أوكرانيا والتضخم يجبران بروكسل على طلب مساعدة من شركات الغاز والنفط

دول الاتحاد الأوروبي تتجه تحت الضغط لإقرار فرض ضرائب على شركات الطاقة التي تحقق أرباحاً فائقة.

  • ورطة أوكرانيا والتضخم الهائل يجبران بروكسل على طلب
    ورطة أوكرانيا والتضخم الهائل يجبران بروكسل على طلب "مساهمة تضامنية" من شركات الغاز والنفط

تتجه دول الاتحاد الأوروبي تحت الضغط لإقرار فرض ضرائب على شركات الطاقة التي تحقق أرباحاً فائقة. مشروع متأخر بحسب اليسار الفرنسي الذي لطالما نادى بضرورة ومصيرية فرض ضرائب على الأثرياء وكبرى الشركات التي ضاعفت مرات عديدة ثرواتها في الأزمات التي مرت، من دون أن تساهم بالأعباء والحاجات الوطنية.

وربما كان صوت زعيم فرنسا غير الخاضعة جان لوك ميلونشون الأعلى منذ سنوات مطالباً بإخضاع الرساميل والأرباح الهائلة لقانون ضريبي عادل وعدم تحميل الموظفين والعمال العبء الأساسي.

أخيراً وبسبب العجز عن إدارة الأزمة وكلفة التورط في الحرب الأوكرانية، بدأت بروكسل بالتعبير عن حاجتها لـ "مساهمة تضامنية" من شركات الغاز والنفط "للمساعدة في حل هذه الأزمة"، بحسب ما اقترحت رئيس المفوضية الأوروبية  من أجل وضع حد أقصى لإيرادات الشركات المنتجة للكهرباء باستخدام الطاقة النووية والمتجددة.

هكذا عرضت بروكسل وجهة نظرها لخفض فواتير الطاقة للأوروبيين. واقترح الاتحاد الأوروبي وضع حد أقصى لسعر الغاز الروسي الذي يستورده وكذلك دخل منتجو الكهرباء من قطاعي الطاقة النووية والمتجددة مع أخذ حصة من أرباح مجموعتي الغاز والنفط.

ففي أوروبا تواجه الأسر والشركات أسعاراً فلكية وتقلباً هائلاً في سوق للكهرباء، التي يتم ربط أسعارها بأسعار الغاز، كما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال اجتماع.

فبعض منتجي الكهرباء، الذين يعبئون محطات الطاقة النووية أو طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو السدود الكهرومائية، "يحققون عائدات ضخمة لا تعكس تكاليف إنتاجهم"، وهي في الأساس "منخفضة"، كما أوحت بقسوة فون دير لاين، التي دعت إلى إعادة توزيع هذه "الأرباح غير المتوقعة" لمساعدة الأسر والشركات "الضعيفة".

خاصةً وأن منتجي وموزعي الغاز والنفط، الذين يحققون "أرباحاً ضخمة" بفضل ارتفاع الأسعار العالمية ، هم أيضاً في مرمى بصر بروكسل.

وقال رئيس السلطة التنفيذية الأوروبية: "سنقترح مساهمة تضامنية لشركات الوقود الأحفوري، لأن جميع مصادر الطاقة يجب أن تساهم في حل هذه الأزمة". ويمكن للدول الأعضاء استخدام هذه الثروة المالية غير المتوقعة لمساعدة المستهلكين ولكن أيضاً للاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة.

"الغاز الروسي يمثل 9% من الغاز الذي يستورده الاتحاد الأوروبي"

تقترح بروكسل أيضاً آلية دعم لموردي الطاقة الذين يفتقرون إلى السيولة في مواجهة التقلبات الجنونية للأسواق العالمية، من خلال تحديث لوائح الاتحاد الأوروبي للسماح للدول الأعضاء بتقديم ضمانات عامة بسرعة للشركات المعنية.

وكذلك تقترح بروكسل، وضع حد أقصى لأسعار الغاز التي تسلمها روسيا إلى الاتحاد الأوروبي، من أجل "خفض الإيرادات" التي يستخدمها الكرملين "لتمويل هذه الحرب الشنيعة ضد أوكرانيا" بحسب تعبير بروكسل.

وفي وقت سابق حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن بلاده لن تقدم النفط أو الغاز بعد الآن إلى الدول التي تحدد سعر الهيدروكربونات التي تبيعها موسكو.

وفي بداية الحرب، كان الغاز الروسي عبر خط الأنابيب يمثل 40% من إجمالي الغاز المستورد (من قبل الاتحاد الأوروبي). وقالت أورسولا فون دير لاين اليوم ، تمثل 9% فقط".

وانتقد وزير التجارة والصناعة التشيكي جوزيف سيكيلا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، فكرة وضع حد أقصى لسعر الغاز الروسي.

وقال سيكيلا إن هذا ليس اقتراحاً بناء. مضيفاً أن هذا شكل آخر من أشكال العقوبات ضد روسيا أكثر من كونه حلاً حقيقياً لأزمة الطاقة في أوروبا، داعياً إلى الفصل السريع بين أسعار الكهرباء والغاز.

وقال المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جينتيلوني  إن "مخاطر الركود تتزايد" في الاتحاد الأوروبي ، ويرجع ذلك بشكلٍ خاص إلى ارتفاع أسعار الطاقة والحرب في أوكرانيا. محذراً في خطاب ألقاه في بروكسل: "يمكن أن نتجه إلى أحد أصعب فصول الشتاء منذ أجيال".

هناك عدد من العلامات الحمراء تلوح في الأفق: أسعار الطاقة حطمت مستويات قياسية جديدة ، واستمر التضخم في الارتفاع، والمناخ الاقتصادي آخذ في التدهور. وقال إن الحرب الروسية مستمرة.

وكان الرئيس الفرنسي بعد مقابلة عبر الفيديو مع المستشار الألماني مع أولاف شولتز، قد دافع الرئيس الفرنسي عن "آلية مساهمة" تستهدف "مشغلي الطاقة الذين يحققون أرباحاً لا داعي لها"، وفي نفس الوقت دعا مواطنيه إلى "الرصانة الطوعية".

وتعود فكرة فرض الضرائب على كبرى الشركات وبينها شركات الطاقة إلى حملة لليسار الفرنسي أطلقها منذ سنوات وسعدها خلال الإنتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة، حيث تضمن برنامج فرنسا غير الخاضعة بنوداً واضحة لقوننة نظام ضرائبي يخضع له الأثرياء والشركات الكبيرة.