"إسرائيل" وأزمة عميقة في منظومة "جيش" الاحتياط.. قصر نظر استراتيجي

• 

تحت عنوان"أزمة  منظومة الاحتياط - هل نحن مستعدون للحرب المقبلة؟"، عقد "معهد القدس للاستراتيجيا والأمن" الإسرائيلي في "مركز تراث بيغن" مؤتمراً بتاريخ 18/01/2023، تطرّق فيه إلى أهمية الدور الذي يؤديه جهاز الاحتياط أو منظومة الاحتياط في "جيش" الاحتلال الإسرائيلي، والمشاكل التي يعاني منها، وتبعات ذلك على المعارك العسكرية التي يمكن أن يخوضها "جيش" الاحتلال، ولا سيما تلك التي تتطلّب مناورة برية، وتأثير ذلك في نتائج تلك المعارك، و فرص "الجيش" في تحقيق الانتصار فيها، أو على الأقلّ في إنجاز الأهداف المحددة لها.  

صواريخ حزب الله ستصدأ: مقولة بائسة

المؤتمر افتُتح بكلمة لرئيس المعهد، البروفسور أفرايم عنبار، الذي قال إنّ "الإهمال المستمر منذ مدة طويلة لقوات الاحتياط، لا سيما في الذراع البرية، سببه أمور عديدة"،أهمها تقلّص التقديرات بإمكانية وقوع حربٍ واسعة النطاق، وهو ما يؤدي إلى تقديرٍ يفيد بعدم ضرورة توفر حجم كبير من القوات. وإضافة إلى ذلك، أشار عنبار إلى نظرية تفيد بأن "إمكانية الرؤية وإطلاق النيران من بعيد، وقدرات الاستخبارات ستحلّان المشكلة"، وعندها "لا حاجة إلى احتلال أرض مع قواتٍ برية". 

كما رأى عنبار أنه ثمة ضرورات اقتصادية تدفع إلى حصول اقتطاعات في الميزانية، وعادةً ما يتم الاقتطاع من ميزانية الاحتياط، و"هذا قصر نظر استراتيجي"، لافتاً إلى أنّ "المقولة البائسة بأنّ صواريخ حزب الله ستصدأ، أوصلتنا إلى حرب غير ناجحة على الإطلاق في عام 2006".

وأشار عنبار إلى أنه "يوجد حاجة ضرورية إلى وجود قوة عسكرية كبيرة في حال اندلاع حرب مع حزب الله، أو في حال تقرر في إسرائيل توجيه ضربة استباقية له".

كذلك لفت إلى أنّ بناء القدرات العسكرية وشراء وسائل قتالية وتدريب، يتطلب وقتاً، وهذا لا يحصل بين ليلةٍ وضحاها. ولذلك يجب الاستعداد، إذ إن المفاجآت يمكن أن تحدث دائماً، مبيّناً أنّ إهمال الاحتياط حصل أيضاً نتيجة قرارات الحكومة بعدم تخصيص ما يكفي من المال للأمن.

ودعا عنبار السياسيين والجمهور الإسرائيلي إلى أن يكونوا "على استعداد للتنازل عن مستوى الحياة المرفّهة"، "كي نكون أكثر ثقة بأن نعيش". 

"الجيش" الإسرائيلي لا يمكنه أداء مهمته من دون الاحتياط

من جهته، ألقى عضو الكنيست من "معسكر الدولة"، غادي آيزنكوت، (رئيس هيئة الأركان العامة الأسبق في جيش الاحتلال) محاضرة افتتاحية في مؤتمر "أزمة منظومة الاحتياط"، ورأى فيها أنه "كان يجب أن يكون التركيز دائماً على القوات البرية، وذلك لأن الجيش الإسرائيلي لا يمكنه أداء مهماته من دون تشكيل الاحتياط".

وحذّر آيزنكوت من أن يرى عناصر الاحتياط أنفسهم على أنهم "بُلهاء ولا يتم تقديرهم"، لأن هذا سيسبب مشكلة داخل مجتمعهم.

وبعد آيزنكوت، ألقى اللواء احتياط يعقوب عاميدرور (رئيس هيئة الأمن القومي سابقاً) ويعمل حالياً باحثاً في "معهد القدس للاستراتيجية والأمن"، وفي "معهد آن روسهندلر"، محاضرةً عن دور منظومة الاحتياط في "إسرائيل"، ودعا فيها إلى "ضرورة الاستعداد للحرب المقبلة، وللحرب التي تأتي بعدها"، فـ"نهاية دولة إسرائيل ستحصل إن خسرت حرباً".

كذلك، حذّر عميدرور من أنّ "الجبهة الداخلية الإسرائيلية ستُضرب بشدة في الحرب المقبلة، بحيث ستكون الإصابات مرتفعة، ولذلك في حال لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي احتياط قوي، لن يتمكن الجيش النظامي من إنجاز العمل". 

ولفت مشاركون في المؤتمر من كبار الجنرالات السابقين إلى أنّ "جيش" الاحتلال "صغير جداً، وليس لدينا ما يكفي من الجنود"، فيما أضاف آخرون بأنّ حرب تموز 2006، والتي يسمونها "حرب لبنان الثانية كانت واحدة من أسوأ أزمات جيش الاحتياط"، محذّرين من أنّ "الاحتياط الناشط هو 1.5% من المجتمع، وهذا لا شيء نسبة للرقم". 

منظومة الاحتياط في القوات البرية في أزمة خطيرة

إضافة إلى الندوات والمحاضرات التي حصلت ضمن مؤتمر "أزمة منظومة الاحتياط"، نشر موقع "معهد القدس للاستراتيجية والأمن"، رسالةً موجهةً من العقيد احتياط البروفسور غابي سيبوني، والتي قال فيها إنّ "منظومة الاحتياط في القوات البرية في أزمة خطيرة".

وأشار سيبوني إلى أنّ "عبء خدمة الاحتياط يتحمله عدد قليل من السكان، من دون أن يتلقوا التعويض المناسب"، وأنّ "عنصر الاحتياط يريد أن يشعر أنّ المجتمع والجيش يقدّران خدمته". كما أنه يريد أن "يتم الاعتناء باحتياجاته اليومية".

ولفت سيبوني أيضاً إلى أنّ "الشعور السائد بين جنود الاحتياط في الوحدات القتالية البرية هو أنّ "بعض قادة جيش الاحتلال لا يرون حاجة حقيقية إلى تشكيل الاحتياط، كقوة ساحقة في حرب واسعة النطاق، ويفضلون أن يرتكز الرد العملياتي على قوات الجيش النظامي، الوسائل التكنولوجية، والنيران القائمة على أساس استخبارات دقيقة". 

وأشار إلى أنّ "استبدال مناورات فرق الاحتياط، بتدريبات محاكاة عقيمة؛ واستخدام ميزانيات التدريب لأغراض أخرى"، ألحقا الضرر بجيش الاحتلال، وقدرته على الحسم وبالأمن القومي، إذ إنّ كفاءة القادة والمقاتلين في الاحتياط استُبدلت بشراء وتعزيز قدرات تكنولوجية. 

70 % من قوات الاحتياط يشعرون بالإحباط

عرضت في إطار المؤتمر أيضاً معطيات استطلاع رأيٍ تتعلق بموضوع الاحتياط، وتبيّن منها أنّ الشعور بالإحباط مرتفع بين عناصر الاحتياط بشكل عام إلى 70%، ولدى العلمانيين منهم (72%)، بينما الشعور بالإحباط هو أقلّ ظهوراً لدى قوات الاحتياط من المتدينين (53% فقط). 

وظهر في الاستطلاع أيضاً أنّ 56% من المستطلَعين يعتقدون أنّ أصحاب العمل يفضلون توظيف أشخاص لا يخدمون في الاحتياط. وفي هذا السياق، رأى 59% من عناصر الاحتياط أنّ أصحاب العمل سيختارون شخصاً لا يخدم في الاحتياط.

وتُظهر البيانات أيضاً أنّ أكبر المصاعب التي يواجهها جنود الاحتياط هي" المصاعب العائلية (55%)، تليها المصاعب المالية (28%)، والنفسية (22%) والبدنية (19%).