قضية المهاجرين في فرنسا تحت الضوء وتباين بين السلطات المعنية

يتذرع الداعون إلى سياسة حازمة ضد المهاجرين بأنه من بين المكاسب غير المتوقعة للمهاجرين في أغلب الأحيان، المساعدة الطبية الحكومية، التي تكلف دافعي الضرائب ما يقرب من مليار يورو سنوياً، ويتم تخصيصها لأكثر من 380 ألف مهاجر غير شرعي.

  • المهاجرون غير الشرعيين في فرنسا (أرشيف)
    المهاجرون غير الشرعيين في فرنسا (أرشيف)

في مقدمة ضغوط الهجرة المتسارعة، مع وجود ما يقرب من 100 ألف طالب لجوء في عام 2021، تُظهر الحكومة الفرنسية الرغبة في تغيير الوضع. الهدف واضح: محاولة بناء سياسة سيادة، لم يكن بالإمكان الكشف عنها حتى الآن، إذ كان الضوء أحمر لفترة طويلة.

وبحسب وزارة الداخلية، فقد ارتفعت جميع "عمليات الترحيل" للأجانب في وضع غير نظامي في عام 2021 بنسبة 8.2% مقارنةً بعام 2020 (13403 مقابل 12384)، لكنها لا تزال بعيدة جداً عن مستوى ما قبل كوفيد لعام 2019، مع 23746 عملية طرد. حالياً، يتم تنفيذ 30% فقط من التزامات مغادرة الأراضي الفرنسية، لا سيما بسبب تعدد الطعون القضائية التي أصبحت مربكة.

في  هذا السياق، أكّد إيمانويل ماكرون أمام المحافظين أنّه بينما يستعد القضاء لتنظيم، من نهاية أيلول/سبتمبر وحتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر، مشاورات واسعة بخصوص هذا الموضوع الملتهب مع جميع الأطراف والشركاء الاجتماعيين والجمعيات وممثلي المجتمع المدني، فإن "مشروع قانون بشأن اللجوء، وبالتالي الهجرة إلى الجمهورية، سيتم طرحه في عام 2023".

وسيشمل الإجراءات الـ15 التي أعلن عنها وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، هذا الصيف والتي تأخذ، بطريقة مفترضة تماماً، توصيات التقرير التحليلي الذي قدمه السناتور  فرانسوا نويل بافيت في حزيران/يونيو الماضي.

"الحزم والإنسانية"

في حين أن استراتيجيي وزارة العدل يشدّدون لهجتهم من خلال اقتراح إعلان عمليات الطرد بمجرد رفض طلب اللجوء وتسريع عمليات الترحيل، لا يزال رئيس الدولة يحاول الجمع بين "الحزم" و "الإنسانية". حتى لو كانت هذه الوصفة قد هزّت الأغلبية بالفعل في عام 2018، بعد قانون "اللجوء والهجرة" الذي أقره وزير الداخلية السابق جيرار كولومب. وأوصى رئيس الدولة بإدماج أسرع وأفضل بكثير لمن لديهم لقب موقت من حيث اللغة والعمل.

بطريقة بهلوانية، والتعبير هنا لجريدة "الفيغارو" يقترح ماكرون أن هذا يؤدي إلى توزيع أفضل للأجانب في "الأماكن الريفية التي تفقد سكانها". بالرغم من عدم وجود ما يشير إلى أن الأطراف المعنية الرئيسية مهتمة بالحياة الرعوية، أو أن سكان الريف ينظرون إلى "عمليات التوطين" بعين جيدة، أثارت الفكرة غضباً شديداً. لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، حتى علت الأصوات بالشكوى.

لكن رئيس الجمهورية لا يتزحزح: إنه يريد في بداية ولايته الثانية أن يضع حداً لـ "سياسة عبثية" "غير فعالة وغير إنسانية". قال رئيس الدولة، مستهلاً محورين: "غير فعال لأنّنا نجد أنفسنا مع عدد أكبر من الأجانب في وضع غير نظامي أكثر من العديد من جيراننا، غير إنساني لأن هذا الضغط يعني أنهم كثيراً ما يتم استقبالهم بشكلٍ سيئ".

وبالنظر إلى أن "لدينا نظاماً للمساعدات النقدية والاجتماعية والطبية أكثر سخاء بكثير من جميع جيراننا"، فإنه يقترح، ضمنياً، إمكانية إعادة النظر في المزايا التي تجعل فرنسا مغناطيساً قوياً بشكلٍ غير عادي لجماعات المرشحين المنفيين.

ويتذرع الداعون إلى سياسة حازمة ضد المهاجرين بأنه من بين المكاسب غير المتوقعة للمهاجرين في أغلب الأحيان، المساعدة الطبية الحكومية، التي تكلف دافعي الضرائب ما يقرب من مليار يورو سنوياً، ويتم تخصيصها لأكثر من 380 ألف مهاجر غير شرعي. الخبراء، الذين يقدرون عدد المهاجرين غير الشرعيين على الأراضي الوطنية بين "600 ألف و 700 ألف"، يذكرون أيضاً أن المساعدات لطالبي اللجوء، والتي تقدر قيمتها بـ 500 مليون يورو، تم دفعها إلى 100 ألف شخص حتى قبل الأزمة الأوكرانية.

أخيراً، إضافة إلى ما يقرب من 2 مليار يورو التي ستكلفها المساعدة للأجانب القُصّر غير المصحوبين بذويهم، كما كشف جيرالد دارمانين في بداية شهر آب/أغسطس في لوفيغارو، "يمثل الأجانب اليوم 7% من سكان فرنسا ويرتكبون 19% من أعمال الجنوح"، بحسب تقارير وزارة الداخلية التي يشكك بها المدافعون عن المهاجرين. وبحسب إحصاء في تموز/يوليو الماضي، فقد تم طرد 2751 منهم. وتحت ضغط اليمين المتطرف واليمين التقليدي يقول المنادون بسياسة معاكسة للهجرة إنه حان الوقت لفرنسا للعثور على بوصلة وتحديد مسار سيكون بالتأكيد موضع جدالات وخلافات عميقة بين أطياف المجتمع الفرنسي المنقسم حول القضية.  

اخترنا لك