الهجرة إلى الغرب حل سحري لإنقاذ السوريين

لم يتوقف الفنانون السوريون في معظم مجالات الإبداع، طوال أكثر من 6 سنوات عن تناول أزمة بلادهم وطرح آرائهم وتصوراتهم لحلها بما يضمن وحدتها أرضاً وشعباً ومؤسسات، لكن مسرحية سورية مئة في المئة عنوانها "الإعتراف" للمخرج "عبد الله الكفري" إستندت إلى مقولة "إبعد عن الشر وغنّ له" داعية إلى البحث عن بلاد في العالم الغربي المتحضر لإستقبال ما أمكن من السوريين الهاربين من جحيم الحرب.

المسرحية كتبها "وائل قدور" وإستقبلتها خشبة مسرح "دوار الشمس" في عرضين (يومي السبت والأحد في 9 و10 حزيران/يونيو الجاري) شهدا إقبالاً جيداً، لمتابعة أداء خمسة ممثلين (أسامة حلال، جمال سلوم، حمزة حمادة، سهى نادر، شادي مقرش) كانوا في غاية الإقناع على ما بات تقليدياً عند الفنانين السوريين على الشاشتين والخشبة، مع تسجيل ملاحظة واحدة ولا شيء غيرها، لكنها كبيرة وتتناول تطاول أحد الممثلين في حواره على الذات الإلهية، وسط إستهجان الحضور من هذه الوقاحة، بينما كانت بقية الحوارات والمشاهد قوية في بنائها وتجسيدها للحال المشكو منها، مع أداء متلوّن للممثلين الذين عاشوا أدوارهم بكثير من الجدّية والعمق والرغبة في توصيل رسالة ميلودرامية إلى السوريين قبل غيرهم بأن عليهم أينما كانوا أن يبادروا للبحث عن بلد يسافرون إليه على نية الخلاص من معاناتهم.

"الإعتراف" (the confession) بدت متشائمة من الحاضر والمستقبل، وهي في سياق المحطات والحوارات عانت من رفض مطبق لأي مناخ إيجابي، السواد يغطّي المشاهد وأجواءها، بما يسمح من تلمس الرغبة في الإنعتاق من الحال السائدة بأي ثمن، وإن كان السفر إلى بلاد بعيدة هو أهون الشرور وأقلّها خطورة. تتحاور الشخصيات بعصبية وثبات، وتقترب من الحالة المعيشية وكوابيس ما يحمله الغد من مفاجآت قد تقلب في رأيهم حالات التفاؤل عند البعض إلى إنكسارات كوارثية، وربما هذا أسلوب ترويعي لجعل فكرة السفر إلى بلاد حضارية هي الحل الأمثل. وتقدّم المسرحية أفكارها بأقل قدر من الفذلكة المشهدية، لذا تبدو المساحة التمثيلية صادقة ومتلائمة مع الصور المتلاحقة للتعبير عن مناخ الإحباط السائد ومحاولة مواجهته بالهروب منه إلى بلاد أخرى.

مئة دقيقة على الخشبة، مع فصل واحد فقط، وهو ما يُعتبر خروجاً عن قاعدة الوقت المحدد للمسرحيات على الخشبات اللبنانية والمحدد بساعة واحدة فقط، لكن مع "الإعتراف" لم نشعر بالوقت، لقد مر بسرعة وتفاعل وبقي من العمل لحظات طيبة فينا بإستثناء العلامة السوداء على ثوب العمل الأبيض اللون التي أشرنا إليها آنفاً لحذفها من النص.