كيف أصابت شظايا الهجوم الروسي الأخير بروكسل مباشرة؟
ردّة الفعل الأوروبية العنيفة على الغارات الروسية التي استهدفت 20 منشأة أوكرانية، قبل أيام، يطرح علامات استفهام حول قيمة ونوعية الأهداف.
-
كيف أصابت شظايا الهجوم الروسي الأخير بروكسل مباشرة؟
أدّى الهجوم الروسي، يوم الاثنين الماضي، 10 تشرين الأول/أكتوبر، على مجموعة من 20 منشأة أوكرانية، إلى مقتل 14 شخصاً وإصابة نحو 100 آخرين، وهذا العدد من الضحايا قد يسقط مضاعفاً يومياً في حرب كالحرب الدائرة هناك.
لكن ردّة الفعل الأوروبية، وتحديداً على هذه الغارات واعتبارها "جريمة حرب" أو وصفها بالعمل الإرهابي، يطرح علامات استفهام حول قيمة ونوعية الأهداف التي استهدفتها الغارات الروسية.
من بين الأهداف التي استهدفت، 4 منشآت لتوليد الكهرباء اثنتان منها في كييف، وواحدة في لفيف وأخرى في بورشتين (مقاطعة إيفانو فرانكيفسك).
هذه المحطات دُمّرت بشكلٍ شبه كامل، وأعلن وزير الطاقة الأوكراني، هرمان هالوتشينكو، أنّ 30% من البنية التحتية الخاصة بتوليد الكهرباء في البلاد، استهدفت في هذه الغارات.
وأضاف إنها المرة الأولى "التي تستهدف فيها روسيا بهذا الشكل البنية التحتية لتوليد الكهرباء منذ بدء الحرب"، الأمر الذي دفع الحكومة الأوكرانية إلى اتخاذ قرارٍ مؤلم بالنسبة إليها وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، عبر وقف تزويد أوروبا بالكهرباء، وهنا يكمن سبب ردّة الفعل الأوروبية العنيفة.
لنعد إلى الوراء قليلاً، وتحديداً إلى نهاية شهر شباط/فبراير الماضي، أي بعد أيامٍ قليلة على بدء الحرب، عندما فكّت أوكرانيا شبكات توليد الكهرباء الخاصة بها عن الشبكات الروسية، وهي شبكات متصلة منذ عقود طويلة (عندما كانت أوكرانيا ضمن الاتحاد السوفياتي).
وفي 16 آذار/مارس، وصلت كييف شبكاتها بالشبكة الأوروبية عبر مولدافيا ورومانيا، وبدأت بتزويد رومانيا أولا بـ100 ميغاواط من الكهرباء، وعلى الفور بدأت أعمال توسيع الشبكة لرفع مستوى التزويد بالكهرباء إلى الحدود القصوى.
وفي مطلع شهر تموز/يوليو الماضي، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيكينسكي أنّ أوكرانيا بدأت تصدير الكهرباء بنسبة "مهمة" إلى الاتحاد الأوروبي، عبر رومانيا، وهذه "ليست سوى خطوة أولى". وأضاف: "نحن نستعد لزيادة شحنات الكهرباء الأوكرانية ويمكن أن تحل هذه الكميات محل جزء كبير من الغاز الروسي الذي يستهلكه الأوروبيون".
وفي اليوم ذاته، غردت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في تويتر قائلة: من اليوم، يمكن لأوكرانيا تصدير الكهرباء إلى سوق الاتحاد الأوروبي، وسيوفر هذا مصدراً إضافياً للكهرباء لدول الاتحاد، وإلى الدخل الذي تحتاجه أوكرانيا، لذا فنحن فائزان".
واعتباراً من 10 تموز/يوليو، أعلنت أوكرانيا أنّ جميع الخطوط الأوكرانية المطلوبة جاهزة لتصدير الكهرباء إلى رومانيا والمجر وسلوفاكيا وبولندا، وبحلول نهاية العام الجاري، كانت تتوقع كييف أن تصل قدرة تزويد الكهرباء للأوروبيين إلى 1.7 ميغاواط، وإلى 2.2 ميغاواط خلال العام المقبل، وفي المقابل تكسب أوكرانيا نحو 1.5 مليار يورو حتى نهاية العام 2022.
كما توصلت أوكرانيا والاتحاد الاوروبي في اجتماع لوزراء الطاقة في منتصف تموز/يوليو الماضي إلى صفقة من أجل تكثيف تجارة الطاقة مع أوكرانيا بما يؤمن للأوروبيين توفير 6 مليارات متر مكعب من الغاز، لن يضطر الأوروبيون لحرقها من أجل الكهرباء، ويساهم في توفير ما يكفي لتمضية فصل الشتاء، وفي المقابل تحصل أوكرانيا على ما يكفي من المال لتسديد الديون.
لكن الهدف الرئيس الذي يطمح إليه الاتحاد الأوروبي، هو استكمال أعمال إنشاء شبكات ضخمة قادرة على نقل الكهرباء أبعد من الدول الأوروبية الشرقية القريبة من أوكرانيا التي ستسفيد أولاً من الكهرباء الأوكرانية الرخيصة والنظيفة (نصف الكهرباء المنتجة في أوكرانيا من أصل نووي)، ما سيؤمن الكهرباء الى أكثر من 400 مليون مستهلكٍ أوروبي ويتيح للأوروبيين الفرصة للتخلص نهائياً من سيف الغاز الروسي المسلط على رقبة بروكسل.
أوكرانيا التي أعلنت عن وقف تزويد أوروبا بالكهرباء، لا تتوقع استئناف العمل بمنشآتها في وقتٍ قريب.