البيتكوين.. العملة الافتراضية التي تخشاها الحكومات
أسعار البيتكوين ترتفع وتداولها يتزايد فيما بعض الشركات الكبرى بدأت تعتمدها وتشارك في شرائها، فما هي هذه العملة وهل تعد آمنة؟
شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً بالعملات الإلكترونية التي دخلت مجال التداول بشكل لافت، وكسبت مع مرور الوقت ثقة أكبر بقيمتها وبأمانها، رغم افتقارها إلى الوجود الفيزيائي الذي كان منذ القدم الشكل المميز لمختلف العملات.
ما هي البيتكوين؟
البيتكوين عملة رقمية مشفرّة، يجري التعامل بها خارج ولاية السلطات المركزية كالمصارف الحكومية.
نشأت هذه العملة عام 2009 من قبل شخص غامض أطلق على نفسه اسم ساتوشي ناكاموتو، وتم طرح العملة بشكل أساسي كي يتم استخدامها في عمليات الدفع التي لا تخضع إلى رقابة من جانب الحكومة، أو إلى رسوم معاملات، أو تأخير في التحويلات.
إذاً لا تملك العملات الرقمية رقماً متسلسلاً ولا تخضع لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية كالعملات التقليدية، بل يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت، دون وجود فيزيائي لها.
هل تعد مخزناً آمناً للقيمة؟
يتخوّف البعض من هذه العملة بسبب عدم استقرارها حتى الآن عند سعر محدد، وفيما يتواصل ارتفاع سعرها بشكل صادم (كسر حاجز 48 ألف دولار) يحذّر الخبراء أن هذه الأرباح قد تكون عرضة للخسارة المفاجئة، وهذا ما يدفعهم للتشكيك بالآراء المتفائلة تجاه مستقبل هذه العملة.
لقد سجلت بيتكوين بنهاية 2014 نحو 309 دولارات، وزادت بنسبة 37.2% بنهاية 2015 حينما وصلت إلى 424 دولاراً، قبل أن تقفز إلى حوالي 952 دولاراً في نهاية 2016، لتواصل الصعود الكبير مسجلة نحو 13062 في نهاية 2017، بزيادة بلغت نسبتها 1272%، لكنها انحدرت إلى هبوط حاد في عام 2018 لتنهتي ف كانون الأول/ديسمبر من ذلك العام عند 3689 دولاراً، بتراجع نسبته 71%.
وفي نهاية 2019 استعادت العملة عافيتها لتصل إلى 7251 دولاراً، قبل أن يتضاعف سعرها نحو 4 مرات خلال العام الماضي 2020 وتغلق عند 28.8 ألف دولار، ثم لتواصل رحلتها نحو قفزة تاريخية سجلتها في 8 كانون الثاني/يناير 2021 مسجلةً 42 ألف دولار.
يعتقد بعض الخبراء أن الارتفاع الكبير في أسعار العملة عائد إلى استثمار القطاع الخاص فيها بفعل وباء كورونا، ونيلها ثقة عدد من الشركات الشهيرة كشركة "تيسلا" التي أقدمت على شراء وحدات بيتكوين بقيمة 1.5 مليار دولار.
ووفقاً لمؤسس شركة "Token Metrics" المختصة بذكاء العملة المشفرة، فإن البيتكوين تعد "أكبر فرصة استثمارية لجيلنا، حيث تقبل الشركات الكبرى عملة البيتكوين كوسيلة للدفع، مما يدل على وجود علامة على اعتماد أوسع".
وفي رأي آخر، يرى الأستاذ في جامعة "جورج تاون" جيمس أنغل، أن العملة الرقمية شديدة التقلب ويمكن أن ترتفع أو تنخفض بسهولة بنسبة 10% في يوم واحد أو 50% في عام، ولذلك فإنها "ليست مخزناً جيداً للقيمة على المدى القصير".
الحكومات والبيتكوين.. سيطرة أقل؟
لا تخضع البيتكوين لأي سلطة مركزية، ويجري تيادلها بشكل مباشر بين المؤسسات أو الأفراد، وهذا ما يجعلها بمثابة التحدي للحكومات التي ضلعت تاريخياً بعملية صكّ العملة المحلية والتحكم باستقرارها وتحديد قيمتها وذلك بناءً على عامل الثقة الذي يعتبر العامل الحاسم في هذا الشأن.
كما تشترك الحكومات في زيادة أو تقييد الأموال المتداولة في الاقتصاد في محاولة لتحفيز الاستثمار والإنفاق أو خلق فرص عمل أو تجنب التضخم والركود، وذلك وفق سياسيات محددة يحرص البنك المركزي على تطبيقها.
#التحليليلة | هل سنصل إلى يوم لا نستخدم فيه العملات التقليدية؟ وهل هذا اليوم بات قريباً؟#bitcoins #البيتكوين @halawiBahia pic.twitter.com/2QhYiFoRQ0
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) February 10, 2021
لكن البيتكوين ستجعل من سيطرة الحكومات على حركة رؤوس الأموال أقل، حيث لن تمر عمليات استخراجها وتداولها عبر الحسابات البنكية وإنما عبر الأجهزة الحاسوبية، وبالتالي فإن ذلك سيضعف من سيطرة الحكومات.
لا شك بأن الحكومات لن تقف متفرجة أمام ذلك، فعلى سبيل المثال بدأت الحكومة الأميركية باتخاذ خطوات متزايدة لتقويض إخفاء الهوية في معاملات العملات الإلكترونية المشفرة وزيادة الرقبة على العمليات في هذا المجال، ففي كانون الأول/ديسمبر المنصرم، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن لائحة مقترحة من شركات خدمات الأموال جمع بيانات الهوية حول الأشخاص الذين يتعاملون مع عملائهم باستخدام خدمة العملات الالكترونية ثم تسليمها إلى الحكومة في بعض الظروف.
قد يكون من الصعب راهناً التنبؤ بسياسات الرقابة التي ستقيد هذه العملة المستجدة، فضلاً عن التبؤ بمستقبلها وباحتمالات تحولها إلى عملة شائعة الاستخدام، لكن من المؤكد أن البيتكوين شقّت طريقها وباتت شاهداً على قوّة الشيفرات.