أيهما الأم الحقيقية: من تنجب ..أم التي تُربّي ؟؟

جميل أن تكتب إمرأة وتُخرج فيلماً عن الأمومة والعنوسة والمشاعر التي تنتاب النساء عند الولادة، وتلك المتعلقة بغريزتهن في الإنجاب. لاحظنا ذلك من سياق الشريط الجاذب والعميق "pupille" وعنوانه بالإنكليزية "in safe hands" للمخرجة الفرنسية "جين هيري" عن سيناريو صاغته بكثير من خيوط القلب والوجدان والأنوثة الراقية، لتعتبر أن الأساس هو المولود وعلى الجميع تقديم كافة التنازلات كُرمى مصلحته.

الشريط الفرنسي يضيء على واحدة من أبرز مشاكل الغرب المتحرر حيث تعمد صبايا في عمر الورود إلى إنجاب أبناء وتركهم في المستشفيات نهباً لمستقبل غامض مع أبوين لا يرتبطان بهم، فينعدم الرباط الأسري، ويُنسب هؤلاء المواليد إلى غير ذويهم كون الأم والأب مجهولان، لا لسبب إلاّ المتعلق بالتفلّت من المسؤولية، ونحن في الشريط نتعرف على سيدة شابة وصلت وهي متوترة إلى مستشفى طالبة إستقبالها لأنها في حالة وضع، من دون ضمان صحي ومعتذرة عن ذكر إسمها أو الكشف عن والد الطفل، ومع ذلك جرى التعامل معها بإهتمام وكانت العبارة القاسية والمفاجئة حين أنجبت: "لا أريد رؤيته"، نعم هكذا أجابت الممرضة وهي تهم بتسليمها المولود الذي حملته من علاقة عابرة ولم ترغب في الإحتفاظ به.. إذن صار طفلاً معروضاً للتبني بإشراف وزارة الشؤون الإجتماعية الفرنسية.

 والتبني في القانون الفرنسي يستند إلى شروط ليست هيّنة، وقد رست القُرعة على السيدة العازبة "أليس" (إيلودي بوشيز) التي أبدت رغبتها الجامحة على مدى 8 سنوات للفوز بطفل تتبناه، وباشر شاب وفتاة من الوزارة (هما كارين: ساندرين ليبرلاين، وجان: جيل لولوش)وضعها في صورة المهام المطلوبة منها تجاه الطفل، ومرة يكون معها المساعد الإجتماعي وأخرى ترافقها المساعدة وتدلها على كل ما تحتاجه لتغذيته ونظافته وحمله بطريقة صحيحة لا تؤذي ظهره أو أطرافه، وتكثر الأسئلة الموجهة إليها من المساعديْن لمعرفة مدى إستيعابها لدور الأم الذي رغبت في ممارسته بديلاً عن عدم الإنجاب، وتكون فرحة عارمة عند "أليس" عندما يتقرر تسليمها الطفل وتبدأ اللحظات الأولى بينهما من دون حسيب أو رقيب مع شعور غامر بنشوة المرأة الأم.

الكاستنغ كان رائعاً في إختيار المولود، فإذا نحن أمام وجه يكاد ينطق بعد لحظات فقط من ولادته، وكأنما هو يحاسب من تركته بعدما أمضى 9 أشهر في أحشائها، ثم هو إبتسم لاحقاً للمساعديْن لأنهما إهتما به في الفترة الإنتقالية بين الرعاية العامة ولاحقاً الخاصة، وصولاً إلى أحلى إبتسامة على وجهه ووجه أمه الجديدة التي أبدت كامل الرغبة في رعايته وحفظ حياته تعويضاً لهما عما أصاب كلاً منهما من ظلم في الحياة.

اخترنا لك