تطويع العربية لملاءمة أوبرا موزارت "باستيان وباستيينا"
منذ 12 عاماً خاض الشاعر "هنري زغيب" تجربة الكتابة للأوبرا فوضع نصاً خاصاً بـ "باستيان وباستيينا" لـ "موزارت" وجاءت النتيجة إيجابية مع تنفيذها بالتنسيق مع المايسترو "هاروت فازليان" بمباركة ودعم من رئيس المعهد العالي للموسيقى الراحل "وليد غلمية" الذي قدم أوركسترا الكونسرفاتوار لتنفذ هذا المشروع في عدة حفلات على خشبات بيروت ثم الشارقة. الجامعة اللبنانية الأميركية lau إستعادت العمل في حفل أقيم قبل أيام في قاعة "إيروين".
-
المايسترو هارود فازيليان يقود الأوركسترا -
مشهد من الأوبرا -
السوبرانو ايليان سعادة والتينور ايليا فرنسيس
الأوبرا مأخوذة عن النص الألماني الأصلي لـ "فريديريخ واستيرن" أنجزه عام ،1768 وتولى الأدوار الغنائية الثلاثة في النسخة الملبننة السوبرانو "إيليان سعادة" والتينور "إيليا فرنسيس" والباص "مكسيم الشامي"، فشكلوا دعامة نموذجية للعمل الذي يتناول ككل الأعمال الكلاسيكية الحب بين الوفاء والخيانة وأدت الشخصيات الثلاث حواراتها بكثير من التماهي رغم أن عدد العازفين كان أقرب إلى التخت الشرقي لناحية العدد مع البيانو والتشيلو، وإشتغل المايسترو "فازليان" بشكل عفوي تفاعل خلاله مع المغنين وحركية أدائهم، بعدما كان الشاعر "زغيب" شرح في مقدمة الحفل ما أنجزه من نص راعى فيه المدّات وأجواء الصدى لكي يتلاءم الكلام العربي للغتنا الجميلة المطواعة مع نوتات الموسيقى المصاحبة.
لم نشعر بغربة أبداً ونحن نستمع إلى المناخ الأوبرالي بالعربية في وقت هناك إنقسام في الرأي بين سادة الموسيقى والأدب العربيين فيما خص ملاءمة العربية للموسيقى الأوبرالية، فمن قائل إن العربية لا تنسجم مع مدّات الغناء الأوبرالي، إلى آخر يعتبر أنها لغة مطواعة وقادرة على محاكاة كل ألوان الغناء غرباً وشرقاً، يبقى أن يحكم كل متذوق على هذا النموذج بما يجده متلائماً مع دقة ملاحظته لمواطن الإجادة أو القصور مع مادة الأوبرا التي تحتل الصدارة عند المستمع الغربي الذي يجد فيها نوستالجيا لماض إبداعي عمل عليه أجداده المبدعون بدليل أن مادته خلدت ولن تموت مع وجود رعاة يحفظون ويتمتعون بما يسمعون على مدى سنوات وسنوات.
"باستيان وباستيينا" عنوان من بين نماذج قليلة جرّبت مؤاخاة لغتنا لموسيقى الغرب ومنها ما أنجزه المؤلف الموسيقي "مارون الراعي" عن نص لـ "أنطوان معلوف" بعنوان "عنتر وعبلة" بطولة "غسان صليبا" قبل سنوات قليلة في بيروت، كما التأسيس على تجارب قديمة لـ "وديع صبرا" في لبنان، وعزيز الشوان" في مصر في الثلث الأول من القرن الماضي.