلة الأولى لا كاريسما جاذبة لهذا الممثل كنجم خشبة، لكنه بالتأكيد ممثل متمكن ومتقدّم في ذكائه وهو يتلاعب بالشخصيات المتناقضة كأنه حاو يمتلك أسرار سحره بدقة، وسرعان ما راحت عناصر حضوره المسرحي تتوسع وتأسرنا عن جدارة في مربعه الفني نتلقف كل عبارة أو حركة في الوجه أو الأطراف لكي نضحك من القلب على من لم يأخذ وقتاً طويلاً حتى دخل القلب وإستقر في أعماقه، ومتى من أول تعارف، من أول عمل، بما يعني أنه بذلك حطّم حواجز موجودة عادة بين الفنان ومتابعيه لا بدّ أن تنوجد قبل التعوّد ثم المباركة أو الإنسحاب من الخيار أساساً.
التمهيد في الفصل الأول من "شو ها" شكّل الأساس المتين لقوة الدفع وتدفق الأفكار والحركات في الفصل الثاني، حيث تابعنا حكاية "حسين" إبن بلدة كفررمان – قضاء النبطية، والده علي يمتلك محلاً لبيع الفول في منطقة الشياح وهو لا يكف عن إحباط إبنه البكر لتواضع مستواه دراسياً مع وسواس يراوده على الدوام خوفاً عليه ومنه، وحكايات بات الكاتب "جابر" سيد من يرويها بتفاصيلها غير المملة لإثراء شخصيته الرئيسية وما يُحيط بها من شخوص ومتفرّعات تصب في خانة الإضاءة الكاشفة على البطل. كان الممثل "قاووق" وحيداً على الخشبة مع مقعد يتسع لإثنين وطاولة صغيرة منعت حصول فراغ إلى يمين المسرح، بينما أثبت هذا الفنان طواعية جسدية مرنة جداً، وحضوراً ذهنياً دقيقاً للغاية، بحيث تلازمت كلماته مع حركاته رغم تتابعهما السريع، كما كان لمّاحاً في رمي بعض الإشارات المعبّرة قبل العبور إلى مقلب أو حدث آخر، بأسلوب بدا أقرب إلى السحر.
أحببنا العمل، ورسخ في ذاكرتنا إسم الممثل "حسين قاووق"، وجدد لنا "يحيى جابر" صورته الإيجابية وجرأته في طرح أسماء شبابية على خشبة باتت تعبّر عن منهج مسرحي له سادته على الخشبة، وجمهوره في الصالة.