دهاء الفلاح المقاوم..فلسطيني يروي قصة والده في عملية رنتيس

الفلسطيني عطالله تميمي يروي قصة والده في عملية رنتيس عام 1968م، والتي استهدفت ضباطاً من الاحتلال في منطقة رنتيس الفلسطينية.

  • دهاء الفلاح المقاوم..فلسطيني يروي قصة والده في عملية رنتيس
    دهاء الفلاح المقاوم..فلسطيني يروي قصة والده في عملية رنتيس

ما زالت تفاصيل عملية رنتيس حاضرة في ذهن عطالله التميمي، ومشاركة والده المتوفى، تميم، فيها.

حدث ذلك عام 1968، حينما كان أبو عمار في القدس المحتلة، يقول عطالله. وأنّ التواصل معه لتنفيذ تلك العملية كان من خلال أبو فراس (وهو الشخص نفسه الذي كان يُمد المطران هيلارون كابوتشي بالسلاح).

استهدفت العملية ضباطاً من الاحتلال في منطقة رنتيس، وكانت المجموعة القائمة عليها مؤلفة من عدد كبير من الفدائيين، وتميم والد عطالله واحد منهم.

في السابع عشر من نيسان/أبريل عام 1968، في يوم ماطر وظلام دامس، توجه تميم، البالغ من العمر 63 عاماً، من قريته، النبي صالح إلى قرية رنتيس التي تبعد 16 كيلومتراً، سيراً على الأقدام، ليزرع فيها لغماً روسياً متفجراً (يسميه الفلسطينيون الكعكة).

وبعد زراعة اللغم، عاد تميم جرياً إلى قرية، النبي صالح، حتى إنه في الطريق فقد "فردة" من حذائه، ما اضطره إلى استكمال الطريق حافياً، وعاد إلى المنزل متعباً متورّم القدمين، فنام.

في الصباح، يسأل ابنه عطالله: "هل سمعت صوت انفجار في الليل". أجابه: نعم. كان ذلك صوت انفجار للغم الذي زرعه تميم وأودى بحياة 6 ضباط من قوات الاحتلال ".

تمكنت قوات الاحتلال من اعتقال عدد من عناصر المجموعة، وكانت مصمّمة على معرفة مكان تخزين السلاح الذي عادة ما كان يخزن في أرض تميم في قرية النبي صالح.

عثرت قوات الاحتلال على الأرض وفتشتها، لتجد فيها رشاشات وسلاحاً، واعتقلت تميم.

آنذاك، كان الاحتلال يعمل ببروتوكول للتحقيق، مفاده الاستمرار في التعذيب الشديد والوحشي 90 يوماً، وعلى نحو متواصل لإجبار المقاومين على الاعتراف. أدرك تميم أن الصمود الشاق في هذه الفترة سيكون الطريقة الوحيدة للخروج من الأسر.

في جولة من جولات التحقيق التي ترافقت مع أشكال التعذيب المختلفة، يمر تميم بجانب زنزانة أحد زملائه في المجموعة المنفذة للعملية، ليُهمس في أذنه: "زهير، شو ما بسألوك، احكيلهم "لأ أو "ما بعرف"، إذا قلت "آه" بتروح فيها".

على امتداد رحلة التعذيب المستمرة، اعترف عدد من العناصر تحت التعذيب، فحكم على بعضم بأحكام مغلّظة ونفي بعضهم آخر.

بالنسبة إلى تميم، تمكن من اجتياز عتبة الألم الممتدة على مدار 90 يوماً، ولم تتمكن قوات الاحتلال فيها من انتزاع اعترافه. وكلما حاولت المحققون توريطه في اعتراف ما، كان أكثر دهاء منهم..

يروي عطالله على لسان والده تميم: "كلما توتر المحقق وغضب، عنى ذلك أنه أضعف منك".

بعد تخلية سبيل تميم، حكم عليه بالإقامة الجبرية، وتوقيع إثبات وجود يومي، واستمر ذلك إلى عام 1993، إلى أن أمكنه مغادرة فلسطين لتأدية مناسك العمرة.

في سياق متصل، يروي عطالله تجربته الشخصية في الاعتقال والتحقيق، التي تكرّرت 6 مرات، كان السجن لمدة 5 أعوام واحدة منها.

في عام 1982 تحدّث تميم عن مجموعة فدائية حاولت تنفيذ عملية في الداخل بتخطيط الشهيد خليل الوزير، أبو جهاد.

يروي عطالله تفاصيل اعتقاله في السادس والعشرين من آب/أغسطس 1982، حيث أسره في "تل أبيب"، الشاباك، واضعاً كيساً على رأسه ومقيّداً أطرافه الأربعة. اعتقد عطالله، في البدء، أنها عصابة، ولا سيما أنهم تحدثوا بالعبرية عبر الهاتف، قائلين: "البضاعة وصلت".

اكتشف لاحقاً أنه في المسكوبية، وبيد استخبارات الاحتلال، ونقل غير مرة بين نابلس ورام الله.

إذا كان الاحتلال يعتقد بأن الآباء يموتون والأبناء ينسون، فلتميم وعطالله رأي آخر، إذ إن كليهما تعرّض للسؤال نفسه وللتهمة نفسها، حيازة سلاح.

توجّهت قوات الاحتلال إلى منزل عطالله (منزل تميم)، لتجد في حيازة الوالد تميم "خرطوش"، وتحكم عليه هو الآخر بـ3 أشهر سجناً، أما عطالله، فحكم عليه بـ5 سنوات.

أخيراً، يقول عطالله إن أبناءه وأبناء إخوانه يشبهون جدهم، بحيث أنهم يتعرضون لإطلاق الرصاص، "ترفع اللافتات لهم كشهداء" ونكتشف بسرعة أنهم أحياء، وحتى الطلقة في الرأس لم تتمكّن منهم. 

اخترنا لك