سفينة المهاجرين ترسو في ميناء طولون الفرنسي واليمين يعترض

سفينة الإنقاذ "أوشن فايكينغ"، التابعة لمنظمة "أس أو أس ميديتيرانيه" غير الحكومية ، ترسو في ميناء طولون العسكري، جنوبي فرنسا، وتنزل 234 مهاجراً تم إنقاذهم في البحر المتوسط.

  • سفينة الإنقاذ
    سفينة الإنقاذ "أوشن فايكينغ" تستأنف نشاطها في البحر المتوسط

تحت الضغط ومطالبات حثيثة من الهيئات والجمعيات الإنسانية، خضع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وسمح برسوّ سفينة "أوشن فايكينغ"، التابعة لمنظمة "أس أو أس ميديتيرانيه"، غير الحكومية، والتي تحمل 234 مهاجراً، في مرفأ طولون العسكري الفرنسي، حيث تم استقبالهم صباح اليوم الجمعة، لتنتهي 3 أسابيع من المعاناة والقلق في البحر.

قرار ماكرون أتى بعد رفض روما عدة مرات المناشدات الموجَّهة إليها من أجل استقبال المهاجرين، وسعيها للَيّ ذراع الدول الأوروبية الأخرى، من خلال إجبار فرنسا على السماح لسفينة المساعدات الإنسانية بالوصول إلى ميناء طولون العسكري.

من جهته، أعرب وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، عن أسفه "للاختيار غير المفهوم" للجار الإيطالي بشأن عدم الترحيب بالسفينة، مشيراً إلى أن "الثلث فقط" من الأجانب الـ230 المعنيين سيتم "نقله" إلى فرنسا، في حين أن أولئك الذين لا تتوافر فيهم المعايير الخاصة بطالبي اللجوء "ستتم إعادتهم مباشرة".

وأشارت وزارة الداخلية إلى أن "ثلثَي" الأشخاص سيغادرون فرنسا ليتم نقلهم إلى 11 بلداً، هي ألمانيا التي ستستقبل نحو 80 شخصاً، ولوكسمبورغ وبلغاريا ورومانيا وكرواتيا وليتوانيا ومالطا والبرتغال وإيرلندا وفنلندا والنروج.

وقال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، في نهاية اجتماع مجلس الوزراء: "لقد أوضحت، بناءً على طلب رئيس الجمهورية، أنّنا نرحب بهذا القارب بصورة استثنائية، في ضوء 15 يوماً من الانتظار في البحر، فرضتها السلطات الإيطالية على الركاب". وأضاف وزير الداخلية أن "إيطاليا كانت غير إنسانية للغاية في هذا الوضع. كما أن السلطات الإيطالية كانت غير محترفة".

هذه المرة، على الرغم من التبادلات المباشرة بين إيمانويل ماكرون وعدد من نظرائه، وجدت فرنسا نفسها وحيدة في إدارة هذه الأزمة. "كانت عدة خيارات موجودة على الطاولة طوال الليل من الأربعاء إلى الخميس. جرت النقاشات في جميع المستويات: بين الدبلوماسيين، وبين الوزراء، وبين رؤساء الدول والحكومات"، وهو ما يشهد به أحد الفاعلين المطلعين على المفاوضات.

بحسب مصادر الحكومة الفرنسية، فلقد " كنا نركز فقط على الجانب الإنساني للقضية. لا مكان للقضايا الداخلية والسياسات الحزبية في مثل هذه الحالات، وخصوصاً أنّنا، على عكس جورجيا ميلوني، لم يتم انتخابنا بناءً على وعد بإغلاق حدودنا تماماً".

قانون البحار

سياسياً، إن اليمين والتجمع الوطني احتجا فوراً على استقبال المهاجرين. وفي رأي مسؤولين كثر في اليمين، فإنه في وقت تتضاعف الأزمات (الطاقة والوقود والنقل والتضخم)، لا يميل جزء من السكان إلى فكرة الترحيب بالمهاجرين الجدد.

الحكومة الفرنسية ألمحت إلى أن خيار استقبال المهاجرين يعزز الطبيعة الاستثنائية للترخيص الممنوح. يصر بليس بوفاو من الحكومة على أن "هذا القرار لا يشكل سابقة"، وأن "القانون الدولي لا يزال سارياً بصورة واضحة"، شريطة ألّا تتنصّل إيطاليا من التزاماتها في المستقبل. وهو أمر بعيد عن أن يكون مضموناً.

وتصر حاشية وزير الداخلية على أن "شروط قانون البحار مستمرة". ولضمان ذلك بصورة أفضل، يقوم وزير الداخلية بحملة من أجل مؤتمر دولي يتم تنظيمه على نحو عاجل من أجل "تذكير الجميع بمسؤولياتهم".  فرنسا، في هذه الحالة، مهمتها تقديم المساعدة إلى هؤلاء المهاجرين، أي بضع عشرات ممن تستقبلهم في أراضيها، لفترة من الوقت، ثم دراسة الملفات "كل حالة على حدة" .

بالفعل، تستعد الحكومة الفرنسية لدراسة "طلبات الإقامة أو اللجوء في الأراضي الفرنسية"، والتي يتلقاها المهاجرون "الذين يرغبون في تقديمها". لكن وزارة الداخلية تحذّر من أن "الأشخاص الذين ليس لديهم حق الإقامة أو اللجوء في أراضينا سيخضعون لإجراءات الترحيل من دون تأخير". 

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان يرى أن "سلوك إيطاليا يمثّل تحدّياً للقانون الدولي، وتصرف غير مسؤول". ورداً على ذلك، أعلن الوزير "تعليق جميع عمليات الترحيل لمصلحة إيطاليا".  ويتمثّل ذلك، في البداية، بـ"حظر 3500 مهاجر عند حدودنا، كان من المقرر نقلهم بحلول صيف عام 2023"، و"تعزيز الضوابط عند حدود فرنسا الداخلية مع إيطاليا".

وتشكّل ليبيا نقطة عبور مهمة لعشرات آلاف المهاجرين، الذين يسعون كل عام للوصول إلى أوروبا عن طريق السواحل الإيطالية، التي تبعد عنها نحوالى 300 كيلومتر.

وتشهد إيطاليا هذا العام زيادة حادة في عدد الذين دخلوا أراضيها عن طريق البحر، بحسب أرقام وزارة الداخلية، التي تفيد بأن 88100 شخص وصلوا إلى سواحلها منذ كانون الثاني/يناير في مقابل نحو 56 ألفاً و30400 على التوالي خلال الفترة نفسها من عامَي 2021 و2020، وهما عاما الأزمة. 

وقالت منظمة "أس أو أس ميديتيرانيه" إنّ إنزال المهاجرين في فرنسا "أمر يجب ألّا يتكرّر". وأضاف مدير العمليات في المنظمة كزافييه لوث أنّ المنظمة ستعود إلى البحر "لأن هناك أكثر من 20 ألف وفاة منذ عام 2014 في البحر الأبيض المتوسط، ولا نقبل أن يصبح هذا البحر مقبرة".

تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة وجّهت إلى إيطاليا والاتحاد الأوروبي نداء تضامن بشأن المهاجرين. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في بيان، إن "السياسة لا يجب أن تُمارَس على حساب أشخاص وقعوا في محنة".

اخترنا لك