تركوا الصعيد إلى إيطاليا فرماهم البحر جثثاً عند شواطئها

فيلم مصري مطعّم بطاقات تقنية غربية، لزوم المؤثرات والمونتاج والتصوير، مما أعطاه خصوصية في هذا المجال، خدمته في جعله مقنعاً وهو يعالج موضوعاً آنياً عن ضحايا الهجرات البحرية غير الشرعية الذين تبتلعهم البحار قبل الوصول إلى وجهتهم."البر التاني" عنوان الفيلم الذي كان وراءه "محمد علي" الممثل المغمور وتاجر العقارات الذي دفع 27 مليون جنيه وأقنع المخرج "علي إدريس"( له: مرجان أحمد مرجان، وعريس من جهة أمنية، مع "عادل إمام") بتصوير شريط بين أسبانيا، إيطاليا، ورومانيا) من بطولته بعد تردد.

ضحايا الهجرات البحرية غير الشرعية الذين تبتلعهم البحار قبل الوصول إلى وجهتهم
"محمد علي" وقع في غرام نص الكاتبة "زينب عزيز" مذ قرأه لأول مرة وحجزه لتصويره، وهو لم ينكر أن المخرج "إدريس" طلب وقتاً للتفكير في أمر بطولة المنتج للفيلم، ثم وافق، وبوشر التصوير مع وجود عقبات الحصول على أذونات تصوير في عدد من الدول الأوروبية المعروفة بمعاناتها من هذه المشكلة الخطيرة، لكن وبعد إلحاح وتقديم ضمانات تيسرت الأمور أكثر، ويقول "علي" إنه إضطر لشراء مركب من أوروبا بعد تعذر نقل السفينة التي تمّ التصوير فيها بمصر، ودارت الكاميرا وخلفها إثنان أحمد عبد العزيز، و أوسكار فيليسيس، وهو ما أعطى قوة للمشهدية في الفيلم.

99 دقيقة توزّعت بين صعيد مصر حيث تعرّفنا على الظروف المعيشية الخانقة للشخصيات التي تشكل جانباً مهماً من ركاب السفينة المتهالكة، وسطح السفينة حيث الكل يحكمهم أمل بالوصول إلى إيطاليا وتغيير نمط حياتهم الرتيب وإرسال أكبر قدر من المال إلى عائلاتهم لتعويض ما صرف من مال لتدبير تكاليف الرحلة المنتظرة، وكما في فيلم: "إشتباك" لـ "محمد دياب" داخل عربة ترحيلات، تحصل مفارقات عديدة على متن السفينة فهناك اللص، والذي يريد فرض هيمنته على جميع الموجودين على متن الرحلة، والجبان، إلى آخر ما هناك من خصال إنسانية تظهر كلها تباعاً في مثل هذه الظروف.

فجأة تظهر ثغرة في بطن السفينة، يتم سدّها بلوح خشبي، وتبدأ الأمواح بالإرتفاع، والعاصفة تقوى، بينما المطر يضرب بقوة وما هو إلاّ وقت قصير حتى إقتلعت المياه المتدفقة إلى داخل السفينة: "الرقعة الخشبية"، لتبدأ مرحلة بداية النهاية، وإحساس الجميع بالخطر الكبير على حياتهم، وبدأ الجميع إخلاء السفينة مع إطلالتها على الشواطئ الإيطالية وراح الركاب يموتون الواحد تلو الآخر، وبدل أن يدخلوا إيطاليا للعمل، صوّ رتهم كاميرا الفيلم من فوق وجثثهم مبعثرة على الشاطئ. جاؤوا متحملين الأخطار للفوز بحياة أفضل على بر آخر غير بر مصر. 

شريط دخل المسابقة الرسمية، مؤثر عميق وصادق، عالج موضوعاً معيوشاً، بمنتهى الواقعية مع ممثلين مغمورين جداً بإستثناء: عفاف شعيب، وعبد الزيز مخيون، نذكر منهم: سليم سليمان، حنان سليمان،عمرو القاضي، محمد مهران، بيومي فؤاد، خالد النجوي، وعفاف حمدي.

محمد علي وعبد العزيز مخيون