"إسرائيل" في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.. ما هي رؤية غانتس؟

وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس يقدّم مطالعة بشأن كيفية التعامل مع الساحات المحيطة بـ"إسرائيل"، ويتحدّث عن الأهداف والتحديات الاستراتيجية التي تواجهها.

  • وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس

ألقى وزير الأمن الإسرائيلي، بني غانتس، كلمة في المؤتمر الدوليّ لمكافحة الإرهاب الذي نظّمه معهد سياسة مكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان بتاريخ 15 أيلول/سبتمبر 2022، رأى فيها أنّ الواقع الإسرائيلي يتّصف اليوم بميزتين اثنتين: الأولى، هي أنه من الناحية الأمنية، كلّ الساحات ناشطة وحساسة، وقد يحصل في أي منها أمر ما اليوم أو غداً، مضيفاً أن "هذا التوتر يجب أن يبقى". أما الميزة الثانية، فهي أن "كلّ الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل، هي سارية وواقعية في حياتنا اليومية، وهي ليست بشيء مرميّ من وراء الأفق، بل هي أمر يؤثر في حياتنا يومياً".

1- قطاع غزة

أشار غانتس في كلمته إلى أنه في الساحة الجنوبية، الوضع هادئ نتيجة العمليات الأخيرة، كـ"حارس الأسوار" و "بزوغ الفجر"، ولفت إلى أنّ "الحذر الأمني إزاء قطاع غزة والردّ القاسي على كلّ خرق أمني يحصل" هما "سياسةٌ صحيحة"، مضيفاً أنه، إلى جانب ذلك، تُطبّق "قاعدة إنسانية اقتصادية"، بدءاً من عملية "بزوغ الفجر"، "إذ إننا نعمل ضدّ حركة الجهاد الإسلامي بطريقة مبادرة ومركّزة وفعّالة تعتمد على معلومات استخبارية، بينما تبقى حركة حماس في الخارج على خلفية "وجود الردع: فحركة حماس مردوعة من "إسرائيل"، كونها تعلم ما هي قدراتها، كما لحقت بها خسارة اقتصادية نتيجة فتح السوق الإسرائيلية أمام الفلسطينيين الذين يجنون من عملهم في "إسرائيل" عشرة أضعاف ما يجنونه في قطاع غزة.

وشدّد غانتس على الاستمرار في حماية "محيط قطاع غزة"، والسعي لمعالجة قضية الأسرى والمفقودين. وأضاف أنّ "بذل الجهود لضرب عمليات التعاظم في قطاع غزة في كل ما يتعلق بالتهريب من سيناء، سيستمر بالتعاون مع المصريين".

ورأى غانتس أنّه يوجد "حرص على منح المنعة" لكلّ سكان غلاف غزة، لافتاً إلى أنّ "الجواب على الإرهاب ليس في قتال مباشر ضدّه، بل في قدرة التعاظم الاجتماعي والاقتصادي من حوله، وهذا ما علينا اقتراحه على سكان غلاف غزة، الذين تضاعف عددهم عشرات المرات خلال الأعوام الأخيرة".

2- الضفة الغربية

أعرب غانتس عن أسفه لكون الواقع في الضفة الغربية "أكثر تعقيداً"، طارحاً مثالاً على ذلك، ما سمّاه "النشاط الإرهابي" في المنطقة، وتحديداً في شمال الضفة الغربية، وفي منطقتي نابلس وجنين. وأشار غانتس إلى أنّ "الجيش" الإسرائيلي والشاباك يعملان معاً، ومع جهات أُخرى، في كلّ مكان من هذه الأماكن، من خلال القيام بحملات اعتقال وعمليات إحباط. غانتس لفت إلى أنّ الدخول إلى هذه المناطق ترافقه تحديات عملانية كبيرة للغاية، و"أحياناً تسقط إصابات". 

3- الساحة الشمالية

في معرض حديثه عن "الساحة الشمالية" لـ"إسرائيل"، أشار غانتس إلى أنه عندما ينظر إلى "الشمال"، بمقدوره أن يُشخّص أمرَين بارزَين، هما:

- ضرورة مواصلة العمل ضدّ التمركز الإيراني في سوريا، وضد "جهات إرهابية أخرى".

- التوتر إزاء لبنان بخصوص المنصّة العائمة (كاريش).

وتطرّق غانتس في الحديث إلى ملف الحدود البحرية مع لبنان، وأعرب عن اعتقاده بأنه في نهاية الأمر، سترسو منصتان عائمتان في شرق البحر الأبيض المتوسط: واحدة في الجانب الإسرائيلي، وأخرى في الجانب اللبناني.

ورأى غانتس أنّ النتيجة في نهاية الأمر معروفة، وهي حصول اتفاق بين الطرفين، معرباً عن استعداد "إسرائيل" للتوصل إلى اتفاق مع اللبنانيين يخدم "الدولتين" من ناحية الاقتصاد والطاقة، ويسمح بحصول استقرار في المياه الاقتصادية، وفي كل قضية الطاقة. ومع ذلك، قال غانتس إنّ "المسألة كلّها هي، هل سيحصل تصعيد (خلال المفاوضات وقبل التوصل إلى اتفاق) أم لا؟

غانتس تحدث عن وجود وضوح استراتيجي كبير جداً في "إسرائيل"، فهي جاهزة للتسوية، ومع ذلك، ستدافع عن منصاتها، وسيتم استخراج الغاز عندما تكون الأمور جاهزة، مضيفاً أنّ "هذه إجراءات عمل وبناء وتنقيب وضخ معاكس وبيانات للبورصة، وكلّ شيء علني، وليس هناك أسرار". وأعرب غانتس عن أمله بأن يكون اللبنانيون فطنين بما يكفي في هذا الشأن.

4- التحديات الاستراتيجية لـ"إسرائيل"

بعد أن قدّم مطالعة بشأن الساحات المحيطة بـ"إسرائيل"، انتقل غانتس للحديث عن الأهداف الاستراتيجية لـ"إسرائيل"، وقال إن كل هذه الأهداف "واقعية وصحيحة حتى هذه اللحظة". وأضاف غانتس أنه يوجد 6 تحديات استراتيجية، 3 منها خارجية، و3 داخلية، مشيراً إلى أنّ "هذه الأمور الستّة، إمّا نعمل عليها أو سنكون في ورطة".

وأوضح غانتس أنّ التحديات الخارجية هي:

- المنافسة الاستراتيجية إزاء إيران.

- تسوية العلاقات مع الفلسطينيين

- الدعم الدولي الذي يجب أن تحصل عليه "إسرائيل"

أمّا التحديات الداخلية، فهي:

- النمو الاقتصادي لـ"إسرائيل" مع التشديد على تطوير النقب والجليل.

- تعزيز القانون والسيطرة ومكافحة التنظيمات الإجرامية، وحماية القانون والديمقراطية داخل المجتمع الإسرائيلي.

- زيادة منعة المجتمع الإسرائيلي الداخلي. 

أ. التحدي الإيراني

وبعد أن عدّد غانتس التحديات الاستراتيجية لـ"إسرائيل"، قدّم موجزاً عن كل منها، فقال إن إيران هي تحدّ عالمي وإقليمي، وهي تهديد لـ"إسرائيل"، مضيفاً أنه يجب عدم نسيان التحدي الإيراني على المستوى الدولي، فالإيرانيون يؤثرون في فنزويلا، وفي الصحراء الغربية، وفي الجزائر وبالطبع في الشرق الأوسط، كما إن علاقاتهم بالروس آخذة في التوثق، و تأثيرهم في أوكرانيا فعّال. 

وحذر غانتس من أنّه عند توقيع إيران على اتفاق (نووي جديد)، ستحصل على مبلغ يتراوح ما بين مئة مليون إلى ربع تريليون دولار، و"ما يقومون به حالياً بمليار دولار فقط لكل التنظيمات في الشرق الأوسط، سيقومون بضعفه بمبلغ ملياري دولار".

ووصف غانتس إيران بأنها دولة جدية جداً ذات ثقافة غنية جداً، وتمتلك تكنولوجيات متقدّمة، لدرجة أن الروس يشترون تكنولوجيا من الإيرانيين ويشغّلونها في أوكرانيا، و"هذا الأمر جديّ". ودعا غانتس إلى عدم الاستخفاف بالإيرانيين، فهم يمتلكون قدرات عالية في علم الصواريخ، ولديهم قطع جوية مأهولة عن بعد، وغير ذلك، لذلك يجب وضع حلول متواصلة حيال هذه الأمور.

ولفت غانتس إلى أن هذه الحلول، هي: 

- مواصلة الضغط على إيران وعدم إبرام اتفاق سيئ معها.

- الاستمرار في إيجاد هندسات إقليمية تواجه هذه القضية. 

- إيجاد ائتلاف استخباري يُغطّي غياب الرقابة الفعالة على نشاطات إيران النووية. 

- الحفاظ على الجاهزية العملانية واستمرار بناء القوّة. 

ب. التحدي الفلسطيني

أشار غانتس إلى أن "إسرائيل" التي تمتلك رغبة بالحياة كـ"دولة" يهودية ديمقراطية وآمنة، لا يمكنها أن تخاطر بتحقق فكرة الدولة الواحدة، أو الدولة ثنائية القومية، التي ستؤدي إلى تحول "إسرائيل" إلى "دولة" غير يهودية أو غير ديمقراطية أو غير محميّة. غانتس أضاف أن أغلب الإسرائيليين لا يريدون أن تُسيطر "إسرائيل" على الفلسطينيين، وهم غير مستعدين للمخاطرة أمنياً بأن يتشكل وجود "داعم للإرهاب" يسيطر على مراكز ثقل "إسرائيل". 

ولفت غانتس إلى أنه في اليوم الذي سيُدرك فيه الفلسطينيون بأن أحداً لن يغادر المكان، وأن عليهم اتخاذ قرارات استراتيجية؛ وفي اليوم الذي سيُدرك فيه الإسرائيليون هذا أيضاً، عندها سيكون إيجاد الحلّ ممكناً. وحتى ذلك الحين، يجب، إلى جانب النشاطات الأمنية، إيجاد واقع أمني أفضل، هو "وضع الكيانَين"، الذي تحافظ فيه "إسرائيل" على تفوقها الأمني، وكل طرف يهتم بنفسه، ويكون الاقتصادان مندمجين.

ج. الدعم الدولي

دعا غانتس إلى ضرورة تعزيز علاقات "إسرائيل" بدول العالم، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، والدول الأوروبية، و"دول الأمم المتحدة". وأضاف غانتس أنه بالدبلوماسية وبالحوار وبالتوضيح، يتبين أن "إسرائيل" هي حقاً "دولة" قوية، لكنها أيضاً "دولة" مُحقّة.

ودعا غانتس إلى توطيد العلاقة بيهود الشتات، فيهود أوروبا آخذون بالاختفاء، إذ يوجد الآن فقط مليون ونصف المليون يهودي في أوروبا على أعلى تقدير.

د. النمو الاقتصادي وتعزيز سلطة القانون

رأى غانتس أن ما يحصل في عالم الجريمة عموماً، وفي المجتمع العربي خصوصاً سيضر بالأمن الداخلي لـ"إسرائيل" كلها، فالمسألة ليست مشكلة باقا الغربية أو أم الفحم، فالعرب هم مواطنون إسرائيليون يستحقون كل النشاطات الأمنية ولكل المستوى الأمني الممكن، وهذا ينعكس عموماً على كل المجتمع في "إسرائيل". ودعا غانتس إلى ضمان سلطة القانون والأمن الداخلي من خلال عمليات كبيرة لحرس إسرائيليين، ومن خلال رعاية شرطوية يومية، ومحاربة الجريمة.

ولفت غانتس إلى أنّ ما لا يقل أهمية عن ذلك، هو تطوير بنى تحتية في المجتمع العربي وتحسين التعليم وتحسين الأهلية وتحويلهم إلى جزء تكاملي في المجتمع الإسرائيلي، بحيث تصبح الجريمة معياراً غير مقبول. وأضاف غانتس أن الدمج بين تطوير اقتصاد "إسرائيل" من خلال تطوير النقب والجليل ومن خلال زيادة الفرض والسيطرة هو مفتاح كبير للمستقبل.

هـ. منعة المجتمع

النقطة الأخيرة التي تحدث عنها غانتس في كلمته، هي منعة المجتمع الإسرائيلي، إذ قال إن السياسيين مسؤولون عن هذه المسألة، لافتاً إلى أن رئيس الحكومة الأسبق، بنيامين نتنياهو، "مذنب" في هذا الأمر، فهو "أخذ الصدوع الموجودة في المجتمع الإسرائيلي وزادها عمقاً من أجل نجاح سياسي".

وطالب غانتس بضرورة العمل على الوحدة (داخل المجتمع الإسرائيلي)، "لكي لا تندلع حرب هنا"، فـ"إسرائيل" كلما كانت موحّدة أكثر وقوية أكثر ومنيعة أكثر، فإن احتمال كسرها أقل.

 ولفت غانتس إلى ضرورة حصول استقرار حكومي، إذ لا يمكن التخيل أنه تجري 5 انتخابات في أقل من 4 سنوات، لذلك يجب البحث عن طرق لتعزيز الاستقرار في "إسرائيل".

اخترنا لك