لماذا تنتظر أوروبا نتائج الانتخابات النصفية الأميركية؟

مع ختام الانتخابات النصفية الأميركية، يقترب الجمهوريون من كسب أكثرية المقاعد في الكونغرس، وهو ما قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع أوروبا في ملفات عدة، أبرزها دعم أوكرانيا والعلاقات الاقتصادية مع الصين.

  • يتجه الجمهوريون نحو تقليص الدعم المالي لأوكرانيا
    يتجه الجمهوريون نحو تقليص الدعم المالي لأوكرانيا

ختم الأميركيون اليوم الانتخابات النصفية بنتيجةٍ من المرجح أن توتر علاقة واشنطن مع العواصم الأوروبية مرةً أخرى، بعدما تم إصلاحها في إثر وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض خلفاً لدونالد ترامب.

ويعني فوز الجمهوريين بأكثرية المقاعد، على سبيل المثال لا الحصر، المزيد من القيود على المساعدات الأميركية لأوكرانيا، والمزيد من التوترات التجارية مع الصين على قاعدة "أميركا أولاً"، بحسب صحيفة "بوليتيكو".

في عام 2016، فشل الأوروبيون في الاستعداد لتداعيات فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، وأمضوا السنوات الأربع التالية في علاقات غير ثابتة معه. 

ومع احتمال عودة ترامب إلى الجولة الانتخابية عام 2024، فإنَّ بايدن الباقي في البيت الأبيض حتى أوائل عام 2025 على الأقل سيقع تحت ضغطٍ سياسي متزايد لثقل القضايا الداخلية، وعلى رأسها مسألة التضخم التي عصفت بالبلاد والقضايا الخارجية، أبرزها دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.

"هناك قلق"، قال إيان ليسر، نائب الرئيس والمدير التنفيذي لصندوق "مارشال" الألماني، و"تخوف من العودة إلى ما كان عليه عهد ترامب".

اقرأ أيضاً: إغلاق معظم مراكز الاقتراع في الانتخابات الأميركية.. ماذا في النتائج الأولية؟

أوكرانيا والسباق الانتخابي

ومع صدور النتائج الأولية للانتخابات، تبين أن الجمهوريين في موقع الصدارة للاستيلاء على مجلس النواب المؤلف من 435 عضواً، في حين أن السيطرة على مجلس الشيوخ لا تزال غير واضحة المعالم. 

وستكون الآثار المترتبة على الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون عميقة، ما يمنحهم المزيد من القدرة على تعطيل أجندة بايدن التشريعية وتقييد إنفاقه وإطلاق جلسات استماع وتحقيقات في إجراءات إدارته ولوائحها.

سابقاً، أرسل الجمهوريون إشاراتٍ عن خططهم المقبلة. وفي مقابلةٍ الشهر الماضي، حذَّر كيفن مكارثي، زعيم الجمهوريين في مجلس النواب الذي يستعد ليحل محل الديمقراطية نانسي بيلوسي رئيساً لمجلس النواب، من أن حزبه "لن يكتب شيكاً على بياض لأوكرانيا". 

هذه التصريحات أثارت قلق المسؤولين الأوكرانيين وحلفاء "الناتو". ورغم بعض التطمينات التي لاحقت هذا التصريح في محاولةٍ للتخفيف من حدَّة الرسالة، فإنَّ السيناتور ليندسي غراهام، وهو صوتٌ مؤثر في دوائر السياسة الخارجية الجمهورية، أكد خلال حدثٍ في جامعة ييل حضره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي افتراضياً استمرار الولايات المتحدة في تزويد أوكرانيا بمعدات عسكرية إذا سيطر الجمهوريون على السلطة، معقباً: "ولكن بمزيدٍ من الشروط".

منذ بداية الحرب، تحملت الولايات المتحدة العبء المالي للحلفاء في أوكرانيا. ووفقاً لمعهد كيل للاقتصاد العالمي، قدَّمت الولايات المتحدة ما يقارب 25 مليار دولار من المساعدات المالية والإنسانية لكييف، فضلاً عن 27.5 مليار دولار من الإمدادات العسكرية، وهو ما يتجاوز بكثير إنفاق الاتحاد الأوروبي. 

وقال العديد من المسؤولين المقربين من المناقشات الأميركية لـ"بوليتيكو" إنَّ إعادة تقييم هذا الدعم - حتى لو كان ينطوي على مزيدٍ من التدقيق - من المرجح أن يصبح واقعاً جديداً في واشنطن. وتظهر استطلاعات الرأي أن عدداً كبيراً من الجمهوريين يفضلون خفض المساعدات الأوكرانية، حتى لو كانت الغالبية العظمى من الأميركيين لا تزال تؤيد دعم كييف. 

"آمل مخلصاً ألا يفعلوا ذلك، لكن هذه دعوة للاستيقاظ"، قال ريهو تيراس، وزير الدفاع الإستوني السابق وعضو البرلمان الأوروبي الحالي، مضيفاً: "أنا مقتنع تماماً بأن أوروبا لا تفعل ما يكفي".

وكانت الولايات المتحدة، ومثلها حكومة زيلينسكي، عبرت عن إحباطها من بروكسل بسبب بطئها في تقديم 9 مليارات يورو موعودة لأوكرانيا. وحتى اليوم، لم يتم دفع 3 مليارات منها بعد.

اقرأ أيضاً: الأميركيون قلقون من أعباء دعم أوكرانيا ويؤيدون التفاوض لإنهاء الحرب

أزمة التجارة مع الصين تلوح في الأفق

يشعر السياسيون الأوروبيون، بحسب "بوليتيكو"، بالغضب من التشريع الأميركي الأخير الذي يمنح إعفاءات ضريبية سخية لمواطنيهم الذين يشترون السيارات الكهربائية المجمعة في أميركا الشمالية. وبالنسبة إلى الأوروبيين، فإنَّ هذا البند هو مجرد تذكير أولي بسياسات ترامب التجارية القائمة على قاعدة "أميركا أولاً"، والتي ذكَّر فيها اليوم بعد خروجه من مركز الاقتراع في فلوريدا.

ويعتمد المسؤولون الأوروبيون الآن على واشنطن لإيجاد حل وسط بشأن هذه القضية، وهناك مخاوف من أن تكون هذه المناقشات صعبة مع صعود الجمهوريين واقتراب نهاية ولاية بايدن.

واعترف العديد من المسؤولين الأوروبيين لصحيفة "بوليتيكو" بالقلق من اشتداد نزعة أميركا المناهضة للصين في ظل الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون.

وقد زادت حدة هذه القضية الخلافَ في مجلس التجارة والتكنولوجيا، وهي مجموعة عمل أميركية - أوروبية تشكلت في عهد بايدن، وكان من المفترض أن تساعد الجانبين على فك تشابك الصراعات السياسية المتداعية. وفي حين ترى واشنطن في هذا التشكيل فرصة رئيسية للضغط على الصين، تصر بروكسل على أن المجموعة ليست مخصصة لمهاجمة بكين.

"قد تسمع أوروبا الكثير من الخطابات الجديدة في الفترة المقبلة"، يختم تقرير "بوليتيكو".

اقرأ أيضاً: رئيس الصين مستقبلاً مستشار ألمانيا: علينا العمل سوياً من أجل السلام العالمي

الانتخابات النصفية الأميركية، في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، تأتي في وقت حساس وبالغ الأهمية، وترسم شكل الحكم في السنتين المتبقيتين من إدارة الرئيس جو بايدن.

اخترنا لك