قراءة الإعلام الإسرائيلي لعملية القدس المحتلة: مرحلة جديدة من التصعيد
العملية الفدائية المزدوجة، والتي نُفِّذت في مدينة القدس المحتلة، تحتلّ العناوين الرئيسة في الإعلام الإسرائيلي.
-
العملية الفدائية المزدوجة، والتي نُفِّذت في مدينة القدس المحتلة، تحتل العناوين الرئيسة في الإعلام الإسرائيلي
بقيت العملية الفدائية المزدوجة، والتي نُفِّذت في مدينة القدس المحتلة، الأربعاء الماضي، في رأس جدول الاهتمام والمتابعة في "إسرائيل"، وحظيت بتغطية واسعة من وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ورأى معلّقون إسرائيليون أن العملية تدُلّ على بداية تصعيدٍ شديد في المواجهة الإسرائيلية – الفلسطينية، وأنّها حدث متباين عمّا كان يجري في الأعوام الأخيرة، وتُذكّر بانتفاضة الأقصى.
وأشار معلقون آخرون إلى أن عملية القدس تَدُلّ على وجود فشل استخباري إسرائيلي، ودَعَوا إلى زيادة التشدد إزاء الساحة الفلسطينية، أمنياً وسياسياً.
وبرز في التغطية الإعلامية الواسعة في "إسرائيل" تركيز خبراء ومعلقين على النقاط التالية:
مرحلة جديدة من التصعيد
رأى محلل الشؤون الفلسطينية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، آفي يسخروف، أن عملية القدس تؤكد ما كان يُحذّر منه كثيرون في "إسرائيل" منذ أشهر: "نحن فقط في مستهل تصعيدٍ أشدّ في المواجهة الإسرائيلية – الفلسطينية".
ولفت يسخروف إلى أن هذه العملية حدث متباين عمّا كان يجري في الأعوام الأخيرة، مضيفاً أن حدوث هجوم مخطَّط، في ساحتَين بالتوازي، مع تفجير بواسطة هاتفٍ خلوي، أمرٌ متباينٌ كثيراً عن هجمات "الذئاب المنفردة"، التي لم تُخطَّط سلفاً، وأمرٌ يدلّ على وجود بنية تحتية تعمل، على ما يبدو، بمساعدة فلسطينيين يحملون الهوية الزرقاء من القدس الشرقية المحتلة، ويمكن أن تكون هذه البنية التحتية مرتبطة بالخارج أو بقطاع غزة، مؤكداً أن هذه العملية "تُذكّر بالأيام الرهيبة والمنسية لانتفاضة الأقصى".
اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي يؤكد اختراق كاميرا توثق انفجاري القدس: فضيحة خطرة جداً
بدوره، أشار مراسل الشؤون العسكرية والأمنية في موقع "مكور ريشون"، نوعام أمير، إلى أنه بخلاف الانتفاضة الثانية، فإن "هذه الموجة لديها أداة مساعدة مهمة، على شاكلة الشّبكات الاجتماعية، والقدرة على الربط بين الكراهية والقنبلة وتطبيق، مثل تيك توك". لذلك، فهي خطيرة ومقلقة جداً.
وفي سياق ذي صلة، قال قائد شرطة الاحتلال الإسرائيلي السابق في القدس المحتلة، آرييه عاميت، لـ"القناة الـ 12" الإسرائيلية، إنّ "هذا الجيل من الفلسطينيين مغاير، فهو جيل أكثر احترافية، وأكثر تعلّماً".
وفي مقابل حديث معلقين عن الشَّبَه بين عملية القدس المحتلة والعمليات التي كانت تحدث خلال انتفاضة الأقصى، رأى محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنه يجب توافُر محرِّك شعبي كي يكون ما يجري بمنزلة انتفاضة، وحالياً لا توجد مشاركة شعبية واسعة في الجانب الفلسطيني، مشيراً إلى أن "إسرائيل" أحسنت في تجنّب حدوث ذلك.
تباين بشأن تحديد الجهة المنفذة
وصدر عن المعلقين الإسرائيليين أكثر من رأي بشأن هوية الجهة المنفذة لعملية القدس المحتلة، فرجّح نوعام أمير أن يكون من نفّذ الهجوم، وخطَّطه، وموَّله، وأخرجه إلى حيز التنفيذ، هو "عربي إسرائيلي" من القدس الشرقية المحتلة، وهو أمر "مُقلق جداً"، بحسب تعبيره، لأنه "إذا بدأ يتفجّر هنا مخربون من البيت، فسنجد أنفسنا في سيناريو غير سهلٍ أبداً".
في المقابل، قال معلق الشؤون العسكرية في قناة "كان"، روعي شارون، إنّ "الهجوم في القدس، يذكّر بأسلوب عمل الجبهة الشعبية، التي نجحت في الأعوام الأخيرة في العمل من تحت رادار المؤسستين الأمنية والعسكرية، وفاجأتهما أكثر من مرة".
أما عاموس هرئيل، فلفت إلى أن "الجهة المنفذة قد تكون منظمة كحركة الجهاد الإسلامي، أو حركة حماس".
بدوره، ألمح معلّق الشؤون العربية في "القناة الـ 13"، تسفي يحزكلي، إلى مسؤولية عناصر من حركة فتح عن العملية، بقوله إن "فتح أقوى من حماس في منطقة القدس".
عوامل محفِّرة على زيادة التوتر
وتحدّث معلقون إسرائيليون عن عدة عوامل تساهم في رفع مستوى التوتر في الساحة الفلسطينية ضد الإسرائيليين، منها إشارة آفي يسخروف إلى أنه يمكن ملاحظة وجود ضعف مستمر في مكانة السلطة الفلسطينية، "التي يلفّ مستقبلها الغموض"، الأمر الذي يدفع إلى طرح علامات استفهام بشأن رغبة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وقدرتها على في المحافظة على الهدوء في المناطق الفلسطينية.
بدوره، تحدّث مدير قسم الأخبار في قناة "i24NEWS" الإسرائيلية، آرييل شميدبرج، عن أن التوقيت الحالي، الذي تجري فيه مساعٍ لتغيير الحكومة الإسرائيلية، لا يساهم في الاستقرار الأمني، لافتاً إلى أن المنظمات الفلسطينية تُدرك ذلك، وتستغّل الوضع.
وأضاف آفي يسخروف أنه "لا يمكن تجاهل أمرٍ، مفاده أن الحكومة، المفترض قيامها في إسرائيل قريباً، هي الأكثر تطرّفًا إلى اليوم، كما أن بعض أعضائها (المتشددين) يُثير الغضب وسط الجمهور الفلسطيني، فتولّي عدد منهم مناصب رفيعة سيؤدّي إلى إثارة مزيد من الغضب والإحباط لدى الفلسطينيين، الّذين يمكن أن يقوموا بتنفيس غضبهم وإحباطهم عبر هجماتٍ ضد أهدافٍ إسرائيلية".
اقرأ أيضاً: حزب الله عن عمليتي القدس: رسالة تيئيس للصهاينة بأن لا مكان لكم في فلسطين
بالإضافة إلى ذلك، حذّر يسخروف من أن "أعضاء في الحكومة الجديدة يُتوقع أن يبادروا بأنفسهم إلى خطوات ستثير العواصف في الجانب الفلسطيني".
عامل آخر تحدّث عنه يسخروف، يزيد في الحافز على "ممارسة العنف ضد أهدافٍ إسرائيلية"، ويُشير إلى أن التوجّه هو نحو تصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هو "الأرقام" التي لا تكذب، بحسب يسخروف، إذ "قُتل خلال البعام الحالي، 140 فلسطينياً في أحداث أمنية، و30 إسرائيلياً في هجمات"، وفقاً له.
بالإضافة إلى ذلك، تمّ إحباط 330 هجوماً، استُخدم فيها إطلاق نار، و34 هجوماً عبر عبوات، و"هجومَين انتحاريَّين" في أنحاء "إسرائيل" والضفة الغربية.
دعوات إلى التشدُّد ضد الفلسطينيين وسط حديث عن فشل استخباري إسرائيلي
وحذّر معلّق الشؤون العسكرية في قناة "كان"، روعي شارون، من أن عملية القدس المحتلة تدل على فشل استخباري إسرائيلي، مضيفاً أن منطقة القدس الشرقية هي نوع من "الثقب الأسود" بالنسبة إلى الاستخبارات الإسرائيلية. وجاراه في كلامه آرييل شميدبرج، الذي رأى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية واجهت إخفاقاً استخبارياً كبيراً، لأن هجوماً من هذا النوع، من شأنه أن يترك آثاراً استخبارية، من خلال فشل جهاز الأمن العام الإسرائيلي ("الشاباك")، في اكتشافها في الوقت الملائم، من أجل منع هذا الهجوم المعقَّد والصعب.
وفي موازاة الحديث عن فشل استخباري، دعا معلقون إسرائيليون إلى التشدد، سياسياً وأمنياً، مع الفلسطينيين، فطالب الكاتب في صحيفة "إسرائيل هيوم"، أمنون لورد، بـ"زيادة صندوق الأدوات قيد الاستخدام لدى أذرع الأمن" في الساحة الفلسطينية، ودعا أيضاً إلى تنفيذ خطوات ذات طابعٍ سياسي، على شالكة "أعمال في مجال الاستيطان"، كي يُظهر لعيون الجمهور الفلسطيني أنه يوجد ثمن لقتل اليهود.
أمّا الدكتور (المستشرق)، مردخاي كيدار، فطالب، من جهته، في مقال كتبه في موقع "مكور ريشون"، بالانتقام الجماعي، عبر "جَبْي ثمنٍ جماعي مرتفع من الفلسطينيين، رداً على أي هجوم".
اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي: عمليتا القدس فشل استخباري.. ونفذتهما خليّة محترفة