الحياة من وراء شاشة.. "كورونا" يختبر قدرتنا على التكيّف
فيروس كورونا تحول إلى وباء، الأمر الذي أنذر عدداً من الشركات والمؤسسات التعليمة للانتقال إلى تقنيات الاتصال عبر الانترنت لإتمام برامج عملها، لكن هل ستنجح التجربة؟ أياً كانت النتيجة، فإنها ستترك أثرها على مستقبل العمل والدراسة.
-
وباء كورونا سيترك أثره على أنظمة العمل والتشغيل
بعد أسابيع من المحاولات الجادة للدول للسيطرة على فيروس كورونا، أعلنت منظمة الصحّة العالمية أنه تحول إلى "وباء عالمي"، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً أمام التنبؤات بالتغيرات العميقة التي ستشهدها القطاعات الاقتصادية على اختلافها، خاصة في ظل الهبوط الحاد في مؤشرات البورصة العالمية وفي أسعار النفط، بالإضافة إلى إقفال عدد من الشركات لبعض فروعها مؤقتاً.
وبالفعل، فقد بدأت آثار الفيروس غير الصحّية تظهر تباعاً، إذ دفع انتشاره الواسع الشركات التجارية والمؤسسات التعليمية وغيرها، إلى اعتماد إجراءات تقي من الاحتكاك المباشر بين المستخدَمين أو المستخدِمين، وتراعي توصيات منظمة الصحّة العالمية بضرورة الحّد من التجمعات والاتصال الشخصي.
مثلاً، دعت مجموعة من شركات الانترنت كـ"أمازون" و"فيسبوك" و"ميكروسوفت" موظفيهم العاملين في مناطق مهددة بالوباء أن يعملوا في منازلهم، وهذا ما فعلته شركة "غوغل" إذ أنها شجعّت موظفيها البالغ عددهم 119 ألفاً في أميركا الشمالية وحدها، للعمل من المنزل.
وكتب نائب رئيس شركة "غوغل" لشؤون الأمن العالمي كريس راكو، في إيميل أرسله للموظفين "بسبب كثرة التحذيرات، ولحماية ألفابت [الشركة المالكة لغوغل] ومجتمعها، أطلب منكم العمل من المنزل إن كانت مهامكم تخوّلكم فعل ذلك".
أما شركة "آي بي أم" فقررت أن تطلق مؤتمريها المخصصين للعملاء والمبرمجين والشركاء كـ"أول حدث عالمي رقمي"، باستخدام تقنيات البث المباشر والحصص التفاعلية. فيما قررت شركة "غوغل" أن حدث "كلاودي نكست" الذي يستقطب ما يقارب 30 ألف مشارك، تحوّل إلى مؤتمر رقمي قالت إنه سيكون "ملهماً وغامراً لكن من دون خطر السفر".
كذلك عمدت بعض المؤسسات المدرسية والجامعية الواقعة في البلاد التي حُظرت فيها التجمعات، إلى استكمال المناهج الدراسية من خلال تطبيقات ومواقع التحادث التي شهدت إقبالاً واسعاً في الفترة الأخيرة، وشهدت ارتفاعاً في قيمة أسهمها رغم الانخفاض في أسواق البورصة بشكل عام.
شركة "زوم" على سبيل المثال، أعلنت أن عدد مستخدميها النشطين في الشهرين الأولين من العام 2020 فاق عدد مستخدميها طوال العام الفائت، موضحةً أنها أزالت المهلة الزمنية خلال الاتصال بين شخصين في الصين، ووفرت إرشادات وتعليمات للمستخدمين الجدد لتوضيح كيفية استخدام الموقع.
إلا أن العمل من المنزل دونه عقبات، تتمثل بشكل رئيسي في التهديد المترتب على أمن المعلومات، سيما أن الشركات والمؤسسات التي طلبت من الموظفين الالتزام بالعمل في منازلهم، لن تتمكن من السيطرة على أمن اتصالهم بالشبكة خارج حَرَم العمل، الأمر الذي قد يستغله القراصنة، وفق ما ذكر الخبير في المعلوماتية مايك كوين لـ"ديجتال جورنل".
مسألة أخرى تستدعي التوقّف عندها، وهي إذا ما كانت المؤسسات والشركات حول العالم قادرة بالفعل على الذهاب باتجاه العمل عن بعد، إذ أن عدداً من هذه الشركات لم تدرج هذه الإجراءات في خطط الطوارئ، فيما قد تكون التجهيزات التقنية اللازمة لإتمام العمل عن بعد غير متوفرة بشكل كامل، سواء عند الأفراد العاملين، أو بشكل عام، في البلاد التي يعيش فيها هؤلاء.
ودعماً لبقاء المواطنين في منازلهم، منحت بعض الحكومات باقات مجنيّة من الانترنت، تساعدهم على تمضية الوقت وإتمام مهام الدراسة والعمل، مثلما فعلت إيران، عبر وزير الاتصالات جواد آذري جهرمي، الذي أعلن أن الشركات المانحة لخدمة الانترنت الثابت (المنزلي)، ستطلق "باقة مجانية تضم 100 غيغابايت لجميع مشتركيها".
من الواضح أن وباء كورونا سيترك أثره على أنظمة العمل والتشغيل، وسيضع الشركات والعاملين على السواء أمام تحدي التكيّف مع نتائجه. العالم، باختصار، يخوض تجربة جديدة في سلوكيات الحياة اليومية، فلنعش ونرَ.