جزر مالفيناس تجدد التوتر بين الأرجنتين وبريطانيا

النزاع حول جزر مالفيناس يعود من جديد إلى الواجهة بعد تقديم الأرجنتين احتجاجاً رسمياً إلى المملكة المتحدة رفضاً لعزم الدولة الأخيرة إجراء مناورات عسكرية فيها.

  •  جزر مالفيناس
    جزر مالفيناس

قدمت الحكومة الأرجنتين احتجاجاً رسمياً إلى المملكة المتحدة رفضاً لعزم الأخيرة إجراء مناورات عسكرية في مالفيناس (جزر المالوين)، وهي الأراضي التي تعتبرها الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية ملكاً لها، منددةً في الوقت نفسه بإشراك مجموعة عسكرية من كوسوفو.

بالتزامن مع هذا الاحتجاج، استدعت وزارة الخارجية الأرجنتينية سفيرة المملكة المتحدة في بوينس آيرس، كيرستي هايز، وبلّغتها رفضها لهذه التدريبات ولإدخال عناصر عسكرية جديدة إلى جزء لا يتجزأ من الأراضي الأرجنتينية الشرعية.

وتم تسليم مذكرة الاحتجاج الرسمية إلى الدبلوماسي البريطاني من قبل وزير جزر المالوين والقارة القطبية الجنوبية.

أحقية السيادة

وفق الأرجنتين، فإنّ وجود حدود بريطانية على مقربة منها يعد أحد آثار الاستعمار، في حين تعتبر بريطانيا، التي سيطرت على الجزيرة عام 1833، أنّ مصير السيادة مرتبط بتقرير السكان لذلك.

وبشكل شبه دائم سعت الأرجنتين لإثارة القضية في المنابر الدولية، إذ حصلت في عام 1940 على تأييد مؤتمر الدول الأميركية الذي عقد في العاصمة الكوبية هافانا، حيث أقرت الدول الأعضاء أحقيتها في استعادة الجزر.

وفي 6 كانون الأول/ ديسمبر 1946، خلال الدورة الأولى للجمعية العامة، أبدى وفد الأرجنتين تحفظاً مفاده أنّ حكومة الأرجنتين لا تعترف بالسيادة البريطانية على جزر فوكلاند (مالفيناس)، وأبدى وفد المملكة المتحدة تحفظاً موازياً مفاده أنّ حكومته لا تعترف بسيادة الأرجنتين على هذه الجزر.

وجرت مفاوضات بين بريطانيا والأرجنتين عام 1971 في بوينس آيريس، بهدف التوصل إلى صيغة تربط الجزر بالأرجنتين، وتوصل البلدان إلى اتفاق يحقق الاندماج التدريجي لسكان الجزر مع الأرجنتين، لكن العلاقات بين البلدين شابها تدهور كبير.

الحرب بين البلدين

  • جنود أرجنتينيون يتناولون طعام الغداء في قاعدة مشاة البحرية الملكية السابقة المدمرة جزئياًً في 13 أبريل 1982
    جنود أرجنتينيون يتناولون طعام الغداء في قاعدة مشاة البحرية الملكية السابقة المدمرة جزئياًً في 13 أبريل 1982

في 2 نيسان/أبريل من العام 1982، قامت الأرجنتين بعد تولي الجنرال غالتيري الحكم بغزو عسكري للجزر من أجل استعادة سيادتها عليها، فواجهتها بريطانيا بأسطولها البحري والجوي في حرب انتصرت فيها يوم 14 حزيران/يونيو 1982، بعد مقتل 750 عسكرياً أرجنتينياً و250 بريطانياً.

من أبرز التصريحات التي نشرت بعد الحرب، هو اعتراف مسؤول عسكري فرنسي سابق، بأن بلاده خدعت بريطانيا، خلال الحرب الشهيرة، بعدما رفضت إخبارها بكيفية تعطيل صواريخها المخيفة "اكسوسيت"، التي أودت بحياة العشرات من جنود البحرية، بعدم مشاركة تقنية "مفتاح القتل"، لأن باريس لم ترد تسليم "مفاتيح خزانتها" إلى منافسها في تجارة الأسلحة، وفق ما نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

ووفق الصحيفة، فقد استخدمت القوات الأرجنتينية صواريخ "إكسوسيت" الفرنسية الصنع ضد مدمرات بريطانية، متسببة في خسائر فادحة ومقتل 46 من بحارتها.

وفي العام 1990 عادت العلاقات الدبلوماسية بين بيونس إيرس ولندن، لكن موقفي الدولتين لم يتغيرا إزاء جزر المالوين، فالدستور الأرجنتيني ينص على أنّ هذه الجزر جزء من التراب الوطني، كذلك البريطانيون لا ينوون الاستغناء عن الأرخبيل الإستراتيجي.

وثائق جديدة

  • رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر تلتقي بأفراد على متن HMS Antrim عام 1983
    رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر تلتقي بأفراد على متن HMS Antrim عام 1983

على الرغم من انتصار المملكة المتحدة إلا إلا أن ما حصل في الحرب، أدى إلى نشوب خلاف في بريطانيا، فعام 2013، كشفت وثائق خاصة من أرشيف رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر النقاب عن رفض بعض الأعضاء الكبار في حزب المحافظين الحرب بشأن الجزر.

وجاء في مذكرة صادرة من مكتب قيادات من حزب المحافظين بالبرلمان تأييد بعض النواب المحافظين لرد فعل عسكري في أعقاب غزو الأرجنتين للجزر عام 1982، ولكن البعض الآخر من النواب كانوا يعارضون هذا الإجراء سراً.

وتظهر الوثائق التي نشرها الموقع الإلكتروني "margaretthatcher.org" عمق الخلاف الذي دب بين قيادات الحزب بشأن الجزر. ونقل زعيم المحافظين بالبرلمان عن أحد نواب الحزب قوله: "سوف نرتكب خطأ كبيراً".

ومطلع هذا الشهر، أعلنت الأرجنتين عن رقمنة العديد من الوثائق ذات الصلة التي تشير إلى مطالبة الدولة بجزر مالفيناس وتم توفير التسليم الأول على صفحة الويب "Malvinas Unites Us".

وتأتي هذه المبادرة  في إطار "جدول مالفيناس 40 عاماً" ، والتي تسهل وصول الجمهور إلى مجموعة من المحفوظات والوثائق المتعلقة بمسألة مالفيناس والمتاحة للقراءة أو التفريغ من الويب.

والهدف من هذا الإجراء هو المساهمة في الإفراج عن الحجج الأساسية لدعم الحقوق المشروعة للأرجنتين في جزر مالفيناس وجورجيا الجنوبية وساندويتش الجنوبية والمساحات البحرية والجزرية المجاورة.

اخترنا لك