لماذا لا يلتزم التونسيون بالحجر الصحي؟
بعد إقرار الحجر الصحي العام ودعوة الناس إلى التزام بيوتهم في تونس، انتشرت مشاهد اكتظاظ وعدم التزام بالدعوات الحكومية. لماذا لا يلتزم التونسيون بالحجر الصحي؟
-
ما لا يفهمه التونسيون هو استهتار بقية المواطنين بخطورة هذا الفيروس
أكتب هذا التقرير من داخل المنزل، التزاماً بدعوة الحكومة التونسية للناس بالتزام بيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، لكن الصور والمقاطع المصوّرة، وشهادات الأصدقاء، تؤكد أن الناس في الخارج لا تلتزم بهذه التحذيرات، فحتى في الشارع المحاذي للمنزل أكاد أتعرف على صوت الضوضاء بجانب محل البقالة.
صور الطوابير الطويلة أمام مراكز البريد، والتجمعات البشرية هنا وهناك، والتي تختلف غاياتها وأسبابها لكنها تشترك في أنها قد تنشر فيروس كورونا بين الناس، تثير التندر عند التونسيين، وتساهم في ابتكار النكات على مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول أحدهم إنه خرق هذا الحجر وخرج للشارع، ليتعرّف على مدى التزام الناس، فوجد أن كل الناس قد خرجت لنفس الغاية، بينما ينشر آخرون أسباباً مضحكة للخروج للشارع، معتبرين أنها تدخل في إطار "الضرورة القصوى" التي تحدثت عنها الحكومة.
يتندر التونسيون بهذه المشاهد لكن جزءاً كبيراً منهم، لم يخفِ غضبه و سخطه على الناس الذين يستهينون بخطورة هذا الفيروس، ويضربون بالقرارات و التحذيرات الحكومية عرض الحائط، متسائلين عن ما يدفع المواطن إلى كل هذا الاستهتار؟
يتداول رواد مواقع التواصل في تونس، صورة مواطنة ستينية خرقت الحجر الصحي وخرجت للشارع من أجل جمع القوارير البلاستيكية لإطعام عائلتها.. تعاطفٌ كبيرٌ لاقته هذه المرأة، فاتحةً الجدل حول بعض المهن التي يضطر أصحابها للخروج يومياً من أجل كسب لقمة عيشهم؛ الحلاقون، سائقو سيارت الأجرة، البائعون في الأسواق الأسبوعية وغيرهم، أجبروا على ملازمة بيوتهم إما التزاماً بالقرارات الحكومية أو بسبب تجنب المواطنين التعامل معهم.
ماذا يقول علم الاجتماع بخصوص هؤلاء؟
لكن ما لا يجد له التونسيون تفسيراً هو استهتار بقية المواطنين بخطورة هذا الفيروس. يقول الباحث في علم الاجتماع محمد الجويلي في تصريح للميادين نت، إن "الإنسان بشكل عام يميل إلى الرغبة في الاختلاط وإلى الحرية"، مضيفاً أن "قواعد الحجر الصحي تبدو قاسية على عدد كبير من الناس الذين تعودوا على الخروج من المنزل".
وتابع الباحث التونسي أن "جزءاً من الذين تحدّوا الدعوات الحكومية للبقاء في المنازل، يرون أن الفيروس لن يصيبهم، ويجهلون أن العدوى قد تنتقل حتى عبر ملامسة أي جسم، خاصةً الأسطح والمعادن، ويعتبرون أن محاولة ابتعادهم عن بقية الناس كفيلة بإبعاد الخطر عنهم".
وذكر الجويلي أن "بعض الناس يميلون للاستهانة بالخطر غير المرئي مثل الفيروسات، حيث يختلف تقدير المواقف تجاه هذا الفيروس بين شخص وآخر".
وكانت الحكومة التونسية والرئيس قيس سعيد، قد أعلنا جملة من الإجراءات الجديدة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، من بينها فرض الحجر الصحي العام، حيث تم تقليص الخدمات العامة و الخاصة إلى الحد الادنى، وجرى الاكتفاء بالخدمات الإدارية الضرورية كالأمن والتموين والمصارف.
وقدرّت الحكومة عدد الذين سيبقون في منازلهم بـ10 ملايين تونسي، من جملة حوالي 12 مليون مواطن.