"غياب": 4 نساء في مهب الجسد والروح .. والرجال
خبطة مسرحية ثالثة لـ "لارا قانصو" بعنوان "غياب" بعد ثلاثة أعوام على "عشق" وخمسة على "عرس زهوة". النساء هن موضوعها ومحور إهتمامها لأنهن يحتجن إلى مساندة حقيقية وقوة دفع بإتجاه الإنخراط أكثر في مجتمعهن إعتماداً على طاقات خيّرة فيه من الرجال طالما أن الأزمة الرئيسية هي في العنف الزوجي الذي يُهدد كيان الأسرة، ويضع النساء في مواجهة مع قدرهن فماذا هن فاعلات.
-
إمرأة تكتم أنفاس أخرى أصغر منها -
النساء الأربع على المسرح -
النساء الأربع بالحجاب -
"ضنا مخايل" تتصدر المشهد -
الكاتبة والمخرجة "لارا قانصو" -
ضوء الأمل يشع قريباً منهما
أربع نساء على الخشبة (ضنا مخايل، نوار يوسف، ستيفاني كيال، وماري تيريز غصن) إمرأة واحدة ناضجة (ضنا – رائعة) وثلاث شابات (حضور آسر) في عمر الزهور. مساحة رحبة وفارغة تعطي مجالاً لإستعراض تشكيلات مشهدية معبّرة على مدى وقت العرض الذي يقارب الساعة وقد شاهدناه مع 20 مدعواً في الليلة السابقة (avant premiere) للإفتتاح، فأسعدتنا الأجواء التي رافقت المشهدية الجميلة العفوية والمؤشرة على ضغوط قاسيسة تحشر النساء الأربع وتدفعهن للإنعتاق من أسر واقعهن في إطار مجتمعي ضيق لا يفهمهن ولا يُقدرهن ويُحاول إخضاعهن حتى لا يكون لهن صوت مسموع ورأي مشارك أو إسهام في صياغة مشروع حياتي يُعطي الأبناء ما يحتاجونه من حنان يُدفّئ العلاقة بين الأطراف الثلاثة في الظل العائلي الآمن.
"غياب" تتكئ على جوانب يغيب عنها الرجل لكنه يحضر فيها بقوة من خلال السطوة الحسية التي يمارسها في جعل البيت الزوجي مكاناً لممارسة فعل الحضور بالقوة دونما الأخذ في الإعتبار مشاعر وموقف الطرف الرئيسي الثاني المتمثل في المرأة الزوجة، ومن خلالهما ما يتصل بالأبناء من الجنسين. تتلوّى النساء الأربع، محاولات فكّ الأسر النفسي لأخذ أنفاس حرة خارج القيد المفروض، وتتحوّل عملية التماهي إلى ما يوحي بأن النساء يتحولن إلى عنصر واحد متحد ومتضامن بعيداً عن نرجسية الأنا والنتيجة أننا نرى جسداً واحداً تتبدّل الرؤوس فوقه بما يعني أن هذا الذي يُرهق ويُغوي الرجال لا يساوي عندهن شيئاً عندما يستهدف التعنيف الأسري كرامة وكيان المرأة من دون أسباب موجبة.
المسرحية تأخذ من حيثيات الواقع العربي للمرأة، معطوفاً على أجواء تم إستلهامها من مؤلفات "مارغريت يورستار" (الأرملة أفروديسيا) "فريدون" (المرأة المرجومة) "سعيد بهو الدين مجروح" (الإنتحار والأغنية) "كلاريسا بينكولا إستس" (نساء يرقصن مع الذئاب) وتم التطبيق الميداني من خلال سينوغرافيا شديدة التعبير والإيحاء إعتمدت على بساط متموّج غطّى كامل مساحة الخشبة وحوّلته ثلاث من الأربع نساء إلى ما يُوحي ببحر متلاطم الأمواج تمخر عُبابه إمرأة تمثل كل بنات جنسها في محاولة الخلاص من هذة الأمواج العاتية التي تهدد حياتها.
الصور لـ "إيلي بخعازي".