بنك التسويات: على البنوك المركزية التحرك بسرعة قبل أن يستحكم التضخم
بنك التسويات الدولية الذي يعدّ البنك المركزي للبنوك المركزية في العالم، يقول في تقريره السنوي إنّه "يتوجّب على المؤسسات التحرك بسرعة لضمان العودة الى تضخّم منخفض ومستقر، في حين يتمّ الحدّ من تأثيراته على معدلات النمو".
-
المدير العام لبنك التسويات الدولية "بي آي إس" أغوستين كارستينز
حذر بنك التسويات الدولية "Bank for International Settlements"، في تقريره الاقتصادي السنوي الصادر اليوم الأحد، من أنّ "البنوك المركزية يجب ألّا تسمح للتضخم بأن يستحكم"، بينما يخيم خطر الركود التضخمي على الاقتصاد العالمي.
وقال بنك التسويات الدولية، الذي يعدّ بمثابة البنك المركزي للبنوك المركزية في العالم، إنّه "يتوجّب على المؤسسات التحرك بسرعة لضمان العودة الى تضخّم منخفض ومستقر، في حين يتمّ الحدّ من تأثيراته على معدلات النمو".
وقال المدير العام للبنك أغوستين كارستينز: "المفتاح للبنوك المركزية هو التحرك بسرعة وحسم قبل أن يستحكم التضخم".
وأضاف: "إذا ما حدث ذلك، فإنّ كلفة إعادته ليكون تحت السيطرة ستكون أعلى، وفوائد المحافظة على استقرار الأسر والشركات على المدى الطويل تفوق أيّ تكاليف قصيرة الأجل".
وأفاد التقرير الرئيسي لبنك التسويات الدولية أنّه "في سبيل استعادة معدلات تضخّم منخفضة ومستقرة، يجب على البنوك المركزية أن تسعى إلى تقليل الضرر الذي يلحق بالنشاط الاقتصادي وبالتالي حماية الاستقرار المالي".
وقال إنّ "هندسة ما يسمى بالهبوط المرن كان تاريخياً عملية صعبة، والظروف الحالية تجعل المهمة أكثر تحدياً".
وقال كارستينز خلال مؤتمر صحافي: "من المستحبّ أكثر إذا كان بإمكاننا القيام بهبوط مرن، لأنّ هذا يعني أنّ تشديد السياسة النقدية يمكن أن يكون تحت السيطرة أكثر"، مضيفاً: "ولكن حتى لو لم تكن هذه هي القضية، فإنّ الأولوية بالتأكيد يجب أن تكون لمكافحة التضخم".
مخاطر الركود التضخمي
وقال التقرير إنه "بعد صدمة وباء كوفيد، استشرفت البنوك المركزية في البداية عودة موقتة للتضخم مع انتعاش الاقتصاد مرة أخرى، لكنّ ارتفاع الأسعار تسارع بشكل حادّ منذ بداية التصعيد بين روسيا وأوكرانيا في شباط/فبراير، والاقتصاد العالمي يخاطر بدخول حقبة جديدة من التضخم المرتفع".
وأضاف أنّ "مخاطر الركود التضخمي، أي تباطؤ النمو مع ارتفاع الأسعار والبطالة، تلوح في الأفق بشكل كبير على شكل مزيج من الاضطرابات المستمرة جرّاء الوباء والحرب على أوكرانيا، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، إضافة الى نقاط الضعف المالية".
وأوصى بنك التسويات الدولية صانعي السياسات "بالمضي قدماً في الإصلاحات لدعم نمو طويل الأجل، ووضع الأسس لمزيد من الإجراءات الطبيعية للسياسات المالية والنقدية".
وبينما يخطط البنك المركزي الأوروبي لرفع أسعار الفائدة في تموز/يوليو ثم في أيلول/سبتمبر، قام الاحتياطي الفدرالي الأميركي الأربعاء الفائت بأكبر زيادة في سعر الفائدة منذ عام 1994.
وأعلن الاحتياطي الفدرالي رفع الفائدة بنسبة 0,75 نقطة مئوية، قائلاً إنّه "مستعد للقيام بذلك مرة أخرى الشهر المقبل في معركة شاملة لخفض التضخم المرتفع".
مقارنة بالسبعينات
وتعود ملكية بنك التسويات الدولية، الذي تأسس عام 1930 في بازل، إلى 62 بنكاً مركزياً تمثّل 95% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفي تقريره السنوي، أعاد البنك التذكير بالركود التضخمي في السبعينات، عندما تسببت الصدمات النفطية في عامي 1973 و1979 بارتفاع التضخم.
وعام 1973 تضاعفت أسعار النفط في غضون شهر، عندما قام أعضاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول التي تتألف من الدول العربية أعضاء أوبك بالإضافة إلى مصر وسوريا بإعلان حظر نفطي "لدفع الدول الغربية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967"، وكان النفط يحتلّ مكانة أكثر محورية في الاقتصاد.
وإضافة الى ذلك، كان التضخم آخذاً في الارتفاع قبل صدمة النفط، في حين أنّ الاقتصاد العالمي يخرج الآن من مرحلة طويلة من التضخم المنخفض.
وسلّط بنك التسويات الضوء أيضاً على نقاط ضعف أخرى، بينها المستوى المرتفع الحالي للديون العامة والخاصة.
وقال: "مع استمرار الأزمة في أوكرانيا، فإنّ التضخم هذه المرة لا يرتكز فقط على النفط ولكن أيضاً على مصادر الطاقة الأخرى والمواد الخام الزراعية والأسمدة والمعادن، وبالتالي فإنّ التحدي الأكثر إلحاحاً بالنسبة الى المصارف المركزية هو دفع التضخم إلى مستويات منخفضة".
وحذّر بنك التسويات الدولية من أنّ "حالات التضخم المرتفعة تميل إلى أن تكون ذاتية التعزيز، خصوصاً عندما يتمّ رفع الأجور في محاولة لمجاراة ارتفاع الأسعار".