مؤتمر لندن يحشد الدعم لإعمار أوكرانيا.. أيّ معايير تحكم تعويضات الحروب؟
مؤتمر لندن يحشد الدعم لإعمار أوكرانيا ولكن من جيب روسيا، ودول الغرب الأطلسي التي تناوبت على المؤتمر الدولي تنأى بنفسها عن فاتورة الحرب التي جنّدت لها كل مخازن السلاح.
تسلّط دول الغرب الأطلسي أضواءها على ضرورة إعادة إعمار ما دمّرته الحرب في أوكرانيا من خلال مؤتمرٍ عقده حلفاء كييف في لندن قرروا فيه زيادة المساعدات المالية.
أكثر من ستين دولةً اجتمعت على مدى يومين متتاليين صبّت اهتمامها على إصلاح البنية التحتية الأوكرانية وإزالة الألغام وإعادة إطلاق الاقتصاد وتمويل الخدمات العامة، ومن جهةٍ ثانية طالبت روسيا بدفع تكاليف هذه العملية.
المساعي لدفع التعويضات لأوكرانيا تترأّسها الولايات المتّحدة الأميركية التي لم تقم يوماً بدفع تعويضٍ عن حربٍ شنّتها أو شاركت بها، فعشر سنواتٍ من الحرب الكونية على سوريا بدعمٍ مباشِرٍ من واشنطن تسبّبت في مقتل مئات آلاف المدنيين وتهجير الملايين، ولم يبقَ فيها حجرٌ على حجر، وحتى اليوم ما زالت القوات الأميركية تصادر النفط السوري وتدعم التوترات شرقاً وشمالاً.
كذلك الأمر في أفغانستان التي شهدت على احتلالٍ أميركيٍ استمرّ عشرين عاماً، سقط خلاله مئات الآلاف من القتلى والجرحى وصودِر اقتصاد البلد. والعراق ما زال حتى اليوم يعاني من تداعيات الاحتلال الأميركي الذي تسبّب بأزماتٍ تلاحق هذا البلد حتى يومنا هذا.
أمّا اليابان فلا تغيب عنها ويلات القنبلة الذرّية الأميركية التي فتكت بها وبسكّانها. وفيتنام وألمانيا وغيرها من الدول التي ساهمت الولايات المتّحدة في تدميرها بشكلٍ مباشر أو غير مباشِر.
وفي هذا الصدد، قال محلل الميادين للشؤون الأوروبية والدولية، موسى عاصي إنّ "الأصوات ترتفع أكثر في هذه المرحلة لمصادرة أموال روسيا من أجل إعادة إعمار أوكرانيا".
وأشار إلى أنّ "العين على الأرصدة الروسية التي توازي ما بين 350 الى 400 مليار دولار الموجودة اليوم في مصارف الدول الغربية"، مؤكداً أنه "لا يوجد هناك أي مسوّغ قانوني دولي يسمح للدول وللمصارف الغربية بالتصرف بأموال مجمّدة حتى ولو كانت هذه الأموال عائدة لدولة تشنّ حرباً على دولة أخرى".
وأضاف أنه "عندما نصل إلى هذه المرحلة، وربّما نصل إليها، فإنّنا نكون قد شرّعنا الأبواب وسحبنا البساط من تحت كل القوانين والأعراف الدولية وشرّعنا الأبواب إلى لغة الغابة".
هل سنرى تطبيقاً للتهديدات الأوروبية بمصادرة أموال #روسيا المجمدة من أجل إعادة إعمار أوكرانيا؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 22, 2023
محلل الميادين للشؤون الأوروبية والدولية موسى عاصي في #التحليلية @moussaassi @wafasarayaaridi pic.twitter.com/CcHWBaMaxI
بدوره، ذكر محلل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، نزار عبود، أنّ "الرئيس الروسي أصدر مرسوماً في آذار/مارس الماضي نصّ بموجبه على ضرورة الرد على إجراءات المصادرة التي تقوم بها الدول الغربية".
وأضاف عبود: "يجب أن نعلم أنّ هناك استثمارات غربية في روسيا تقدَّر بأكثر من 525 مليار دولار وهي تعود لشركات كثيرة معظمها طبعاً خاصة، الكثير منها في القطاع النفطي، ومعظم الشركات ألمانية".
وأشار إلى أنّ "الولايات المتحدة وغيرها من الدول لا سيّما اليابان وبعض الدول سحبت مئة شركة تقريباً من روسيا، لكن هناك 1440 شركة لا تزال في قبضة روسيا وهي يمكن أن تُصادَر أو تُؤمَّم أو تتمّ إدارتها".
وتابع عبود بأنّ "شركتين للطاقة، روسنفت وغازبروم، تمّ وضع اليد عليهما في ألمانيا بحجّة حماية الطاقة الألمانية، وإحداهما تزوّد برلين بـ90% من البنزين، هذا الإجراء جعل روسيا تضع يدها على شركة فنلندية وأخرى ألمانية تتولّيان 11 محطة للطاقة في روسيا وتمّت إدارتها لكن لم تتم مصادرتها أو تأميمها حتى الآن".
وأشار عبود إلى أنّ "هناك قانون في روسيا يجعل إخراج أرصدة هذه الشركات إلى الخارج خاضعة لضريبة عشرين بالمئة، وهناك قانون بأنه لا يجوز بيعها بأكثر من النصف"، مؤكداً أنّ "العواقب على الدول الغربية ستكون وخيمة، والخسائر كبير بالنسبة للشركات، وهذا قد يمتدّ لعقود".
أي عواقب قد تترتّب على مصادرة الأرصدة الروسية المجمدة في الخارج؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 22, 2023
محلل #الميادين لشؤون أميركا والأمم المتحدة نزار عبود في #التحليلية @wafasarayaaridi pic.twitter.com/6kp4TdTE0e
وعن ملفّ إعادة إعمار سوريا، قالت محللة الميادين للشؤون السياسية والثقافية، ديمة ناصيف، إنّ "السيناريو الأرجح في إعادة الإعمار هو أن يكون هناك جهد طويل الأمد وبطيء جداً، ما لم يكن هناك قرارٌ سياسيٌ دولي برفع العقوبات عن سوريا، والسماح باستيراد المواد المطلوبة لهذا الأمر".
وأضافت: "ليس فقط في إعادة الإعمار، نحن نتحدث عن خسائر هائلة في القطاع التعليمي، في قطاع الصحة، في قطاع الصناعة، في القطاع النفطي، في كل القطاعات الاقتصادية".
وأشارت ناصيف إلى أنّ "إعادة الإعمار لا تعني فقط إعادة إعمار بيوت لناس دُمّرَت بيوتها أو اضطُرّت للنزوح أو للجوء، نحن نتحدث عن إعادة إعمار بلد بأكمله".
ما السيناريو الأقرب إلى الحل في سوريا. من سيعوضها بسبب كل هذه الخسائر؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 22, 2023
محللة #الميادين للشؤون السياسية والثقافية ديمة ناصيف #التحليلية pic.twitter.com/mlr8UwnmnW