مضايقات عنصرية في إسبانيا.. هل يفتعلها اليمين؟

وزيرة الدولة لشؤون الهجرة في إسبانيا والتي تنحدر من جذور لبنانية تتعرض لعبارات عنصرية، فيما يتحدث عالم اجتماعي ويجزم أنّ إسبانيا ليست دولة عنصرية، وأن تصرّفات قلّة في المجتمع لا تعكس الحالة العامّة.

  • وزيرة الدولة لشؤون الهجرة في إسبانيا هناء جلّول مورو
    وزيرة الدولة لشؤون الهجرة في إسبانيا هناء جلّول مورو

بحزن، تلقّت الجالية العربية في إسبانيا العبارات العنصرية الموجّهة إلى وزيرة الدولة لشؤون الهجرة التي تنحدر من أصول لبنانية هناء جلّول مورو، والمفتخرة بجذورها.

وقد ردّت مورو بأرقى الكلمات في تغريدتها: "إسمي هناء جلول مورو. ولدت في سرقسطة، وترعرعت بين أويسكا ومدريد. والدتي من أراغونيس ووالدي لبنانيّ. تعارفا حين كان أبي يدرس الطبّ في سرقسطة".

وفي المناسبة، يحصل الفرد في إسبانيا على عائلة والده كشهرة أولى. أما بالنسبة إلى شهرة الوالدة، فتأتي في المقام الثاني، وتُلغى من القيد مع الجيل الثاني.

المسؤولة في الحزب الاشتراكي العمّالي نالت تضامناً واسع النطاق. ولم يأبه رئيس الحكومة بيدرو سانتشيس لافتتاح محطّات قطارات جديدة فائقة السرعة تنطلق أولى رحلاتها خلال الصيف مقابل 5 يورو فقط، وكان على رأس المتضامنين.

اللافت في حكومة سانتشيس هو حضور الجنس اللطيف بوضوح. تتبوّأ 3 سيّدات مراكز نائبات الرّئيس من مجموع 4 نوّاب لرئيس الحكومة، ولكن السؤال: هل فعلاً إسبانيا دولة عنصرية؟

صحيفة "دياريو سور" أو "الجنوب"، لأنّها تتخذ مدينة ملقا الجنوبية مقرّاً لها، أجرت تحقيقاً الصيف الماضي حيال هذه الظاهرة الخطرة. أحد المواطنين السنغال كشف للصحيفة اليومية عن مضايقات تعرّض لها بسبب لون بشرته. وقال: "قبل أعوام عديدة، وصلتُ إلى إسبانيا، وتحديداً إلى جزيرة تينيريفي. هناك، حصل التباس مع صاحب العمل، بحيث دوّن اسمي خطأ، واحتاج التصحيح 9 أعوام في الدّوائر الرّسمية. إنه ظلم وتهميش".

بين حادثة الوزيرة اللبنانية الأصل والشاب السنغالي، يتحدّث العالِم الاجتماعيّ خوان دييس نيكولاس جازماً عن أنّ إسبانيا ليست دولة عنصرية، وأن تصرّفات قلّة في المجتمع لا تعكس الحالة العامّة. ويتابع المختصّ في الشأن الاجتماعيّ أنّ الشعب الإسبانيّ ينبذ الغجر (نتحدّث عنهم لاحقاً في مقال آخر)، وتشير الدّراسات إلى أنّ 39% من الشعب لا يتعاطف معهم بسبب حالتهم الاجتماعية شبه المعدمة.

العنصرية في إسبانيا، وتحديداً لناحية الأصول العربية والإسلامية، بدأت تأخذ منحى تصاعدياً في الآونة الأخيرة. في الانتخابات العامّة الأخيرة في العام 2019، نال الحزب اليميني المتطرّف 52 مقعداً، أي بزيادة 28 مقعداً عن الانتخابات السابقة، ما يعني ارتفاع منسوب الخطاب المناهض للمهاجرين والمعادي للعرب.

للمصادفة، استقبلت مدينة جيرونا الكتالونية قبل أيّام رئيس الحزب اليميني سانتياغو أباسكال بالرّشق بالحجارة والشتائم، وذلك في إحدى المناسبات، تمهيداً لانتخابات برلمان كتالونيا في 14 شباط/فبراير.

إذاً، لا جواب موثّقاً حيال وصف إسبانيا بدولة عنصرية من عدمه. وللإنصاف، فقد فتحت الدّولة أبوابها للمهاجرين عبر التاريخ، وأقامت عشرات البلدات توأمة مع مدن عربية وفلسطينية تحديداً. من ناحية ثانية، تمّ إنشاء البيت العربي في مدينتي مدريد وقرطبة منذ العام 2006، بهدف بناء جسور التواصل الثقافيّ مع العالم العربيّ.