"جوسلين صعب"أنفقت ربع حياتها في السينما ..ثم رحلت

كانت السيدة "جوسلين صعب" الكاتبة والمخرجة والرسّامة اللبنانية، عايشت أحداثاً وثورات وإلتزمت قضايا، إشتغلت على أعمال وثائقية ثم قدّمت شريطين دراميين شكّلا مادة سينمائية خاصة، صوّرتهما ما بين بيروت (غزل البنات) والقاهرة (دنيا) خلال الفترة من 1975 و 2005 لتنقطع بعدها عن السينما بحكم ظروف مختلفة، يضاف إليها صعوبة حصولها على تمويل فرنسي أو لبناني لأحد نصّين جاهزين لديها.

إمرأة ديناميكية بإمتياز، لم يكن يُزعجها توصيف "أخت الرجال" عندما يجري الحديث عنها، وفي بيروت كما في باريس كما في القاهرة، عملت ليل نهار، لم تُضيّع وقتها أبداً في الراحة أو التكاسل، مساعدوها كانوا يتلقون إتصالات منها عند الرابعة صباحاً لإعطائهم آخر التوجيهات بشأن ما سيُنجز نهاراً من تصوير وما يجب تحضيره للممثلين والتقنيين، لكنها أبداً لم تتعب لأنها معجونة الشخصية بالسينما وكل متفرعاتها، ومما أغاظها في الأشهر الأخيرة إنسداد أبواب معظم المنتجين الذين طرقت أبوابهم رغم عمق معرفتها بهم وقالت لنا في بيروت قبل أشهر" يحتاجون إلى شباب صغار أو صبايا في عمر الزهور نحن ما عدنا ننفع بتنا على الرف بإنتظار أن نُصبح تحت الأرض".

رحلت عن 70 عاماً في منزلها بباريس أمضت منها عدداً من السنوات وهي تعاني من المرض الخبيث، خبر الوفاة بلغ بيروت ليل الإثنين، وتأكد بعد ساعات قليلة على صفحة إبنها الوحيد ، لنسترجع فوراً شريطاً من الإنجازات والخبرات التي ميّزت عطاءها في مجالي الصحافة كمراسلة حربية، والفنون ما بين الإخراج والكتابة والرسم والتصوير الفوتوغرافي، وكنا إلتقيناها آخر مرة في بيروت حين إفتتحت معرضها للصور الفوتوغرافية في صالة المركز الثقافي الفرنسي ولم تكن مرتاحة نفسياً وجسدياً، وهو ما عبّرت عنه بوجود الكوريغراف اللبناني "وليد عوني" والذي تحادثت وإياه في بيروت حول شكل من أشكال التعاون بينهما إنطلاقاً من الصور المتاحة، لإسقاطها على اللوحات الراقصة.

15 شريطاً قصيراً ووثائقياً، وإثنان من الروائيات الطويلة وحضور في أهم التظاهرات السينمائية أبرزها "كان"، رصدت أجواء الحرب على لبنان من خلال أطفاله وجنوبه، وعاصمته (أطفال الحرب، بيروت أبداً ليست هي، بيروت مدينتي، سفينة المنفى، حياة معلقة) وصوّرت في القاهرة (الراقصات الشرقيات، القاهرة مدينة الموتى).