إزالة الدولرة: هل تفقد الولايات المتحدة الهيمنة المالية؟
الولايات المتحدة تواجه خطر إزالة الدولرة لأنّ معظم العالم غير الغربي يريد نظاماً تجارياً لا يعرّضه لهيمنة الدولار، وهو أمرٌ قد يعرّض الأمن القومي الأميركي للخطر.
يرصد المتابعون التحدّيات التي تواجه الهيمنة المالية الأميركية مع اتّجاه خصوم واشنطن وربّما حتى حلفائها إلى البحث عن بدائل الدولار في ظلّ العقوبات الأميركية المفروضة حول العالم وتحالف الجنوب العالمي الجديد.
ويقول الخبراء إنّ أيّ انخفاضٍ مفاجئٍ في الطلب على الدولار الأميركي قد تكون له عواقب وخيمةٌ على الأميركيين، فهو قد يؤدّي الى تضخّمٍ مرتفعٍ للغاية وبدء دورة طباعة الديون والأموال التي يمكن أن تمزّق النسيج الاجتماعي.
الواقع يقول إنّ إزالة الدولرة مستمرة لأنّ معظم العالم غير الغربي يريد نظاماً تجارياً لا يعرّضه لهيمنة الدولار، وهو أمرٌ قد يعرّض الأمن القومي الأميركي للخطر، لأنّ التاريخ أثبت أنّ من النادر للغاية انتقال القوة الاقتصادية العالمية من دون حربٍ كبرى.
والأكيد أنّ النظام النقدي المتعدّد الأقطاب قد يوفّر ساحة لعبٍ أكثر إنصافاً للدول الفقيرة، فيما ستظلّ النتيجة المحتملة لهذا الأمر فوضويّةً تماماً وتنطوي على انخفاضٍ في مستوى معيشة الأميركيين.
لماذا تسعى دول كثيرة للاعتماد على عملتها الوطنية أو عملة غير الدولار؟
قال محلّل الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية منذر سليمان في مداخلة في التحليلية، إنّ العديد من الدول بدأت تفكّر في تطوير عملتها المحلية وإحلال تبادل تجاري عبر عملتها المحليّة بسبب أنّ اعتمادها الكبير على الدولار كان مكلفاً لها وأدّى لانخفاض في عملتها.
وساعد في ذلك موضوع العقوبات الأميركية الأحادية الجانب التي تمارسها واشنطن بشكل كبير خاصةً بعد الحرب الأوكرانية، حيث وصلت العقوبات إلى أكثر من 11000 عقوبة على مؤسسة وأفراد، شملت دولاً عدة، لذلك نجد أنّ هناك مسعى حقيقي عبر التكتّلات الاقتصادية التي نشأت إن كان مجموعة البريكس، ومجموعة شانغهاي، إلى محاولة إيجاد بدائل.
لماذا تسعى العديد من الدول إلى استخدام العملة الوطنية بعيداً عن #الدولار في التجارة الدولية؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 4, 2023
محلل #الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية، منذر سليمان، في #التحليلية pic.twitter.com/LhkPXbBS9t
لماذا يُعتبَر انهيار البنوك مؤشّراً على بداية عهد تراجع الدولار؟
محلل الميادين للشؤون السياسية ناصر أبو نصّار بدوره قال إنّ "انهيار البنوك الأميركية وفشل السياسات المالية تُسرّع طبعاً من انفجار فقّاعة الرأسمالية".
وأضاف أنّ "كمّية وحجم الودائع غير المؤمّنة في الولايات الأميركية المتّحدة 15.5 تريليون دولار، يعني أنّ المهرب الوحيد للولايات المتّحدة هو رفع سقف الدين الوطني وطباعة نقود ورقية غير مغطاة والمجازفة بالذهاب نحو التضخم المفرط".
في ظل الأنباء الأخيرة عن عدم نجاح الإجراءات المالية في إنقاذ بنك فيرست ريبابليك، كيف يسهم انهيار البنوك الأمريكية في إنهاء عصر الدولرة؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 4, 2023
محلل #الميادين للشؤون السياسيّة ناصر أبو نصّار في #التحليلية@ZinyeMo pic.twitter.com/vJPV5IM5Pf
لماذا كل هذا السعي الصيني الروسي لنزع الدولرة وهذه الهيمنة الأميركية؟
أوضح قاسم عز الدين محلل الميادين للشؤون السياسية والدولية أنّ الاتّجاه نحو نزع هيمنة الدولار والاتّجاه نحو نزع هيمنة الولايات المتّحدة الأميركية، وهيمنتها العالمية ليس المقصود بالصراع العسكري وبالحرب إنّما في تفكيك النظام النقدي العالمي.
وأضاف أنّ هناك عدّة وجهات نظر، بين الصين وروسيا وداخل الصين وداخل روسيا والدول الأخرى، ويمكن لبعض الدول أن تبني بنفسها منظومة خاصة بها معزولة عن النظام الأميركي من دون سويفت، ومن دون صندوق النقد والبنك الدولي، ومن دون القيمة المحدّدة للتبادل التجارة وهي الدولار، بقيمة أخرى.
كيف تسعى #روسيا و #الصين لنزع الدولرَة والهيمنة المالية الأميركية؟ ولماذا يبدو المسار حتميّاً؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 4, 2023
محلل #الميادين للشؤون السياسية والدولية قاسم عز الدين في #التحليلية pic.twitter.com/L7TlgBh2ad
كيف يمكن أن تؤثّر أزمة القطاع المصرفي على مستقبل الاقتصاد الأميركي؟
قال سليمان إنّ القطاع المصرفي ليس بخير في الولايات المتّحدة، حتى تمّ تخفيض تصنيف الائتماني لحوالى 22 بنك، وهناك 185 أيضاً من البنوك الفرعية والمناطقية أيضاً معرّضة للمشكلات، لأنّ هناك البنوك الأميركية زاخرة الآن بالقروض التي تُعتبَر القروض الرديئة وهي المرتبطة بسوق العقارات.
وأشار إلى أنّ المرحلة تحتاج إلى إعادة ثقة حقيقية في وضع الاقتصاد الأميركي في ظل محاولات البنك الاحتياطي الفدرالي لزيادة أسعار الفائدة، ومحاربة التضخّم، الذي لا يزال قائماً، لأنّ المشكلة الأساسية في هذا الاقتصاد أنّه يعتمد بشكل أساسي على الاستهلاك بدل الانتاج.
ولفت سليمان إلى أنّه من الممكن أنّ تسبب انهيارات متكررة أزمة حقيقية، ناهيك عن الجدل الدائر حالياً حول ضرورة رفع سقف الدين العام والخلاف الجمهوري الديمقراطي حول هذه المسألة.
هل يمكن أن تعزز هذه الأزمات المالية الراهنة نهج شنّ الحروب لدى الولايات المتّحدة؟
قال سليمان إنّ "الولايات المتّحدة لا تستطيع الدخول في حروب مكلفة، ولكن من الممكن أن تشكل الحرب في أوكرانيا بؤرة توتّر لشيء أوسع، يمكن أيضاً بؤرة الشرق الأوسط، كالكيان الاسرائيلي ومغامراته، فلا يجب إلغاءها من الحسابات".
وحول كيفية انعكاس ذلك على الصراع في أوكرانيا، قال أبو نصّار إنّ أزمة واشنطن الداخلية التي تلوح بالأفق بالمعنى الاقتصادي والسياسي، سيكون لها آثار تستوعب المجهود السياسي الأميركي وبالتالي سوف تُجبَر على الانسحاب الى الداخل إذا ما أرادت المحافظة على كيان الدولة أو الولايات الأميركية المتّحدة.
ما هي حدود إنصاف عالم الجنوب في النظام النقدي متعدد الأقطاب؟
رأى عز الدين إنّ "إنصاف عالم الجنوب في النظام الآخر الذي تسعى إليه الصين وروسيا والهند ودول أخرى، كالبرازيل، وأفريقيا الجنوبية، واضح لا لبس فيه، لكن في نهاية المطاف هذا لا يكفي بالنسبة لدول عالم الجنوبي، إذا أخذنا إنتاج دول الجنوب هو ما يعادل 40% من الإنتاج العالمي ككل، يعني 67 لكل دول العالم الصناعية دول العشرين، و40 لكل دول عالم الجنوب".
واقترح عز الدين أن تكون المرجعية رقمية أو أن يكون اليوان، وهنا "سيصبح هناك تنافساً بين دعاة اليوان ودعاة العملات الأخرى، وكل هذا يؤثّر على عالم الجنوب"، وفق عز الدين.