تحرير دونباس من النازية.. الجيش الروسي يحيي ذكرى الأسلاف بالنار

التاريخ يتشابه بين ما حصل في الحرب العالمية الثانية والمعركة الحالية القائمة في دونباس، حيث يسعى الجيش الروسي لتكرار عملية محاصرة خصمه، واستنزافه إلى لحظات استسلامه.

  • يؤكد لافروف بأن جغرافيا العملية العسكرية تغيرت بأكملها
    يؤكد لافروف أّن جغرافيا العملية العسكرية في أوكرانيا تغيرت بأكملها

الثامن من أيلول/سبتمبر عام 1943، كان يوماً حاسماً في عملية تحرير دونباس من النازيين الألمان. حينها، جرى فتح جبهتين في وقت واحد: أكثر من مليون جندي من جيش الاتحاد السوفييتي شاركوا في القتال مدعومين بأكثر من 1200 دبابة ومدافع ذاتية الدفع، و20000 مدفع ميداني ومدفع هاون، و1400 طائرة. 

يقول المحلل العسكري ميخائيل انوفريينكو، وهو أوكراني من خاركوف فرَّ الى القرم بعد الانقلاب في كييف عام 2014: "اليوم لا نملك القوة نفسها، ولكن هناك جيش من النازيين الجدد في أوكرانيا، وهو أكبر بكثير من جيشنا الروسي في العدد. لذلك، لن يكون الأمر سهلاً وسريعاً، لكن الأرواح الشريرة يجب ان تُجتث من أرضنا تماماً، وعلى الاحفاد استكمال عمل الأجداد".

الأحفاد الذين يتكلم عنهم انوفريينكو، اليوم، هم الروس تحت قيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي نقل الجهد الحربي لجيشه إلى شرق أوكرانيا.

عندما يتحدث بوتين عن دونباس فإنّه يشير إلى منطقة إنتاج الفحم والصلب القديمة في أوكرانيا، التي تضم لوغانسك ودونيتسك اللذين يمتدان من ماريوبول في الجنوب وصولاً إلى الحدود الشمالية.

وقبل اندلاع الحرب بقليل، اعترف بوتين باستقلال المنطقتين الشرقيتين عن أوكرانيا. وإذا سيطرت روسيا على كلتا المنطقتين الكبيرتين ستحقق إنجازاً في هذه الحرب، وستكون الخطوة التالية بعد ذلك هي إلحاق دونباس بروسيا، تماماً كما فعل مع شبه جزيرة القرم بعد استفتاء حصل عام 2014.

في المقابل، يُشبَّه الجنرال الأميركي بن هودجز، الذي شغل منصب القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، حرب روسيا ضد أوكرانيا هذا الصيف والهجمات المضادة الأوكرانية الناجحة، بما حدث قبل عقود ماضية فوق الأراضي الأوكرانية. خلال الحرب العالمية الثانية، شهدت مناطق جنوب أوكرانيا على مدار عدة شهور معارك بين قوات "جيش الرايخ" الألماني والجيش الأحمر السوفيتي، وفي النهاية تراجع الألمان عام 1943 إلى الجانب الغربي من نهر دنيبر في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر من ذاك العام. 

قبلها كان الألمان قد هُزموا بشكل مدمر في ستالينغراد وتجمعوا تحت قيادة  المارشال النازي إريش فون مانشتاين، وباتوا يُدفعون خطوةً تلو أخرى، نحو أوروبا الغربية. 

تتشابه  ظروف الماضي مع ما حدث مؤخراً، لكن اليوم الزخم أبطأ، خصوصاً أن الحرب مع الغرب، لا تزال حرباً باردة، حسب المعلن من الطرفين. 

تدور المعارك حالياً، حسب الصحافة الروسية، للسيطرة على مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك، آخر مدينتين رئيستين تخضعان لسيطرة السلطة الألوكرانية في دونباس. كذلك، قرَّرت روسيا إجراء استفتاء في أيلول/سبتمبر المقبل لضم المدن الأوكرانية التي سيطرت عليها.

ولا شك أنّ على سلطة كييف ألا تسمح بإجراء استفتاء في مدينة خيرسون، إذ إنها نقطة تحول مهمة في مسار المعركة: "إما استعادة خيرسون أو تصبح المدينة أرضاً روسية"، خصوصاً أنّ الإعلام الأوكراني نقل عن مصارد مطلعة قولها إنّ الدول الغربية قد تراجع موقفها تجاه النزاع في أوكرانيا، وتقطع إمداداتها من الأسلحة، إذا فشلت القوات المسلحة الأوكرانية في إثبات قدرتها على الهجوم والسيطرة على خيرسون بحلول نهاية شهر أيلول/سبتمبر، كما وعد فلوديمير زيلينسكي.

اليوم، ومع ذكرى عملية تحرير دونباس من النازيين الألمان، لم يعد هدف العملية العسكرية الروسية تحرير جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، بل تغيرت جغرافيا العملية بأكملها"، بحسب لافروف. ومع قيام الدول الغربية بتزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى، أكد الأخير أنّ "المهام الجغرافية سيتم دفعها إلى أبعد من الخط الحالي لأننا لا نستطيع السماح للجزء الخاضع لسيطرة زيلينسكي، أو من يأتي خلفه، أن يشكل تهديداً مباشراً لأراضينا".

يلاقيه بوتين بتصريح مشابه لتصريح انوفريينكو يقول فيه للشعب الروسي إنّ هدفه هو "نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث النازية منها".

اخترنا لك