النزهات في الحدائق العامة، الأراضي الخصبة الخضراء، الجبال أو السهل الأخضر .. هي كلها كما البحر ملاذٌ للراغبين بتغيير روتين الحياة الرتيبة وخلق فرصة للفرح وممارسة بعض الأنشطة الرياضية أو الإجتماعية .. لقد اتخذت القرار، وستصطحب الأسرة مع بعض الأصدقاء في رحلة جميلة، حتى أنك قد تخيّم في مكان ما! قمت بتحضير حاجيات هذه الرحلة لأنك ربما ستكون بعيداً عن المناطق المأهولة، لكن مهلاً!

هل سألت نفسك إن كنت قادراً على إسعاف شخص تعرض للدغة افعى أو لسعة عقرب؟ ربما لسعة نحلة، دبور، أو حتى قنديل البحر؟

هل لديك خلفية علمية عن الخطوات السليمة التي يجب أن تقوم بها؟

في هذا المقال سنركز على بعض الخطوات البسيطة التي تؤهلك لأن تكون مسعفاً أولياً للمصاب بلدغة الأفعى أو لسعة العقرب، ريثما يصل فريق الإسعاف المختص. 

نحن لسنا مؤهلين لتحديد نوع الأفعى ومعرفة إن كانت سامة أو لا.  لذلك، وكأول إجراء يجب أن يتم إتخاذه عند التعرض لهذا الموقف الحرج أن تتصل بالإسعاف وتطلب المساعدة الطبية، وخلال وقت الإنتظار لوصول المساعدة قم بما يلي:

·       قم بتهدئة الشخص المصاب، وتذكر دوماً أن لدغة الأفعى ليست مميتة، لذك حاول أن تبقي المصاب ساكناً دون حراك، إلا أن كان المصاب وحيداً ويبحث عمن يساعده.

·       إذا لاحظت وجود مجوهرات على جسد المصاب، قم بإزالتها كما قم بتوسعة الملابس عند المنطقة الملدوغة لأنها حتماً ستتورم.

·       ضع ضمادً ضاغطاً على الجزء الملدوغ، أما إن كان مكان اللدغة الرأس أو الرقبة أو الجذع عندها قم بوضع ضغط ثابت لا ضماد، فلا نريد التأثير على حركة الصدر أو نعيق نمط التنفس عند المصاب.

·       اطلب من الشخص المصاب أن يبقى مستلقياً وأبق على الطرف الملدوغ مساويا لمستوى الجسم, لإنك إن رفعت الجزء الملدوغ  ساهمت في وصول السم لباقي أعضاء الجسم بشكل أسرع أما إن خفضته فستزيد من تورم الأعضاء.

·       حاول أن تقتل الأفعى أو أن تلتقطها أو حتى تصويرها لتحديد نوعها وبالتالي تسهيل مهمة الأطباء في تحديد نوع السم والترياق المناسب.

هناك بعض المعتقدات الخاطئة والرائجة بين الناس، تعرّف عليها لتتجنب تطبيقها، فقظ تتسبب بمزيد من الأذى للمصاب :

·       لا تعطي المصاب أي مسكنات ولا الأسبرين في حال توفرت هذه الأدوية.

·       لا تستخدم العاصبة (هي ضاغط يستخدم لوقف النزيف من الأوعية الدموية) فقد تتسبب ببتر الطرف الذي تعرض للدغة الأفعى.

·       لا تقم بفتح مكان اللدغة بالسكين، ولا تقم بشفط السم من الجرح، فلا إثبات طبي على أن هذه الطريقة سليمة، كما أنك قد تتسبب بضرر إضافي للعضو الملدوغ، كذلك فإن الشخص المسعف قد يعرّض نفسه للتسمم بسبب امتصاص السم عبر الأنسجة المخاطية في جوف الفم، كما أن البكتيريا الموجودة في الفم قد تنتقل للمصاب وتسبب له إلتهابات جلدية إضافية.

·       هناك من يقوم بتبريد مكان الإصابة، لا تفعل ذلك ستتسبب بإعاقة وصول الدم للمنطقة المصابة.

·       لا تطلب من المصاب تناول مشروب روحي (كحول) إن توفر في مكان المتنّزه لتهدئة المصاب، فقد تتسبب بتوسعة الأوعية الدموية وإنتشار السم بشكل أسرع في الجسم.

عليّ أيضاً أن ألفت إنتباهك، خلال إجراء هذه الخطوات ستلاحظ على المريض أعراض عديدة، لا ترتبك، تابع خطواتك ريثما يصل الفريق المسعف، مما ستلاحظه عدا عن الهلع والخوف:

-        ألم وتورم موضعي يترافق مع إحمرار بمكان اللدغة، وهذا ينطبق على كل أنواع الأفاعي إن كانت سامة قاتلة أو نوع غير قاتل .

-        إسهال، غثيان، تقيؤ، أيضاً إغماء .

-        تسارع في ضربات القلب، مع انخفاض في حرارة الجلد وبرودته

-        وهن وخمول، وإن تأخر الفريق المسغف قد تتدهور حالة المصاب لتهدد حياته، حيث ستتسارع ضربات القلب وتشتد صعوبة التنفس، يجب اللجوء للإنعاش القلبي فور وصول الإسعاف.

العقرب.. حيوان هادئ يكمن لفريسته ثم يلدغ ليكب سمّه الزلالي في جسد الفريسة أو ربما الإنسان، أنواع العقارب قد تصل إلى ألفي نوع إلا أن السامّ منها لا يتعدى ال25-30 نوعاً وبالأخص العقرب ذو اللون الأصفر ( الأشقر )، وبالطبع فنحن لسنا من أهل الإختصاص لتحديد ما إن كان هذا العقرب قاتلاً أم لا  ..لذلك وكما الحال في لدغة الأفعى فأول إجراء هو طلب المساعدة أو المسعفين المختصّين وخلال هذا الوقت سنقوم بالخطوات الإسعافية التالية:

·       إن كان المصاب شخصاً بالغاً، قم بغسل مكان اللدغة بالماء والصابون ومن ثم تحضير كمادات باردة إن توفرت، هذه الكمادات سيتم وضعها بشكل زمني متقطع (أي كل 10 دقائق تقريبا) على مكان اللسعة.

·        أغلب الإصابات تكون عادة في الأطراف السفلية، وإن حدث وحصلت في الأطراف العلوية أو منطقة الجذع فقم بتوسيع الملابس وإزالة المجوهرات من العضو الملسوع (كالخاتم والسوار)

·       أياً  كان المصاب (بالغاً، كبيراً في السن، طفلاً أو رضيعاً) فلابد من التوجه إلى أقرب قسم طوارئ لتلقي الرعاية المناسبة.

·       ولتخفيف ألم الوخز، من المفيد تناول حبة أو حبتين من المسكن (الباراسيتامول)، لا داعي للمضاد الحيوي لأن سبب الإصابة سم وليس بكتيريا، إلا إن حصل إلتهاب جلدي ثانوي فلابد من إستشارة الطبيب في هذه الحالة، كما أنه لا ضرورة لفتح الجرح وشفط الدم بالفم كما ذكرنا سابقاً.

 

إضافة إلى الإحمرار والورم الموضعي والألم، فإن الأعراض قد تتطور,  لإن سم العقرب قد يسبب تقلّصات عضلية وشلل وتوقّف عملية التنفس خصوصاً عند الأطفال، وإن تأخرت في مساعدة المصاب فقد يزداد الوضع سوءاً وستلاحظ على المريض ما يلي:

-        دموع، سعال، زيادة إفراز اللعاب في الفم.

-        تقيؤ، إسهال، غثيان.

-        تسارع في نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم، زيادة التعرق البارد ,احمرار الوجه، وتسمر الشعر ووقوفه.

-        توسّع في بؤبؤ العين، واحتياج المصاب للتبول بوقت متقارب (تبول لا إرادي) 

-        تشتت الوعي، و ارتفاع في حرارة الجسم ورجفة في عضلات الجسم مع مرور الوقت.

لا تستهن بلدغة العقرب وحتى وإن تعرضت لها سابقاً، فقد تكون هذه الإصابة لعقرب من نوع أخر، أي أنه سم جديد لم يتعرف عليه الجسم سابقاً. هذه النصيحة مهمة لسكان الأرياف والقرى الذين يعتقدون أن تكرار لسعة العقرب أمر غير خطر. 

المهم أن أعراض سم العقرب تختفي بعد ساعات من تلقي العلاج المناسب في المركز الطبي، كما أن هناك علاج  مضاد لسم العقرب  السام الذي يحمل الإسم العلمي (Centruroides species) ونال هذا الدواء الترخيص من منظمة الغذاء والدواء العالمية  (FDA)  عام 2011، من مميزات هذا الترياق (Antivenom) أنه يوقف عوارض لدغة العقرب خلال أربعة ساعات من تناوله، وفي حال كان هذا الدواء غير متوفر في المركز الصحي فإن الطبيب سيقوم باختيار علاج آخر مناسب كمضاد سم التيتانوس"Tetanus Immune Globulin TIG"

 

-        لا تمشي حافي القدمين وانتعل حذاء سميكا.

-        لا تعبث بالصخور، فهذه الحيوانات كامنة بطبيعتها ووسيلتها الدفاعية هي اللدغ أو اللسع.

-        خلال فترة الليل يجب أن تلتفت لما يدور حولك لأن هذه الحيوانات قد تنشط ليلاً بالأخص في فصل الصيف.

-        على الفلاّحين والعمال توخي الحذر خلال ساعات العمل في البيئة الحاضنة للأفاعي أو العقارب، فالأمر لا يقتصر على المتنزهين.

إن كنت متأكداً بأن الإسعاف لن يصل بالوقت المناسب (خصوصاً في بعض الدول النامية، حيث لا يزال القطاع الصحي مهمل وفوضوي) قم أنت بالمبادرة وحاول إيصال المصاب إما بسيارتك أو اطلب المساعدة العاجلة ممن حولك إن استطعت.

بعد العودة من قسم الطوارئ، سيقوم الطبيب بوصف بعض الادوية الموضعية (مكان الإصابة) وفموية، لا تهمل إكمال العلاج. ومن اللافت قيام بعض من تعرض لحادث ما بوصف علاجاته السابقة للشخص المصاب حديثاً، بالتأكيد الأمر ليس صحياً، فلكل جسم ردة فعل مختلفة عن الأخر اتجاه سم العقارب أو الأفاعي.

أنت تستطيع أن تقدم المساعدة ما دمت ملماً بالخطوات الصحيحة، كل ما عليك أن تقوم به هو التحلي بالشجاعة لاتخاذ القرارات السليمة في هذا الظرف الصعب، أزل كلمة (لا أستطيع) من قاموسك الشخصي واعلم أنك ستكون العامل الأهم لإنقاذ هذه الروح . وكما قال المناضل نيلسون مانديلا: الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكن القدرة على التغلب عليه.