أوروبا تفتح مخازن السلاح لأوكرانيا.. وصوت دعاة التصعيد يرتفع
انطلاق قوافل السلاح من دول أوروبا الغربية إلى أوكرانيا يمثل استجابةً استثنائيةً لحدث استثنائي، أدخل أوروبا في مرحلة من الإجراءات المشتركة غير المسبوقة، وأخرج دولاً عن سياسة الحياد.
-
أوروبا تفتح مخازن السلاح لأوكرانيا.. وصوت دعاة التصعيد يرتفع
انطلاق قوافل السلاح من دول أوروبا الغربية إلى أوكرانيا يمثل استجابةً استثنائيةً لحدث استثنائي وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "نقطة تحول في تاريخ أوروبا وفرنسا"، أدخل أوروبا في مرحلة من الإجراءات المشتركة غير المسبوقة، وأخرج دولاً مثل ألمانيا وسويسرا والسويد من سياسة الامتناع عن دعم طرف بالسلاح.
الاتحاد الأوروبي، وبعد اتهامات متنوّعة بالعجز، انتقل من إجراءات العقوبات الاقتصادية الكبرى رداً على العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، بعد خطاب ألقته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى فتح مخازن السلاح في خطوة أولى تمثلت في 450 مليون يورو "لتزويد القوات الأوكرانية بأسلحة فتاكة ووقود ومعدات وقائية وإمدادات طبية". ووفقاً لرئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل، فإنّ هذه نهاية "المحرمات أمام الاتحاد لإرسال الأسلحة إلى المتحاربين".
وبالنسبة إلى سيلفان كان، دكتور في الجغرافيا، وأستاذ مشارك للتاريخ في معهد العلوم السياسية ومؤلف كتاب تاريخ بناء أوروبا منذ عام 1945، فإنّ هذا القرار "تغيير في العقيدة، حتى أثناء الحرب في يوغوسلافيا (1991-2001)، لم يفعل الاتحاد الأوروبي ذلك من قبل".
تحول ألمانيا
يأتي الاتفاق الذي تم التوصل إليه لدعم القدرات العسكرية الأوكرانية بعد 3 أيام فقط من بدء الحرب، "مقياساً مذهلاً من حيث سرعته والإجماع الذي ينبثق عنه"، يحلل المؤرخ نيكول جينيسوتو، نائب رئيس معهد جاك ديلور، حتى المجر بقيادة فيكتور أوربان، التي نادراً ما انحازت إلى موقف دول الاتحاد الأوروبي الأخرى في الأشهر الأخيرة، انضمت إلى العقوبات المشتركة من دون تحفظ، ومن دون الانخراط في إرسال السلاح.
إلى جانب عملية صنع القرار المشتركة في الاتحاد الأوروبي، تميز هذا الأسبوع أيضاً بتحول تاريخي لبعض البلدان الأعضاء. وهكذا راجعت ألمانيا موقفها السلمي الموروث من نهاية الحرب العالمية الثانية، ووافقت برلين على تسليم أسلحة إلى أوكرانيا، التي كانت تحظرها دائماً في منطقة الصراع.
باعتبارها شريكاً اقتصادياً في الوقت المناسب لروسيا فلاديمير بوتين، غيّرت برلين أيضاً مسارها من خلال تعليق ترخيص خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" ودعم استبعاد البنوك الروسية من منصة المدفوعات الدولية "سويفت"، وهي أداة أساسية في التمويل العالمي.
لفهم هذا التغيير بالطبع، تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة الألمانية تعرضت لضغوط أميركية استثنائية وتحريك كثيف للرأي العام الألماني عبر تظاهرات حاشدة في الشوارع.
السويد تتجاوز سياسة الحياد
السويد خطت باتجاه تجاوز سياسة الحياد؛ فحتى الآن، استبعد هذا البلد، الذي ليس عضواً في الناتو، تسليم أسلحة إلى دولة في حالة حرب. ومع ذلك، وعدت الحكومة السويدية، في وقتٍ سابق، بإرسال 5000 قاذفة صواريخ مضادة للدبابات إلى أوكرانيا.
الأمر الذي أكدته رئيسة الوزراء، ماجدالينا أندرسون، للمرة الأولى منذ عام 1939 والهجوم على فنلندا من قبل الاتحاد السوفياتي، ما يمثّل تحولاً عميقاً لدولة مثل السويد، لم تكن في حالة حرب منذ منتصف القرن الثامن عشر.
هل تدفع هذه التحولات باتجاه إعادة صياغة استراتيجية عسكرية أوروبية جديدة؟ وهل تتجه أوروبا إلى تبني نظرية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول ضرورة تشكيل جيش أوروبي يسمح لأوروبا بلعب دور رئيسي وحاسم في الملفات الدولية في ضوء المؤشرات المقلقة التي تصدر عن أحداث أوكرانيا؟
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فاندر لاين، تعبر عن الوجهة المستقبلية للاتحاد الأوروبي بقولها: "ردّنا اليوم على ما تفعله روسيا سيحدد مستقبل النظام الدولي. مصير أوكرانيا معلق في الميزان، لكن مصيرنا معلق أيضاً في الميزان. يجب أن نظهر القوة التي تكمن في ديمقراطياتنا"!