الحرب على كاراكاس.. كيف افتعلت واشنطن أسوأ أزمة إنسانية في أميركا اللاتينية؟
مجلّة أميركية تكشف العلاقة بين سياسة الولايات المتحدة الأميركية وأزمة المهاجرين في أميركا اللاتينية.
-
مهاجرون فنزويليون
قالت مجلّة "فورين بوليسي إن فوكس" الأميركية، اليوم الأربعاء، إنّ "الحرب الاقتصادية الأميركية على فنزويلا هي أحد الأسباب الرئيسية للعدد القياسي للمهاجرين الذين يصلون إلى الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، إذ سُجّل ارتفاع في أعداد المهاجرين من كوبا وهايتي ونيكاراغوا وفنزويلا".
وأشارت المجلّة إلى الدور الأميركي في تأجيج الكارثة الإنسانية في فنزويلا، موردةً: "أدّت سنوات من الجهود الأميركية لتدمير صناعة النفط الفنزويلية وإطاحة حكومة كاراكاس إلى تأجيج الكارثة الإنسانية". وأشارت المجلة في هذا السياق إلى "فرار أكثر من 7 ملايين شخص من البلاد، وفرار مئات الآلاف غيرهم من كوبا وهايتي ونيكاراغوا، وهي بلدان فقيرة فقدت القدرة على الوصول إلى الطاقة الفنزويلية منخفضة التكلفة".
وأضافت أنّ "المسؤولين الأميركيين كانوا يتوقعون أزمة المهاجرين إلى حدٍّ كبير، وذلك بمجرد أن بدأوا العمل على تخريب صناعة النفط الفنزويلية والاتفاقية الإقليمية التي تقودها فنزويلا (بتروكاريبي)، والتي وفّرت النفط منخفض التكلفة للبلدان الفقيرة في منطقة البحر الكاريبي وأميركا الوسطى".
اقرأ أيضاً: المهاجرون من أميركا اللاتينية "بيادق" على الرقعة السياسية الأميركية
كذلك، أشارت المجلة إلى تصريح وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري عام 2015، بقوله: "إذا سقطت بتروكاريبي بسبب الأحداث في فنزويلا، فقد ينتهي بنا الأمر بتحدٍ إنساني خطير في جوارنا القريب".
وأضافت: "على مدى العامين الماضيين، شهدت الولايات المتحدة وصول عدد قياسي من المهاجرين إلى الحدود". ووفقاً للبيانات، "واجهت دوريات الحدود الأميركية نحو 1.7 مليون مهاجر في عام 2021 وأكثر من 2.2 مليون مهاجر في عام 2022، وهو رقم قياسي".
وأضافت في السياق نفسه، أنّ "المسؤولين في واشنطن قدّموا عدداً من النظريات عن الزيادة غير المسبوقة في أعداد المهاجرين، لكن ما رفض المسؤولون في كلا الحزبين الاعتراف به هو مسؤوليتهم الخاصة، والتي تنبع من جهودهم المستمرّة منذ سنوات لتدمير صناعة النفط الفنزويلية وإطاحة الحكومة الفنزويلية، من خلال شن حرب اقتصادية على فنزويلا".
الحرب الاقتصادية الأميركية على فنزويلا
"إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مهّدت المسرح للحرب الاقتصادية على فنزويلا، وبدأت العمل لتقويض البتروكاريبي، على الرغم من الفوائد التي كانت توفرها لعدد من البلدان الفقيرة في منطقة البحر الكاريبي وأميركا الوسطى"، أوردت المجلة.
وأشارت إلى أنّ بن رودس اعترف في عام 2015، عندما كان نائب مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما، أنّ الدول "استفادت بشكل كبير من بتروكاريبي، ولن تتمكن من استبدال النفط الفنزويلي بالنفط الأميركي ببساطة".
ولفتت المجلّة الأميركية إلى أنّ إدارة أوباما سعت إلى تقليص نفوذ فنزويلا في المنطقة. وفرضت عقوبات على المسؤولين الفنزويليين وضغطت على دول الكاريبي لتحويل وارداتها من المنتجات البترولية الفنزويلية.
وحذّر تقرير صدر عام 2014 عن المجلس الاستشاري للأمن الدولي، وهو لجنة استشارية فيدرالية، وزارة الخارجية من أنّ "البلدان التي تعتمد بشكل كبير على بتروكاريبي يمكن أن تتعرض لزعزعة الاستقرار الاقتصادي والسياسي إذا اختفى الدعم".
تصعيد ترامب
وخلال السنوات الأربع التي قضاها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في منصبه، نفذت إدارته هجوماً اقتصادياً كبيراً ضدّ فنزويلا بحسب "فورين بوليسي". أولاً بدأت بفرض عقوبات اقتصادية على الشؤون المالية للبلاد في عام 2017 ، ثمّ تابعت بعقوبات اقتصادية خانقة ضدّ شركة النفط الحكومية في عام 2019".
اقرأ أيضاً: تقرير أميركي: العقوبات في عهد ترامب أضرّت باقتصاد فنزويلا
وقالت إنّه "مع انهيار الاقتصاد الفنزويلي في مواجهة الحرب الاقتصادية لإدارة ترامب، حذّر عدد من النقاد من العواقب الإنسانية".
وقدّرت إحدى الدراسات أنّ العقوبات الأميركية أدّت إلى مقتل أكثر من 40000 فنزويلي من 2017 إلى 2018.
التأثيرات على كوبا وهايتي ونيكاراغوا
كذلك، أشارت المجلّة الأميركية إلى ما سبّبته الحرب الاقتصادية الأميركية لفنزويلاـ، بحيث أضرّت ببلدان أخرى في منطقة البحر الكاريبي وأميركا الوسطى، بعد أن كانت تعتمد على الطاقة الفنزويلية منخفضة التكلفة.
وأضافت أنّه "لسنوات، استفادت كوبا وهايتي ونيكاراغوا من الطاقة الفنزويلية منخفضة التكلفة، إذ أبرمت الدول الثلاث صفقات مع الحكومة الفنزويلية، مكّنتها من توفير المال على الطاقة وإعادة توجيه الإنفاق الحكومي نحو البرامج الاجتماعية".
ولفتت إلى أنّه "مع تفاقم العقوبات الأميركية والانهيار الاقتصادي في كاراكاس، بدأت الحكومة الفنزويلية تعليق المساعدة. وحينها، واجهت كوبا وهايتي ونيكاراغوا تحديات اقتصادية متزايدة، مدفوعة بخسائر الطاقة الفنزويلية منخفضة التكلفة".
وختمت المجلة الأميركية تقريرها بالقول: "بينما يواصل المسؤولون في واشنطن مشاحناتهم الحزبية حول أزمة المهاجرين، يبدو أنّهم بالكاد مهتمون بالاعتراف بمسؤوليتهم عنها. وإلى أن يتصالحوا مع حقيقة أنّ حربهم الاقتصادية المستمرّة منذ سنوات على فنزويلا كانت أحد الأسباب الرئيسية للأزمة، فإنّهم سيستمرون في تعريض شعب فنزويلا والمنطقة الأوسع للخطر".